أثر المكان في ديوان “لحن في حنجرة الريح” للشاعر سميح محسن

رائد محمد الحواري | فلسطين

يضفي حضورُ المكانِ لمسةً من النعومة على الشاعر، ومن ثم على القصيدة، وهذا الأمر يكاد أن يُعمَّم على كافة الشعراء الفلسطينيين، فما أن يحضر المكان حتى نرى تَقَدُّمَ القصيدة نحو البياض، وتسمو باللغة الناعمة والهادئة رغم بؤس الحال، وقسوة والواقع. ولا يعني هذا طبعاً عدم وجود ألفاظ سوداء أو قاسية، فالحدث/الواقع يفرض ذاته على المكان، كدمشق، لكن، ورغم الخراب والموت تبقى حاضرة ببهائها وبياسمينها، وهذا البياض يبعد القارئ عن التوتر والانفعال ـ رغم قسوة الفكرة/ومرارة المضمون، فالشاعر المتقن لصنعة الشعر، يعرف كيف يخرج القصيدة، ويعرف كيف يحافظ على مشاعر واتزان المتلقي، فلا يرهقه بالمشاهد القاسية والمؤلمة، من خلال استخدامه للمخففات، عناصر الفرح، والتي تتمثل في المرأة، الطبيعة، الكتابة، التمرد. وعندما يلجأ الشاعر إلى هذه العناصر يكون قد خفف عن نفسه، وعن قصيدته قبل أن يخفف بها على المتلقي، فهي من تجعله (متزناً/حيادياً)، فلا يجنح نحو الخطاب التلقيني النشاز، ويبقى محافظا على وتيرة القصيدة، وعلى ذهنية القارئ الذي يستمع بما قُدِّمَ له من شعر.

بياض المرأة والمكان

في قصيدة “مرايا أيلول” يتحدث الشاعر سميح محسن في مجموعته الشعرية (لحن في حنجرة الريح) عن المرأة، وهذا يجعل القصيدة بطبيعتها بيضاء، فحضور المرأة له أثر إيجابي على القصيدة، ويظهر هذا من خلال اللغة والفكرة، لكن الشاعر لا يتحدث عن المرأة خارج المكان، بل يؤكد على مكانها، فيحدد مكان المرأة التي يخاطبها: “هنا في فلسطين … إلى المرأة الفلسطينية في عيدها”، وبهذا يكون الشاعر قد استخدم عنصرين من عناصر الفرح/التخفيف، الطبيعة والمرأة، وهذا ما سينعكس إيجابا على القصيدة، ويظهر في المعنى وفي الألفاظ:

“على صدرِ آذارَ تنبتُ حنّونةٌ في مكانٍ قريبٍ من القلبِ

تحملُ ألوانَها في الطريقِ إلى شجرِ اللوزِ

يُزهرُ مُنتَشياً بالبياضِ

وملتحفاً بابتهاجِ الورودِ على صفحةِ العشبْ،

يُشكّلُ للأرضِ صورتَها

كي تكونَ فلسطينُ فلسطينْ،

سيُّنْبِتُ هذا النهارُ الورودَ على جبهةِ الأرضِ

يَصبُغُها بالرياحينْ ” …

إذا ما توقفنا عن المعنى فهو يحمل فكرة الخير والجمال، وهذا ليس بحاجة إلى تحليل، لكن الألفاظ المستخدمة هي اللافتة للنظر، فهناك بياض مطلق، انسجام الألفاظ مع المعنى: “صدرِ، آذارَ، تنبتُ (مكررة)، حنّونةٌ، قريبٍ، القلبِ، تحملُ، ألوانَها، شجرِ، اللوزِ، يُزهرُ، مُنتَشياً، بالبياضِ، ملتحفاً، بابتهاجِ، الورودِ، صفحةِ، العشبْ، يُشكّلُ، للأرضِ (مكررة)، النهار، جبهة، بالرياحين”، فالألفاظ بمجملها بيضاء وناعمة وتخدم فكرة جمال المرأة والطبيعة، وهذا الأمر ما كان ليكون دون وجود رافعتين للفرح، المرأة والطبيعة، وهذا ما فسر وهيأ وجود عنصر الفرح الثالث، الكتابة “صفحة”، وكأن الفرح الذي ابتدأ بالمكان، فلسطين، أوجد/خلق فرحاً ثانياً “المرأة”، والتي اسهمت بدورها بوجود العنصر الثالث الكتابة/صفحة.

واللافت في هذا المقطع وجود الألوان، فبدا الشاعر فناناً يرسم الطبيعة بألوانها الزاهية، فهناك مجموعة ألفاظ متعلقة بالفن الرسم: “آذار/بداية ظهور الربيع، حنونة/حمراء، الورود/ألوان متعددة، اللوز/الزهري، بالبياض، العشب/أخضر، الأرض/البني” كل هذا يضيف لمسة جمالية على القصيدة، ويمتع القارئ بهذه المشاهد الخلابة. وبما أن الشاعر بدأ القصيدة: “هنا في فلسطين” فكأنه يقول هذا هو جمال فلسطين، هذه هي فلسطين، فهو يقرب ويحبب القارئ بها ـ بطريقة غير مباشرة ـ من خلال الحديث عن طبيعتها وما فيها. وما يؤكد على هذا الجمال، استخدام الشاعر الأفعال المضارعة: “تنبت، تحمل، يزهر، منتشيا، ملتحفا، يشكل، تكون، يصبغها” فهو جمال ينمو وما زال، فهو جمال رباني باقً.

بعد اللوحة الجميلة، يقدمنا الشاعر من الإنسان الفلسطيني، فيحدثنا عن المرأة الفلسطينية في صورة عامة:

“هنا في فلسطينْ

بهذا الصباحِ سنهدي الورودَ إلى امرأةٍ في السجون،

لأمِّ شهيدٍ

وأرملةٍ في صِباها

فتاةٍ تحاولُ أن تستعيدَ ملامحَ والدِها في الغياب،

وعاملةٍ تُجلِسُ الشّمسَ في عرشِها

وفلاحةٍ في الحقول

وربةِ بيتٍ تودّعُ أطفالَها للمدارسِ

طالبةٍ لا تهابُ الجنود…

هنا في فلسطينَ

نكبرُ فوقَ الجراحِ

ونهدي حبيباتِنا وردةً في الصباحِ

أمامَ عيونِ الجنودِ الطُغاةْ… “

هناك تحول نحو السواد والقسوة، اللذين نجدهما في ألفاظ: “السجون، وأرملةٍ، الغياب، لا، الجراح، الجنود، الطغاة”. ورغم هذا، يبقى البياض حاضرا في ألفاظ: “الصباحِ، سنهدي، الورودَ، امرأةٍ، لأمِّ، صِباها، فتاةٍ، الشّمسَ، عرشِها، وفلاحةٍ، الحقول، وربةِ، بيتٍ، أطفالَها، للمدارسِ، طالبةٍ، نكبرُ، ونهدي، حبيباتِنا، وردةً، الصباحِ، عيونِ”، وإذا ما تركنا الفكرة وتجاهلناها، وتقدمنا من الألفاظ السوداء ـ بشكلها المجرد ـ سنجدها بمجملها ناتجة عن وجود وفعل الجنود: “السجون، وأرملةٍ، الغياب، لا، الجراح، الجنود، الطغاة” فكل ما هو أسود، ناتج عن الجنود وأفعالهم، وبهذا يكون الشاعر قد أوصل فكرة قسوة الجنود وأفعالهم/ من خلال الألفاظ المجردة.

وإذا ما ربطنا جمال الطبيعة وبهائها الذي جاء في القصيدة، وبين السواد الناتج عن الجنود وأفعالهم، يمكننا استخلاص بشاعة وقذارة ما يفعونه، فاللوحة الزاهية والبهية خربها/شوهها هؤلاء الجنود.

 

حضور الشام/دمشق

تأخذ قصيدة “الوصايا العشر” منحى آخر، فما يجري في الشام/دمشق لا يمكن تجاهله، فالشاعر يتهكم/يسخر على ما يجري فيها من خلال النواهي التي يطالب بها وعددها متماثل مع عدد الوصايا التوراتية العشر:

“4) ولا تزرعوا الياسمينَ على صدرها

6) لا تقيموا على ضِفَتي بَردى

أيَّ نُصُبٍ لإحياءِ ذكرى الضحايا

8) لا تضيفوا إلى الجامِعِ الأمويّ المآذن

9) ولا تضعوا في كنيسةِ حنا الدمشقيّ أيقونةً،

أو صليباً جديداً”

وهذا يتماثل مع الخراب المتفشي في دمشق، وعلى ارتباطه بالقائمين في دولة التوراة، والشاعر يتحدث عن الخراب بشموليته، بصرف النظر عن الملة أو الطائفة، فأصحاب الوصايا العشر يعملون على خرابها وتدميرها. لكن الشاعر عندما يبدأ بذكر “دمشق” يستخدم سبعة مقاطع، ونجد ضمير المتكلم/الأنا حاضرا في القصيدة كتأكيد على العلاقة الحميمة التي تجمعهما:

“أنا لستُ هذا المساء نبيّاً،

ولكن، خذوا ما استطعتُم وصايايَّ

حتى تعودَ دمشقُ إليّ

دمشقُ التي كنتُ أعرِفها… “

رغم بساطة الكلمات ووضوحها، إلا أننا نجد في تكرار “دمشق” ما يؤكد على الروابط الوثيقة التي تجمعه بها، ولتبيان الحميمة بينهما سنأخذ بعض ما جاء في المقاطع السبعة التي تحمل “دمشق”. فالعدد سبعة مقدس عند كل الأديان، وحتى عند الأمم السابقة للأديان السماوية من سومريين وأكاديين وبابليين وأشوريين، وكأن الشاعر من خلال المقاطع السبعة يؤكد على قوة ومكانة دمشق”، رغم (أعمال وأفعال) أصحاب وأتباع الوصايا الشعر.

إذا تقدمنا من قصيدة “مرايا أيلول” نجد تعلق الشاعر بالطبيعة/بالمكان/بالأرض، وفي هذه القصيدة أيضا نجد قوة الطبيعة وبياضها، رغم قسوة وسواد أصحاب الوصايا العشر واتباعهم:

” دمشق (5)

أُوَسّدُ قلبي على ضفّتيْكَ

أبَدِّلُ أوردتي في عروقِ الرّياحينِ

تسري مياهُكَ صافيّةً في امتداداتِ روحي

تمرُّ أغانيكَ عزفاً فريدَ الجمالِ

دمشقُ،

أُوَسّدُ قلبي على ضفتيهِ

تعالي ونامي على ساعديّ

وفي الحلمِ يَحرسُ أحلامَنا

رَفُّ سربِ الحمام”

فالطبيعة نجدها في ألفاظ: “ضفتيك، الرياحين، مياهك، صافية، الجمال، ضفتيه، سرب حمام”، كما أن استخدام الشاعر لضمير ياء المتكلم: “قلبي (مكررة)، أوردتي، روحي، ساعدي” يشير إلى توحده مع دمشق، والذي توج من خلال: “أحلامنا”، فالبياض يكاد أن يعم المقطع، إن كان على صعيد المضمون أم الألفاظ، لكنه ليس بياضا ناصعا، بل يشوبه شيء من التعكير، فهناك مجموعة الأفعال التي تحتاج إلى شدة وقوة: “أبدل، تعالي، يحرس”، وأيضا بعض الألفاظ: “أوردتي، عروق”، وما يميز هذا المقطع وجود الثنائية فيه، “أوسد قلبي”(مكررة)، ضفتيك/ضفتيه/مياهك، أوردتي/عروقي، تسري/تمر، الحلم/أحلامنا، أغانيك/عزفا، فالشاعر من خلال هذه الثنائية ـ ودون وعي منه ـ يؤكد أيضا على الحميمة التي تجمعه بدمشق.

 

القصيدة والطبيعة

يتعامل الشاعر سميح محسن مع القصيدة كما يتعامل مع الطبيعة، فأحيانا تأتي بالخير، وأحيانا لا تأتي به، وقد تعامل الكنعاني قديما معها كما هي، فتقبل خيرها وجذبها، خصبها وفقرها، وهذا ما نجده في ملحمة “البعل”، والشاعر يؤكد على هذا التواصل بين الكنعاني القديم والحديث في قصيدة “فإمّا”:

” فإمّا

تجيءُ القصيدةُ مثلَ سحاباتِ تشرينَ

بالاحتمالاتِ حُبلى،

فإمّا تمرّ سريعاً لِتُهطَلَ أمطارَها في مكانٍ بعيد،

وإمّا تداعِبنا بالرذاذِ وتضحكُ في سرّها،

وإمّا ستغرقُنا بالسّيول،

وإمّا ستُحيي لنا الأرضَ بعدَ الموات،

وإمّا سَتَغسلُ كَوْمَ الغبارِ الذي سدّ عينَ الحقيقة،

وإمّا ستجلي النفوسَ

ولكنّها،

لن تعيدكَ يوماً إلى مَتّنِ أوجاعِها…”

فكرة الخير والشر لازمة الإنسان منذ القدم، فكان هناك إله الخير/الخصب البعل، وإله الشر موت/الجذب، وقد اقيمت طقوس دينية بعودة وغياب البعل، والشاعر في قصيدة “فإما” يقربنا من تلك الطقوس، فيتحدث عن القصيدة/الطبيعة بهذه الروح، روح الخصب التي نجدها في ألفاظ: “تجيء، القصيدة، سحابات، حبلى، ليهطل، أمطارها، تداعبنا، وتضحك، ستحيي، ستغسل، ستجلي، النفوس”، وهناك الموت الذي نجده في: “بعيد، ستغرقنا، الموت، الغبار، سد، أوجاعها” فالقصيدة تحيي فكرة الكنعاني عن الحياة الطبيعية، وتؤكد على استمرارية تلك النظر، رغم مرور آلاف السنين، وهذا ما يؤكد على استمرارية وجود الكنعاني وعلاقته الحيوية بالأرض، فهل يعقل أن يأتي شخص ويتعامل/يستخدم فكرة مطروحة قبل أكثر من أربعة آلاف سنة؟. اعتقد أن الطبيعة الكنعانية تفرض نفسها على الإنسان، فهو يتأثر بالطبيعة، كما أن الإرث الثقافي يبقى مستمرا وحاضرا في الشعوب الحية، من هنا نجد تماثل رؤية “سميح محسن” مع كاتب ملحمة البعل، رغم الهوة الزمنية السحيقة التي تفصل بينهما، وبهذا يكون الشاعر قد أكد على أهمية ومكانة الأرض من خلال تناوله فكرة استمرار الحياة/البعل والجذب/الموت.

 

المرأة والكتابة والطبيعة

يجمع الشاعر عناصر الفرح، الطبيعة، المرأة، الكتابة، في قصيدة “دعوها” فرغم أنه جمع هذه العناصر في قصائد أخرى، إلا أن الفكرة في هذه القصيدة تأخذنا إلى خصب “عشتار” وجمالها، يقول في قصيدة “دعوها”:

“دعوها تسيرُ على الأرضِ

كامرأةٍ لم تَخُنْها معاني الجَمال

تُحَلِّقُ فوقَ جناحيّ طيّر يجوبُ الفضاءَ

وتُطلِقُ للريحِ

{{إنْ أتت الريحُ عاتيةً في مساءٍ نقيٍّ}}

جدائلَها كي تُلامسَ أرواحَنا

ذاتَ ليلٍ طويل”

/المرأة/عشتار نجدها في “تسير على الأرض، معاني الجمال، تحلق فوق جناحي طير، تطلق الريح” فهذه المشاهد أبعد من أن تكون لامرأة عادية، وبما أن الدعوة جاءت عامة للأرض: “دعوها تسير على الأرض” دون أن يحدد بقعة بعينها، فإن هذا يقدمنا من “عشتار” وخصبها الذي يصيب الأرض، والشاعر قدمنا منها أكثر عندما أقرن خيرها بجمالها، وربطه بقدراتها “تحلق، تطلق” كل هذا يأخذنا إلى عشتار وما امتازت به من جمال وخير وقدرات لخدمة الإنسان، بعد أن “تُخصب الأرض وتُجملها.

في هذه القصيدة جمع الشاعر ثلاث أناث، “المرأة، القصيدة، عشتار” وهذا التداخل في شخصيات الأنثى، حرر القصيدة من تحديد ماهية الأنثى التي يتم الحديث عنها، فجاء منحى القصيدة متجاوزا الوصف العادي للأنثى:

“تُبَرِّدُ أعصابَنا من سَماعِ حديثٍ عن الشِّعرِ من غيرِ معنى

وإنْ خَلَعَتْ {{في ارتدادِ الكلامِ}} عباءَتَها فوقَ أكتافِنا

نَتلظّى بنارِ الحقيقةِ،

أو نَسْتَظِّلُ بفيءِ اليقينْ

دعوها تسيرُ على الأرضِ

كامرأةٍ لم يخُنْها اكتمالُ الجَمالِ

دعوها

دعوها

{{القصيدة}} “

مثل هذه الاضافة تدعم فكرة (زوغان) الأنثى وعدم قدرتنا على تحديد ماهيتها، فالأوصاف المتعلقة بالأنثى جاءت من خلال: “تبرد أعصابنا، وإن خلعت عباءتها، دعوها تسير، كامرأة”، وهناك أوصاف متعلقة بالقصيدة والمرأة معا: “تتلظى، تستظل”. ورغم أن الشاعر في خاتمة القصيدة يكشف الستار ويبين أن القصيدة هي المقصودة بهذا المديح، يبقى من حق المتلقي أن يقول أن الشاعر قدم ثلاث أناث في القصيدة، في النصف الأول جمع بين الأنثى العادية وعشتار الأسطورية، وفي النص الثاني جمع بين الأنثى والقصيدة، وهذا التداخل والتشابك في صفات الإناث يأخذنا إلى هيام الشاعر بالأنثى، مهما كانت، فهو ينحاز لها ويقدمها على الذكر، لهذا تناولها بأكثر من صورة. وهو يدعو لتحررها واعطاءها المزيد من الحرية، لهذا كرر “دعوها” ثلاث مرات، وهذا التداخل الأنثوي يشير إلى أن الشاعر يتحكم فيه العقل الباطن، الذي يرى اضطهاد المرأة، رغم أنها تحمل الخصب والجمال وتمنح الهدوء والسكينة، فأراد بالثلاثية الأنثى أن يواجه هذا الاضطهاد ويرده.

وما يؤكد على أن المرأة تضطهد في المجتمع هذه الصورة:

“الإمامُ يُصلّي التراويحَ عَبرَ مُكَبّرِ صوتٍ

ويُقْلِقُ حرفَ القَصيدةِ

منْ غَفْوةٍ تشْتَهيها”

رغم جمالية الصورة المتعلقة بالصراع بين القصيدة وصوت الأمام، اعتقد أن الشاعر في هذا المشهد يضع قناعاً (خادعاً/زائفاً)، فهو (بوضوح) يتحدث عن القصيدة، لكن يمكننا أن نأخذ هذا الكلام إلى ما هو أبعد من القصيدة، إلى المرأة، التي تتعرض لأذى الزوج الذي يعتمد على (الشرع) ليتزوج من أخرى، حتى لو كانت زوجته الأولى غير راضية عن هذا الزواج، فالشرع/الدين يمنحه هذا (الحق)، رغم ما فيه من ظلم وجور، وحتى لو كان هذا المدخل في مغالاة وليّ عنق، يبقى من حق القارئ أن يأخذ الصورة ويسقطها على المرأة، فالذكر الذي يتكئ على الدين ليتزوج لأكثر من امرأة أصبح أمرا شائعا.

***

* “لحن في حنجرة الريح”/منشورات دار كنعان للنشر والتوزيع/ الجزائر العاصمة/ حزيران/ يونيو 2016، وهو الديوان الشعري التاسع للشاعر… لوحة الغلاف للفنانة التشكيلية السورية ريما الزعبي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى