قراءة نقدية في رواية الحائط لشهيرة أبو الكرم

د. عز الدين أبو ميرز | فلسطين المحتلة

 رواية الكاتبة الناشئة شهيرة أبو الكرم( الحائط) الصادرة عام 2018 عن دار إلياحور في أبوديس-القدس.


بدأت القراءة بنفس مشجعة لكاتبة ناشئة وجدت في سردها نوعا من الجمال، ينم عن موهبة تعمل صاحبتها على صقلها وزركشتها بعبارات جميلة، واستعارات لا تخلو من الأناقة وجذب قارئها إلى طلب المزيد منها، وزاد في اندفاعي في أول ستّين صفحة، وجود أحد شخوص الرواية من ذوي الاحتياجات الخاصة، وأنا ضعيف أمام هؤلاء وأتعاطف معهم وأشد على أياديهم؛ لأن ما بهم ليس بما كسبته أيديهم ولا ذنب لهم في ما أصابهم، وزاد تعلقي أنّني لم أجد في الستين صفحة الأولى أخطاء نحوية أو مطبعية عدا واحدة أو اثنتين، ممّا حدا بي إلى الالتفات لزوجتي قائلا: ربما هذه الصبيّة تعلمت ممّن سبقوها، فعرضت روايتها على من يصححها، وهذا عمل جيد، ونصحتها بقراءة الرواية ففيها ما يشي وينمّ عن شيء واعد، وله مستقبل أظنه سيكون مشرقا إن لم يقتله الغرور، ولم يسلك صاحبه سبيل المبدعين في الوصول إلى الإبداع، واستعجل القطف قبل النضج.


وهكذا أكملت قراءة الرواية حتى نهايتها، فرأيت كاتبة هي أكبر من عمرها، تهتم بالتفاصيل الدّقيقة وفي وصفها وملاحظتها بعين واعية لكل صغيرة وكبيرة، ولا تترك شاردة ولا والدة إلا وتضعها في مكانها بثقةِ واقتدارِ من سبق، وكانت له تجارب في الكتابة قبل ذلك. ورغم كثرة شخوص روايتها إلا أنّها وجهت اهتمامها الكبير وحصرته في بضع شخصيات تتفاوت في الأهميّة بين بعضها كما أرادته لها من خلقت هذه الشخوص في روايتها، وبحسب وجهة نظرها وتقديراتها، التي قد تختلف من كاتب لآخر،والنتائج التي اوصلتها إليها..
لا شك أنّ الكاتبة قد أوجدت في نفسى الدهشة، ووملأتني بكثير من التشوّق وأثارت فيّ الفضول والتعجب أحيانا، بأسلوب سردها وجميل تشبيهاتها التي لا تخلو من الروعة على بساطتها. وجعلتني أعيش أحداث روايتها معها ومعهم واحدا واحدا وهذا يُحسب لصالح الكاتبة، ويدل على قدرتها في الجذب والتشويق والمفاجأة والاندهاش.ومن الجميل أن جعلت الحائط الأخرس الأصمّ ناطقا باسمها، وجعلت منه راوية لها في زمن كثر فيه الرواة، ممن لا يستحق مثل هذا اللقب.
كل ما سبق، كان رافعة لي لأتحمل على مضض الكمّ الهائل من الأخطاء النّحويّة والمطبعيّة، التّي لا تخلو صفحة واحدة بعد آخر 60 صفحة من روايتها من خطأ أو خطأين ويتعدى أحيانا السبعة في الصفحة الواحدة، وكأني حسدتها في بداية حديثي، مع علمي أنه ليس لي عين تصيب بالحسد. عدا عن انقطاع الرّواية في أكثر من موضع، فيشعر القارىء بأنه بدأ يقرأ رواية أخرى للحظة من اللحظات حين يفقد الترابط والتسلسل والانسجام.
ممّا جعل هذا الوجه الجميل المشرق وكأن زخّات من المطر نزلت عليه، فبدل أن يزيد نزولها هذا الوجه إشراقا وجمالا، ملأه بالبثور والندبات، فشوّه هذا الجمال.
لغتنا جميلة فحرام علينا ما نفعله بها ونرتكبه من أخطاء في حقها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى