رواية “مدينة الله” للأديب حسن حميد بين الواقع والخيال

نزهة أبو غوش | فلسطين

صدرت عام 2009 رواية “مدينة الله” للأديب حسن حميد في طبعتها الأولى عن المؤسسة العربيّة للدراسات والنشر.

القدس مدينة الأضواء والأنوار والبهجة. القدس هي المدينة العجيبة ذات العبق التّاريخي. القدس مغسولة بماء الورد وبنور من عند الله، هي أصل المدن وأصل الحضارات، وجذور تاريخنا. القدس مهد المسيح ومسرى محمد. القدس هي بوصلتنا الأولى نحو الحريّة والمحبّة والسّلام، القدس هي مدينة الله. في القدس اولا ترى السّعادة والبهجة والمتعة البصريّة. في القدس أنت الأقرب إِلى الله سبحانه؛ حيث تتعانق كنائسها مع مساجدها.  لكنّ  هناك ما ينغّص عليك عيشك. لأنّ الاحتلال متسلّط عنيد لا يدع لك هناءة ولا راحة بال؛ فهو يعيث في الأرض فسادا لا حدود له.

لغة الرّواية: لغة غنيّة جدا بالمحسّنات البديعيّة، والاستعارات والتشبيهات الجميلة، والمبالغ بها، وخاصّة في حالة الوصف، فهو لا يترك ما يصفه حتّى يصوّره لك بأنّه الجنّة إِذا كان مكانا، وهي الحوريّة ذات الوجه المنير المبهج لو كانت امرأة. كلّ النّساء الفلسطينيّات في وصف الكاتب ساحرات ورشيقات ومبدعات، خجولات، مضحّيات.

  وصف الطّبيعة بلغة تجعلك تشعر بأنّك تعيش في أجواء سحريّة فلم ينس الأنهار ولا الجبال ولا الأودية والهضاب والمنعرجات ولا الرّياح والهواء والأمطار,…

وصفه الدّقيق للأشياء جميل وفيه ابداع؛ لكنّ ما يفسد من هذا الجمال، كثرة التّكرار، والإطالة بالوصف؛ حيث يكون هذا على حساب الحدث في الرّواية؛ وأحيانا يدخل الوصف حتّى بأيّ ثمن، أي دون أن يكون مناسبا للموصوف أو يقلّل من شأنه. مثال في ص78″ والشرفات تدلّي الصبايا والنساء نحونا مثل القهوة حين تندلق من الدلاء اللامعة”

لقد خلط الكاتب في روايته ما بين الواقع والخيال فأضفى بعضا من الجمال للنّص، وهذا حقّه ككاتب يريد أن يشعل خياله؛ لكن هناك بعض التّمويه للقارئ في حالة اعتقاده بأنّ الكاتب يشرح أماكن جغرافيّة حقيقيّة فقط.

مثال على الوصف ” أعمدة حجرية زرقتها، تحت المطر الرّذاذي، تلمع وتبرق مثل خيوط الحرير، وأعمدة رخامية بيض ذات رهجة وردية تشبه ريش الأوز ملاسة ونعومة، أعمدة تعلوها تيجان حجرية متدلية مثل النباتات، حانية بظلالها على الأعمدة، تخترمها الرسوم والخطوط حفراً غائراً وآخر نافراً..” ص254.

نهج الكاتب في استخدام أسلوب “وحدة الخطاب” في روايته من أوّلها حتّى نهايتها، عدا ذلك الحوار الّذي كان يجري بينه وبين الأمريكيين في الفصول الأخيرة من الرّواية، حيث كان تركيزه على أهميّة حقيقتنا التاريخيّة وضعفها لدى الآخرين الّذين يدّعون أحقيّتهم في المدينة.

استطاع الكاتب أن يوصل فكرته للقارئ عن الاحتلال، عن معاملته القاسية والعنصريّة، والعشوائيّة، وغير الانسانيّة. في الحياة اليوميّة أو في السّجون، أو على المعابر والحواجز؛ وعن عصاب الخوف وهستيريا القلق اللذان يعتريانه دائما.

 شخصيّات الرّواية الأساسيّة هي شخصيّات أجنبيّة:

 فلادمير: الرّوسيّ الأصل المتزوّج من رشيدة الفلسطينيّة، الّذي عشق … السّجّانة الاسرائيليّة بعد ثماني سنوات لموتها. ترمز هذه الشّخصيّة لعلاقة الرّوس مع الحكومات العربيّة، وعهد لينين وأعضاء الجبهة الشّيوعيّة  الموالين لهم في البلاد.

شخصيّة جو، صديقه الايرلندي القديم، ترمز للقادمين من الغرب الّذين سكنوا المدينة وبقوا فيها.

شخصيّة السّجّانة سيلفا اليهوديّة الأصل: ترمز للصّراع المرير الّذي يعيشه المحتلّ ما بين الانسانيّة وعدمها تجاه الشّعب  المحتل .

شخصيّة المرأة العجوز أم أهارون: ترمز الى المحتلّ الّذي يعيش حياته بحوف وقلق وترقّب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى