عزيزي الشهيد غسان كنفاني

د. إيهاب بسيسو | رام الله – فلسطين

لقد فشل مشروع الخزان في خنق شعبنا، لم نعد بحاجة لسؤال أبو الخيزران عن جدوى طَرقِ الجدران من أجل النجاة …

لقد رفض الأحفاد مشروع الخزان والرحيل بعد كل تلك السنوات التي مرت على البلاد بعد النكبة

هم الآن “رجال في الشمس” شمس البلاد التي تناضل بأظافرها ضد الفولاذ والحريق …

يصنعون مجداً متوالياً في كل بيت وكل حارة وزقاق

في عكا والناصرة وحيفا وأم الفحم واللد ويافا وغزة …

يخرجون إلى الشوارع في الضفة مشبعين بالغضب الفطري من رؤية الطائرات المغيرة وهي تسحق المنازل في غزة، والخوذات المشحونة بعنصرية وهي تحاصر الضوء في حي الشيخ جراح وشوارع اللد وحيفا …

المدهش في الأمر أنهم يسجلون كل هذه النضالات باسم القدس العاصمة ورغم ما ينزفونه من جروح يطلون بابتسامات الثقة والكبرياء …

 

عزيزي الشهيد غسان كنفاني

في طفولتنا في الانتفاضة التي انطلقت عام ١٩٨٧

كُنتَ أكبر منا سناً وأنت ابن السادسة والثلاثين حين تم اغتيالك في بيروت عام ١٩٧٢.

كنا نحن الذين لا تزيد أعمار أكبرنا عن العشرين عاماً نقرأ رواياتك عن البلاد والمنفى وحياة اللاجئين …

كنا نكتبنا بعفوية على الجدران، نتبادل الروايات والقصائد، نقف أمام العربات العسكرية وخوذات الجنود بكل ما ترك التاريخ في أرواحنا من بطولات ومجازر …

الناجون منا من اقتحامات الموت المكرر والمبكر أصبحت أعمارهم اليوم بعد كل هذه السنوات أكبر من عمرك حين رحل فيك الجسد …

ولكننا ما زلنا نتعلم من كلماتك الكثير عن معنى البلاد

“أرض البرتقال الحزين” التي رغم كل الحزن فيها تنهض من وجه “أم سعد” لتبارك الأجيال التي خرجت من جراحنا وعذاباتنا اليومية لا لتطرق جدران الخزان بل لترمم طريق العودة إلى حيفا …

 

عزيزي الشهيد غسان كنفاني

اسمح لي ببعض التعديل على روايتك الخالدة “عائد إلى حيفا” من وحي ما شاهدنا الأيام الماضية “دوف” الذي كبر وحيداً في حيفا استرد اسمه الفلسطيني “خلدون” وهو يواجه الرواية المزيفة للعائلة التي استوطنت منزل والديه عن المدينة والعائلة في ذلك التاريخ البعيد …

اليوم يعتقل الجنود خلدون في حيفا لأنه خرج قبل أيام في مظاهرة تندد بجرائم الاحتلال، رافعاً العلم الفلسطيني فوق سطح البيت …

خالد لابد أن تكون قد رأيته في الأبدية فهو هناك قد صعد في العدوان الأخير على غزة فيما كان يحاول إنقاذ عائلة الجيران بعد استهداف عمارة سكنية في الجوار وقبل أن تعود الطائرات المغيرة لتسوية البناية بالأرض …

الوالد سعيد عاد مع الوالدة صفية من رام الله إلى حيفا وهما بخير، الوالدة تقف الآن أمام شاطئ البحر تجيب على أسئلة مراسلة إعلامية أجنبية عن مفهوم الوطن:

الوطن أن يحدث هذا كله … من أجل قيامة القدس والأقصى …

 

عزيزي الشهيد غسان كنفاني

وصلت كلماتك للأجيال الجديدة في فلسطين

كن بألف بخير …

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى