انتبهوا هذا الطّريق يؤدّي إلى مناطق فلسطينيّة، دخول الإسرائيليّين إليها خطر

عيسى قراقع | بيت لحم- فلسطين

أليس هذا أكثر تعبيراً وتجسيداً لنظام الفصل العنصري الّذي تمارسه دولة إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني؟ من خلال هذه العبارات المكتوبة على الشَّواخص بمختلف اللغات العربية والعبرية والإنجليزية، والمنتشرة في مختلف المناطق الفلسطينية المحتلة، في الشوارع وعلى المفترقات، تحذر الإسرائيليين من دخول المناطًق الفلسطينية؛ لأنّ ذلك يشكّل خطراً أمنيًّا على حياتهم.
الفلسطينيون في الثقافة والتربية القومية الإسرائيلية وحوش وقتلة وشرَّابو دماء، ومن يدخل مناطقهم سيقتلونه ويأكلونه، فلا تقتربوا منهم أيها الإسرائيليون، لا تدخلوا غاباتهم المظلمة ومعازلهم البائسة فهم غير آدميين، لا يعرفون سوى العنف والإرهاب.
انتبهوا أيها الإسرائيليون، لا تتوهوا وتدخلوا بالخطأ إلى مناطق فلسطينية، اقرأوا الإشارات والشّواخص جيداً، لا تنعطفوا يميناً أو يساراً إلا بعد أن تتأكدوا من سلامة الطريق والاتجاه، استعينوا بالجنود على الحواجز، واستعينوا بالكلاب البوليسية المدربة على شم رائحة الفلسطينيين بدقة، وتأكدوا أنكم باتجاه مستوطنة جميلة، وفي شوارع نظيفة مخصصة لكم فقط، وتأكدوا أن الهواء هو هواء الصنوبر وليس هواء الزيتون ورائحة الطابون، وإذا ما اضطررتم أن تركبوا حافلة، تأكدوا أن الحافلة مخصصة لليهودي حسب تعليمات الدولة.
انتبهوا أيها الإسرائيليون، سيروا في الشوارع الالتفافية الواسعة التي شققناها لكم فقط بعيداً عن تجمعات فلسطينية، ستجدون حولها مسافات واسعة من الأراضي التي سيطرنا عليها، بعيدة عن مرمى حجر أو رؤية راعي غنم، أو مشاهدة فلاح يضرب بفأسه أعماق الصخور، هذه الأرض كلها لكم، فكونوا مطمئنين آمنين.
انتبهوا أيها الإسرائيليون، هذه الطريق تؤدّي إلى مناطق فلسطينية، دخولكم إليها يشكّل خطراً على حياتكم، ولأجل راحتكم نصبنا 650 حاجزاً عسكرياً مسلحاً في كل الشوارع، وأقمنا أبراجاً عسكرية مرتفعة لنراقب من فوق هؤلاء الوحوش، حشرناهم داخل جدران إسمنتية عالية وخلف أسلاك شائكة، انظروا إلى التلال من حولكم فقد زرعناها بمستوطنات مترابطة، فقد بلغ عدد المستوطنات 242 مستوطنة في الضفة الغربية والقدس، يعيش فيها 640 ألف مستوطن ونجحنا بعد 29 عاماً على اتفاقيات أوسلو أن نسحب الأرض من تحت أقدام الفلسطينيين تحت يافطة السلام والتسوية المنتظرة.
انتبهوا أيها الإسرائيليون، هذا الطريق يؤدّي إلى مناطق فلسطينية دخولكم إليها يشكّل خطراً على حياتكم، شوارعكم في المساحات الشاسعة، وشوارعهم في القيعان والوديان الوعرة، شوارعكم توصلكم بسرعة إلى القدس وتل ابيب والناصرة، شوارعهم لا توصلهم أبداً، وأن وصلوا يصلون في ساعات متأخرة متعثرة.
لأجل راحتكم ومستقبلكم شَرَّعْنا قانون القومية، فحق تقرير المصير لكم وحدكم أيها الإسرائيليون، لا شعب آخر هنا، لغة الأرض والسماء والمدرسة هي اللغة العبرية، المياه الجوفية كلها لنا، حصتكم من الماء أصبحت كبيرة بعد أن جفَّفنا آبارهم وينابيعهم، ومن أجلكم شرَّعْنا قانون الولاء والنكبة والمواطنة وقانون الضم، وشرَّعْنا منظومتين قضائيتين، وسياسات تأديبية رادعة للعرب، لا تخافوا؛ لأن قوانينا تكرس هرمية المواطنة، والتي تضع اليهودي في قمة الهرم، في حين يكون العربي في أسفله.
انتبهوا أيها الإسرائيليون، هذا الطريق يؤدي إلى مناطق فلسطينية، دخولكم إليها يشكّل خطراً على حياتكم، ومن أجل نقاء العرق اليهودي، هدمنا منازل كثيرة للفلسطينيين، هدمنا قرى وتجمعات سكانية، وضعناهم في معازل لها أرقام أو حروف، حشرناهم وراء بوابات ومكعبات مسلحة، من يتحرك منهم نعدمه أو نسجنه، أو نسحب هُويَّته ونلغي إقامته و نبعده، لا تقلقوا، ثمة أيادٍ كثيرة للدولة تعمل من أجل سلامتكم: يدنا القومية العسكرتارية، ويدنا الدينية والثقافية، ويدنا القضائية والقانونية، جميعها تُعزّز القبضة على الفلسطينيين وتخنقهم.
لا تكترثوا أيها الإسرائيليون لما يقال هنا وهناك، لا تستمعوا لخطاب الرئيس أبو مازن في الأمم المتحدة، أو تقرأوا وثائق وتقارير تتّهم دولة إسرائيل بارتكاب جريمة الفصل العنصري بحق الشعب الفلسطيني، لا تكترثوا لما يقوله “ريتشارد فولك” و “مايكل لينك” و “ايلان بابيه” و “شلومو ساند” و “جدعون ليفي” ومنظمة “بتسيلم” وغيرهم، ابقوا أيها الإسرائيليون فوق دباباتكم وفي طائراتكم وفوق جرافاتكم، لا نريد أن نرى عهد تميمي أخرى تصفعنا على وجوهنا.
انتبهوا أيها الإسرائيليون هذا الطريق يؤدّي إلى مناطق فلسطينية، دخولكم إليها يشكّل خطراً على حياتكم، وانتبهوا أيضا أن ما وراء مناطق مصنفة (أ)، يوجد فلسطينيون يحظر الدخول إليها، لأجل راحتكم زدنا عدد السجون والمعسكرات، نقوم باعتقالات يومية، نصدر بحقهم أحكاماً رادعة في محاكمنا العسكرية، فهم إرهابيون وأنتم أبطال قوميّون، وقد وضعنا تشديدات على مؤسسات حقوق الإنسان التي تزعجنا، منعنا قصائد محمود درويش أن تدرس في مناهجنا التعليمية، إنها قصائد إرهابية، وقدمنا الشاعرة دارين ناطور إلى المحاكمة بسبب نشرها قصيدة بعنوان (قاوموا يا أبناء شعبي قاوموهم)، من أجلكم أصبحت يدنا سريعة ورشيقة على الزناد.
انتبهوا أيها الإسرائيليون هذا الطريق يؤدّي إلى مناطق فلسطينية دخولكم إليها يشكّل خطراً على حياتكم، أينما تنظروا تجدوا مستوطناتنا تتأبط الجبال والوهاد والتلال، شبيبتنا يتسلقون مجدهم الاستيطاني، طردنا الفلسطينيين ألف مرة، قلَّصنا طموحاتهم ودخلنا بيوتهم وغرف نومهم، أسماؤنا التوراتية تشع على كل رصيفٍ وشجرة وحجرٍ وكتاب، لا تخشوا المقلاع والطائرة الورقية، فنحن جيش السماء، نحن جيش الذبح والإبادة البشرية، لا تخشوا ذاكرتهم الأولى، لا عودة لهم للبيت و القرية، مفاتيح حياتهم صارت معنا، ومفاتيح الآخرة.
لا تقلقوا أيها الإسرائيليون، نحن نستند في حمايتكم إلى كتاب توراة الملك، والذي يعطينا التفوق العرقي الديني اليهودي في الحق في الحياة، ويعطينا الأوامر في قتل الآخرين الذين لا معنى لحياتهم، ويعطينا الحق في تخطيط الهيمنة كأداة قوية لها القدرة على التلاعب بالأراضي والمساحات، تؤدي إلى نقل وإزالة واستبدال وتشريد وتشتيت وتركيز الناس، وبناء الأحياء والمستوطنات وإعادة تسمية الأماكن ومَحْوَرَة الموارد المكانية والديمغرافية وترجمة الأجندات الأيديولوجية إلى واقع يقود إلى اختفاء الفلسطينيين من المكان ومن المناهج والكتب المدرسية.
انتبهوا أيها الإسرائيليون هذا الطريق يؤدّي إلى مناطق فلسطينية دخولكم إليها يشكّل خطراً على حياتكم، بذلنا جهداً من أجل أن تسودوا هذه الأرض، عملنا على إزاحة الناس، وحوّلنا المكان إلى فخٍ للفلسطينيين، أعدنا هندسة الجغرافيا والوعي والأولويات لديهم، القوة العسكرية فعلت فعلها، و الأكثر كانت القوة الناعمة، صاروا يفكرون بلقمة الخبز وليس بالمقاومة، تفتتوا وتشتتوا وتكسرت أحلامهم، صار همهم أن يعيشوا فقط، لا مكان لدولتين ولا لدولةٍ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى