الرّوائي الجزائري عبد اللّطيف ولد عبد الله وفيروز بشير شريف وجها لوجه

 ضيفنا هذه المرّة هو الرّوائي الجزائريّ عبد اللّطيف ولد عبد الله. من مواليد ١٤ جوان ٨٨ ١٩
متحصّل على دبلوم هندسة معماريّة، متزوّج وأب لطفلة.نشأته كانت في مدينة معسكر، ويقيم حاليّا في مدينة مستغانم،ويمارس المهنة في مكتب للدّراسات الهندسيّة المعماريّة.نشرت له العديد من المقابالات الصّحفيّة والمقالات عبر عدد من المواقع الإلكترونيّة، والجرائد أهمّها: القدس العربيّ،وإلترا صوت.
_ تحصّل سنة ١٨٠٢ على الجائزة الثّانيّة لعلي معاشي عن رواية “خارج السّيطرة”، منشورات الاختلاف/ منشورات ضفاف ٢٠١٦
_ صدر له ثاني عمل روائي سنة ٢٠١٨ “التّبرّج”، منشورات الاختلاف/ منشورات ضفاف.
_ له رواية قيد النّشر “عين حمورابي”، منشورات مسكلياني(تونس)٢٠٢٠
 ***
لماذا يكتب عبد اللّطيف ولد عبد الله؟ وهل فيه قرّاء معيّنين يكتب لهم؟
بصراحة يصعب عليّ تحديد سبب معيّن اخترت الكتابة لأجله..أنا أكتب لأشارك القارئ أفكاري و أحاسيسي ربّما،ولأخبر الآخرين أنّ ما يشعرون به قد يشعر به أفراد آخرون، أكتب أحيانا بسبب الغضب والرفض، وأحيانا تدفعني الرغبة، للكتابة عن الحياة بكلّ ما فيها.حقيقة كل ما قلته قد يسقط في اللحظة التّالية لأنّي لا أدري لماذا أكتب ولا أرسم مثلا ، أو أمارس النحت، أو التّمثيل! هذا التوجّه لم أخطّط له في البداية ، ولم أفكر فيه وأنا طفل ومراهق. جئت من بعيد..ومن بيئة لا تسمح بالتفكير، ولا بالكتابة، وها أنا الآن معكم.
***
الكاتب الجيّد عليه أن يكون قارئا جيّدا بالضّرورة. من هم كتّابك المفضّلون؟ وما عنوان آخر كتاب قرأته؟
أظنّ بأنّ السّؤال الحقيقيّ الّذي يجب أن نطرحه على الكاتب هو بأيّ لغة تقرأ؟ قد أكتب بالفرنسيّة وأقرأ باللّغتين العربيّة والفرنسيّة. هذه الازدواجيّة تلعب دورا مهمّا في تحديد الخلفيّة الفكريّة للكاتب،لأنّ اللّغة الأجنبيّة تمكنك من الاطّلاع على كتب لا يستطيع أحاديّ اللّغة ربّما قراءتها. إذا كان الغذاء الفكريّ للكاتب متنوّعا من قراءات مختلفة فإنّ الأفق سيزداد اتّساعا، ولكن هذا وحده لا يصنع كاتبا جيّدا،وليس قاعدة طبعا.لا توجد في عالم الكتابة قاعدة محدّدة،هناك من  يتقنون لغة واحدة ويكتبون ببراعة، ولكن تبقى استثناءات. ومن ناحية أخرى هناك ازدواجيّو الكتابة كرشيد بوجدرة مثلا، وأمين الزاوي وعمارة لخوص،
بحيث قد يجد القارئ الشرقيّ صعوبة في القراءة والترجمة لهؤلاء الكتّاب لخصوصيّتهم المغاربيّة، فالرّوائي يثري اللّغة ويتلاعب بها حسب بيئته الثقافيّة، وليست فقط وسيلة جاهزة كما يعتقد البعض، بل هي أداة مرنة ومعقدة في نفس الوقت، قابلة للتمدّد حسب مقدرة الرّوائي في إضافة المعنى للأشياء وإعادة رسكلة الكلمات.شخصيّا أجد متعة خالصة في القراءة لرشيد بوجدرة، لأنّني أجد نفسي كثيرا بين نصوصه، أشعر وكأنّنا نتقاسم سرّا لا يعلمه كلانا هذا إحساسي وأنا أقرأ لبوجدرة، أما أمين الزّاوي فأجده زيادة على تمكنّه من القصّة والرّواية ،كاتبا مثيرا للجدل بمقالاته الرّائعة وبتحرّكاته الميدانيّة في كل ربوع الوطن، فهو لا يكتفي بالمكتوب،بل يمزج بين خطابة سقراط وكتابة أفلاطون. هناك نماذج أخرى عديدة يمكن أن نستدلّ بها على سبيل المثال لا الحصر، ولكن شخصيّا أفضل الكاتب المناضل الذي لا يكتفي بحصد الجوائز،وله رأي وموقف اتّجاه السّلطة ومجتمعه،برأيي الكاتب الذي ينفصل عن واقعه بما فيه،و يعيش في برج خاصّ به وبالكتابة فقط،  سيفقد مع مرور الأيّام الاتّصال بالواقع وستبدو كتاباته مزيّفة.
 ***
قبل كتابة الرّواية كان لك تجربة مع كتابة القصّة،حدّثنا عن التّجربتين، وأيّهما تفضّل حاليا انطلاقا ممّا جرّبته؟
كتبت أشياء تشبه القصص ثم تطوّر الأمر مع الوقت ونشرت لي أوّل قصة بعنوان ” ليلة رعب” في مجلة أدبيّة،وهي قصّة بسيطة وقد أعتبرها اليوم سخيفة جدّا، ولكنّها كانت بداية ولابد من حدوث مثل هذه الأشياء،إنّها مثل الملاط الذي تفرش به الأرضيّة قبل وضع أساس للبناية.سأقولها باختصار:” القصّة القصيرة لها خصوصيّتها، ولكنّ عبد اللّطيف ولد عبد الله بصراحة يهوى الرّواية ويفضّلها لأسباب كثيرة قد أحدّثكم عنها بالتّفصيل في فرص أخرى.”
***
رواية خارج السّيطرة،رواية بوليسيّة تتحدّث عن مقتل أحد المسئوولين الجزائرييّن في مؤسّسات البناء رميا بالرّصاص.كم استغرقت من الوقت في كتابتها؟وهل أنت راضٍ مبدئيّا عن ما قدّمته للقارئ فيها؟
أظن أنّ رواية خارج السيطرة ليست أفضل عمل روائي لي، وهذا شعور الكثير من الكتّاب ولا يتعلّق بي فقط،فالكاتب على الأغلب كلّما قدّم عملا إبداعيّا معيّنا، شعر بأنّه لم يكتب بعد أروع ما يريد. الرّضى التّام مرض خطير، ومؤشّر عن بداية الضّعف للكاتب و للعمل الرّوائي،لذلك لا ألتفت إلى الخلف بل أتوق إلى عالم أروع وأفضل ولا يمكن جرّ الرّوائيّ إلى أن يكون حكما على نفسه فهذا برأيي غير مفيد، كما ليس من الجيّد أيضا أن يتحدّث الرّوائي عن نفسه كثيرا،فهذا مؤشر آخرمن مؤشّرات الأمراض الفكريّة.
***
هل يؤمن الكاتب والرّوائي عبد اللّطيف ولد عبد الله بأنّ الفيلم السّينمائي يرتبط ارتباطا وثيقا بالكتاب، خاصّة وأنّا نعلم من خلال ما تقدّمه بأنّك من المهتمين كثيرا بالفنّ السّابع،والدّاعين إلى الاهتمام به؟
السّينما تعثّرت كثيرا في بداياتها نظرا لرفض فئة كبيرة من الكتاب و المثقّفين الاعتراف بها كفنّ حقيقيّ، ولكن مع تطوّرها فرضت نفسها ليس كفنّ فقط ،بل جمعت كل الفنون  من رقص وغناء وكتابة ومسرح ورسم إلخ. ولكن هذا لا يعني أنّ السّينما حلّت مكان المسرح أو الرّواية، هذا خطأ،فالرّواية مثلا لا تزيح الشعر كما نعتقد اليوم، كل ما في الأمر أنّ هناك تطوّرا على مستوى الكتابة وعلى مستوى التّصوير علينا أن نتقبّله ونجاريه ،وليس معنى هذا الانجراف الكليّ طبعا.وبالعودة للحديث عن السّينما، لا يخفى عليكم أنّها حاليّا تعتبرمن ثقافتنا العامّة، ولا أظنّ بأنّا فينا من لا يعرف على الأقل خمسة عناوين لأفلام محليّة وعالميّة، لكن بالنّسبة للكتب الأمر يختلف، هناك فارق ،وقد حقّقت السّينما تقدّما كبيرا علينا أن نستفيد منه ككتّاب وكفنّانين هذا من جهة،من جهة أخرى نعلم جميعا بأنّ الرّواية بالتّحديد قدّمت للسّينما نصوصا خالدة وتحولت تلك الرّوايات إلى صور ومشاهد علقت في ذاكرة الملايين من البشر،واستفادت بدورها من تقنيات سينمائيّة كالفلاش باك، كما غيّرت السّينما مفهوم المتعة والذّوق وهذا أثّر بدوره على الكتابة بشكل عام.  
*** 
يقول الطّبيب والرّوائي السّوداني أمير تاج السّر:”الرّواية لا تشترط دراسة لها في المعاهد،أو شهادات يحملها الكاتب،بينما السّيناريو عمل احترافيّ لابدّ من دراسته نظريّا وعمليّا قبل خوض غماره.” تعليقك؟
أوافقه الرّأي فكتابة السّيناريو تختلف عن كتابة الرّواية.النّص في السّيناريو محكوم بالمشهد الّذي سيجسّده، ومن المعروف أن الأفلام التّجارية لا تتجاوز في غالب الأحيان ساعتين، وأيّ زيادة في النّص قد يترتب عنها مشاهد إضافيّة وهذا سيضعنا أمام ورطة حقيقيّة. رؤية المخرج تختلف عن رؤية السّيناريست، وهذا الأخير يخضع لتعديل من طرف عدّة أشخاص فالعمل السّينمائي عمل جماعيّ لا يخضع لكاتب واحد أو كاتبين كما هو الحال في الرّواية.
 ***
هل تظنّ بأنّ الرّوايات بحاجة لجوائز لتصل إلى القرّاء؟وهل تؤمن بأنّ الجوائز وسيلة لتقييم الكاتب؟
الجوائز مهمّة جدّا في نظري ولا تمنح لرواية سيّئة إلا إذا كانت جائزة مطعون في مصداقيتها. الجائزة الأدبيّة تحريك للمياه الراكدة المتمثّلة في المشهد الثقافي وخاصّة العربيّ، وهي تساعد بشكل كبير في التعريف بالكتّاب والأدباء وتقديمهم للعالم. الجائزة تلفت أنظار القرّاء وبالتّالي دور النّشر المهمّة،أمّا قيمتها الماليّة فتخفّف من أعباء الحياة اليوميّة للكاتب،ليتفرّغ للكتابة، كما أنّها دعاية جيّدة في ظل غياب خطة نشر وتسويق وغياب الوكلاء الأدبيّين. نحن لا نملك مؤسّسات حقيقيّة يمكنها تسويق الكتاب بشكل يسمح بتداوله بحريّة في كل البلدان النّاطقة بالعربيّة وهذا راجع لأمور سياسيّة بحتة،فالنّاشر اليوم يفكر مرتين قبل أن يضع خطوة إلى الأمام في عالم النّشر،أمّا الكاتب فسيظل متشرّدا عرضة للاستغلال من طرف الجميع،وهو الضّحية التي يتّفق عليها الجميع.  
 ***
برأيك لماذا لا تعرف الرّواية البوليسيّة انتشارا واسعا كما هو الحال في العالم الغربيّ؟
بالعكس أصبح الطلب مؤخّرا على روايات الخيال العلميّ و الفنتازيا، وأنواع أخرى كثيرة كالرّواية البوليسيّة ، فأكثر الكتب مبيعا ليست لكبار الأدباء بل هي روايات يكتبها شباب من جيل جديد سواء في الجزائر أو الدّول العربيّة الأخرى، فالسّوشيل ميديا غيّرت الكثير من المفاهيم،وطرائق النشر. تبقى مشكلة القيمة الفنيّة وهذا يعتمد على التّراكم، كتابة وقراءة. أصبح الآن من الممكن الاطّلاع على أيّ كتاب بكبسة زر واحدة.  
 ***
المطلوب منك الآن، التّعليق بكلمة واحدة إن استطعت، على ما ومن سنذكرهم لك فيما يأتي:
 
_ اتّحاد الكتّاب الجزائريين.
اسم على غير مسمّى
_ دار الاختلاف للنّشر.    
البيت التي احتضنني ككاتب
_ كاتب ياسين.    
نجمة
_ محمّد ديب.            
الحريق                                                        
_ رشيد بوجدرة.              
الكاتب المتعنّت الّذي أحاول لحدّ السّاعة فهم كتاباته.
_ أمين الزّاوي.    
جنتلمان مثقّف
_ سعيد خطيبي.        
كاتب قضايا
_ عبد الوهاب عيساوي.            
كاتب طموح يجب أن نحتفي به كما ينبغي.
***
كلمة نختم بها لقاءنا.          
أتمنى أن يتحرّر الكتاب ويصل إلى القرّاء، فهناك قابليّة كبيرة للقراءة،ولكن سوق الكتاب لا يوفر ما يحتاجه القارئ  لذلك لابدّ من كفاح على كل الميادين هذا من جهة،من جهة أخرى الكاتب الذي لا يأخذ بيده القرّاء عن طريق قراءة أعماله لن يعيش طويلا ،وسيصبح النّشر مجرّد عبث لا طائل منه. أطلب من القرّاء إنقاذ الكتاب من الضياع، لأنه كان وسيبقى المنبع الرئيس للمعرفة.  

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى