فكر

دور النُّخب الثقافية في المجتمع

بقلم: عماد خالد رحمة | برلين

    قدَّمَ الفيلسوف وعالم الاجتماع الاقتصادي الفرنسي فيلفريدو باريتو vilfredo Pareto (1848ـ 1923) مفهوم النخبة الثقافية والفكرية بأنهم الأفراد الأكثر حضوراً وتميزاً وتأثيراً في مجال اختصاصاتهم، وهو صاحب المقولة الشهيرة: (التاريخ هو مقبرة من الطبقات الأرستقراطية)،عندها نستطيع أن نبني على هذه الرؤية لتحديد مفهوم النخبة الثقافية ومدلولها. وضمن هذا التصوُّر وذلك الإطار يمكن القول بأنَّ مفهوم النُّخب الثقافية يدلُّ في أبسط تعريفاتهِ ومدلولاتهِ، على هؤلاء الذين يمارسون تأثيراً أكبر على الآخرين، في مجال الإنتاج الثقافي والرمزي في مجتمعاتهم المتعدّدة والمتنوعة، وحقول تخصصاتهم الفكرية والمعرفية، ولاسيما الكتَّاب والأدباء والشعراء، والمنظرون، والمفكرون، والإعلاميون، والفنانون. ويتميز هؤلاء بطاقتهم الانتاجية العالية في المجال الفكري وفي مجال الثقافة ونقل المعرفة، كما يتميزون بتأثيرهم الكبير في الوعي الإنساني، وتغيير البنية العقلية للكثيرين، والروح المعنوية والثقافية لشعوبهم. وغالباً ما يميِّز علماء الاجتماع والباحثون المتخصصون بين النخبة الثقافية، وبين المثقفين، فالمثقفون بشكلٍ عام يشكّلون طبقةً واسعةً من العاملين في حقل الثقافة الواسع والمتنوع، ولكنَّ النخبة منهم ترمز إلى أكثرهم تأثيراً وتميّزاً وحضوراً خاصاً ومميزاً في الحياة الاجتماعية والثقافية والإنسانية لجميع مكونات المجتمع. وهذا يدلُّ دلالةً كبيرةً على أنَّ النخبة الثقافية تتشكل من كبار المؤرخين والكتّاب والأدباء والشعراء والفنانين والمبدعين الذين يلعبون دوراً حيوياً وجوهرياً مميزاً في مجال اختصاصاتهم المعرفية والفكرية.
لقد استخدم المفكرون عدداً من المصطلحات للتعبير عن النخبة الثقافية أبرزها: مصطلح (الأنتلجنسيا Intelligents) وهي كلمة روسية مشتقة من الكلمة الألمانية Intelligenz (وتعني الذكاء) كونها وصفت الطبقة الاجتماعية التي تضم أشخاص يمارسون الأنشطة الفكرية بمختلف تلاوينها، علاوةً على ذلك، وسَّع الكاتب والباحث الصحفي الروسي بيوتر ديمترييفيتش بوبوريكين (1836 ـ 1921) م تعريف الأنتليجنسيا (منتجو الثقافة والأيديولوجيا) ليشمل الفنانين (منتجو الثقافة العالية). وهو مصطلح مرتبط بصبغته الماركسية، ومصطلح “المثقف العضوي” الذي ارتبط بالمفكر الإيطالي الماركسي الشهير أنطونيو غرامشي ( Antonio Gramsci)‏ (1891ـ1937) م، مؤسس مفهوم (الهيمنة على الثقافة كوسيلة للإبقاء على الحكم في مجتمع رأسمالي) مؤلف كتاب (دفاتر السجن) التي نُشرت في عام 1948، ومصطلح “المفكر الرسولي” أي المفكر صاحب الرسالة وفقاً للمصطلح الذي قدّمه المنظِّر الأدبي الفلسطيني ـ الأمريكي، إدوارد وديع سعيد Edward W. Said (1935 ـ 2003) م. الذي يعدُّ أحد أهم المثقفين الفلسطينيين، وحتى العرب في القرن العشرين، سواءً من حيث عمق تأثيره، أو من حيث تنوع نشاطاته، بل ثمة من يعتبره واحداً من أهم عشرة مفكرين تأثيراً في القرن العشرين. وهو مؤلف كتاب “الاستشراق” الذي ألّفه عام 1978 م، ومصطلح “المفكر النقدي” وفقا لمنظور الفيلسوف، والناقد الثقافي، والشاعر، والملحِّن، واللغوي الألماني فريدريش فيلهيلم نيتشه (Nietzsche (Friedrich(1844 – 1900) م، والفيلسوف والروائي والكاتب المسرحي، وكاتب السيناريو، والناقد الأدبي الفرنسي جان بول سارتر (Jean-Paul Sartre) (1905- 1980) م واسمه الكامل (جان بول شارل ايمارد سارتر). ومن هذه الزاوية ينظر الفيلسوف والروائي الفرنسي جوليان بيندا(Julien Benda)‏ (1867 – 1956) م الذي اشتهر بمقالته (خيانة المثقفين) . وجميعهم ساهموا في انتاج (الثقافة العالية) .
كل هؤلاء ينظرون إلى النخبة من المثقفين باعتبارهم نخبة ضئيلة، أو نخبة قليلة العدد ، مؤلفة من الملوك الفلاسفة من ذوي المواهب الفائقة المائزة، والأخلاق الرفيعة الذين يشكّلون ضمير البشرية والإنسانية. من منطلق أنَّ المفكرينَ والمثقفينَ بكلِّ تسمياتِهم أو تصنيفاتِهم يجب أن يكونوا في المقدمة كونهم من الطليعة، وهم في حالة تصادم دائم مع كل أوجه الفساد والنهب والخراب والشطط في ممارسة السلطة، وفي حالة اشتباك مستمرّة مع الحياة اليومية للشعب والحاكم، وتحدياتها ومشاكلها، والسراج المنير الذي يوجِّه الرأي العام نحو الحق والعدل والخير ونحو الطريق الأصوب والأسلم للخروج من الأزمات المتفاقمة، ومن الجائحات الخطيرة، ويمنحون الأمل. من هذا المنطلق يلوم البعض المثقفين والمفكرين ويحمّلونهم مسؤولية ترك المجال لأشباه المثقفين والمتعالمين، ولمنتحلي صفة المفكر، ولكَتَبة السلطان، وتحديداً السلطان الجائر، كما يتركون مواقعهم للمتفيقهين والرويبضة، وتجار الفتاوى الدينية والمخادعين إلخ، ويلومونهم لأنَّهم ابتعدوا عن الشعب وقضاياه الإنسانية الجوهرية، وانزووا في أبراجهم العاجية، وكثيرون منهم هاجرَ إلى بلادِ الغرب الأوروبي ـ الأمريكي التي طالما انتقدوا سياساتها ومنهجها الاستعماري في نتاجهم.
يشكّل المثقفون الحقيقيون طبقةَ العلماء والمتعلّمين بالغي الندرة، وبالغي الذكاء، لأنَّ ما يدعون له أو ما ينادون به من المقاييس والمعايير الخالدة للعدل والحق والسلم تميزهم عن غيرهم. والمثقفون الحقيقيون، كما يقول الفيلسوف والروائي الفرنسي جوليان بيندا (Julien Benda) ويشتهر بمقالته (خيانة المثقفين)، (المثقفون الحقيقيون هم الذين يجدون متعتهم في ممارسة العلم، أو الأدب، أو الفن، أو التأمل الميتافيزيقي، وليس في السعي وراء الأهواء والغايات المادية العملية). وهذا الأمر لا يعني بالضرورة أنًّ هؤلاء المثقفين والمفكرين منعزلون عن العالم ويقبعون في أبراجهم العاجية، فالمثقف الحقيقي لا يكون مثقفاً حقيقياً إلا حين يعارض الفساد والمفسدين، ويقف ضدّه، ويدافع عن الفقراء والمستضعفين والمحرومين والمهمشين، كما يقف في وجه السلطات المستبدّة والطاغية، والفاسدة القامعة، وفي هذا الجانب الأخلاقي من الثقافة يقول الفيلسوف الفرنسي جوليان بيندا(Julien Benda) عن المثقفين الحقيقيين بأنهم (أقرب ما يكونون إلى الشفافية والصدق مع أنفسهم حين تدفعهم المشاعر والعواطف الميتافيزيقية الجياشة، والمبادئ الأخلاقية السامية، أي مبادئ الحق والعدل والسلم والأمن والأمان، إلى فضح الفساد والفاسدين والمفسدين والدفاع عن المستضعفين، والمحرومين، والمهمشين، وتحدَّي السلطات القمعية الغاشمة). وهذا الأمر هو نفسه الذي صرَّح به الفيلسوف وعام اللسانيات الأمريكي (أفرام نعوم تُشُومِسْكِي (Avram Noam Chomsky) ( (1928) ـ94ـ عاماً، عندما يقول: (إنَّ من مسؤولية المثقفين أن يقولوا الحقيقة ولا شيئ غير الحقيقة، ويفضحوا كل الأكاذيب والتلفيقات والخداع التي تبثها السلطات الحاكمة، وأنَّ المثقف هو من يحمل الحقيقة في وجه القوة الفاسدة والطغمة الحاكمة مهما كانت).
لقد مثَّل الفيلسوف وعالم الاجتماع الفرنسي فيلفريدو باريتو vilfredo Pareto(1948ـ 1923) الاتجاه السيكولوجي النفسي في تحليله لمفهوم النُّخبة، حيث يعرِّف النُّخبة بمميزاتها وخصائصها السيكولوجية النفسية. وفي المستوى الاجتماعي السوسيولوجي حيث يرى فيلفريدو باريتو vilfredo Pareto أنَّ المجتمع – أي مجتمع كان – ينقسم إلى قسمين رئيسيين هما: النُّخبة التي تحكم وتملك مقاليد السلطة والقيادة والقوة، والمحكومون الذين يخضعون لسيطرة وهيمنة النُّخبة التي تشكّل الأقلية المتفوقة التي تملك المال والجاه والسلطة والقوة الباطشة، والمتميزة في المجتمع في مختلف تشكيلاته الاجتماعية. وضمن التوجه السيكولوجي النفسي الذي ينطلق منه فيلفريدو باريتو في نظريته عن النُّخب بشكلٍ عام، يرى أنَّ النُّخبة تتميز بخصائص ومميزات سيكولوجية نفسية تمنحها نوعاً من التمايز والتفوق الباهر في فرض هيمنتها وسيادتها وسطوتها، وهي النخبة الحاكمة التي تمارس سلطاتها وهيمنتها السياسية والدبلوماسية بشكلٍ شبه مطلق.
فالنخبة لدى فيلفريدو باريتو vilfredo Pareto ليست نتاجاً لفعالية تاريخية اقتصادية كما يرى الفيلسوف والمؤرخ وعالم الاقتصاد السياسي الألماني كارل هانريش ماركس Karl hainric Marx (1818ـ 1883) م، ولا تستند في قوتها وسطوتها إلى قدراتها التنظيمية على نحو ما ذهب إليه العالم والفيلسوف السياسي الإيطالي (غايتانو موسكا) (Gaetano Mosca) (1858- 1941) م الذي يُنسب إليه تطوير نظرية النخبة وعقيدة الطبقة السياسية ، والسياسي الأمريكي جورج جون ميتشل(George J. Mitchell) ‏ مواليد 1933م، بل هي نتاج لما يسميه فيلفريدو باريتو بالرواسب Residues وهي نوع من الخصائص السيكولوجية النفسية التي يتمايز من خلالها أفراد المجتمع، وقد سعى فيلفريدو باريتو باستمرارعلى استخدام مفهومه السيكولوجي النفسي عن الرواسب لوصف الميول والأهواء السيكولوجية الفطرية القيادية في الإنسان. (die angeborenen psychologischen Führungswünsche des Menschen) إنَ الذينَ يشكّلونَ نخبةً ما، غالباً ما يكونون الأميز والأفضل بين أقرانهم، والأكثر تأثيراً على الآخرين في مجال اختصاصهم ومعارفهم، ومن هذا المنطلق فإنَّ نخبة المثقفين تتمثل في أكثرهم عطاءً وانتاجاً وتأثيراً، وفعلاً وممارسةً، وحضوراً وإبداعاً مميزاً، في مجال الثقافة والفكر والإبداع الثقافي. وهذا يشمل مختلف السياقات والقطاعات الثقافية في الأدب والشعر والموسيقى، والرسم والفن والنحت، والتصوير، وفي شتى مجالات العلوم الإنسانية. وهكذا يشكّل مفهوم النخبة منصةً ومنطلقاً منهجياً في كل فهم عميق ودقيق لحركة التاريخ الإنساني، وما يعتمل فيه من أحداثٍ وحراكات سياسية وشعبية، ويعوّل عليه كثير من كبار المثقفين والمفكرين في مقاربة التكوينات السوسيولوجية لبنية المجتمع وتكوينه، والخوض في عمق الظواهر الحياتية العامة والخاصة والأيديولوجية للحياة السياسية الطبقية في سياق تكاملها وتفاعلها العملي. فالتاريخ الإنساني بما ينطوي عليه من صعوبات وتعقيدات وحواجز، وما يكتنفه من صيرورات وتكوينات عبر سيرورات تاريخية متلاحقة لا يمكنه أن يُرصد ويفهم ويحلِّل دونَ الخوض المعمَّق في دور النُخب المائِزة التي تحرِّك المجتمع الإنساني بقوة، وتتحرِّك فيهِ في الآن ذاته، لتشكِّل بحركاتها وفعاليتها مَلمحاً أساسيّاً وجوهريّاً من ملامح الحركة التاريخية، وعبر سيرورة طويلة في المجتمعات الإنسانية. وضمن هذا التصوُّر فإنَّ أيّ محاولةٍ لمعرفةِ كُنهِ ومضمون ديناميات الواقع الاجتماعي وفهمَهُ، وصيرورةَ الحركةِ التاريخيَّةِ وسيرورتها المتلاحقة، لن تفلح، ما لم تنطلق من فهم غزيرٍ وعميق للدور التاريخي الكبير الذي تمارسه النُّخب المائزة والمتفوقة على أقرانها في توجيه الحياة الاجتماعية والإنسانية في مختلف تعيناتها وتموضعاتها، وفي شتى تجلياتها واستطالاتها. فالنُّخب – كما يراهن كثير من كبار المثقفين والمفكرين والمنظرين – تصنع التاريخ الإنساني ولواعجه، تحرِّكهُ وتحدِّد صيرورَتهُ ومركزيَّته، وترسم ملامِحَ التغير الاجتماعي والإنساني، وتمارس دورها العملي والفعَّال في توجيه الحياة الاجتماعية والإنسانية في مختلف تجلياتها وتموضعها. لقد عرّف العديد من المفكرين مفهوم (النخبة الثقافية)، وكان من بين هؤلاء الباحث الجزائري طارق مخنان الذي كتب حول (النظرية النخبوية في علم الاجتماع) ، الذي عرّفها بقوله: ( النخبة مجموعة من الأشخاص المميَّزين المتجانسين الذين يمتلكون رصيداً معرفياً هائلاً ولهم بنية وتكوين عالي جداً، ويتمتَّعون بسُلطةٍ رمزيّة تخوِّلهم التفكير العميق في قضايا المجتمع ومشكلاته على اختلاف أنواعها، كما أنَّ مفردة النخبة أو (خاصة الخاصة) تُحيلُ إلى نوعٍ من الانتخاب والتوافق الاجتماعي بمجرَّد امتلاكه كفاءاتٍ وقدراتٍ نظريةٍ وفكريَّةٍ في العلومِ والمعارف بمستوىً عالٍ، كما يمتلك المثقف التقنيات والأدوات الفكرية والمعرفية ويتمكّن منها بقوة لتحقيق تصوّراته وأفكارِهِ، ومفردةُ الثقافةِ تشملُ قطاعاتٍ واسعة من الأدبِ والعلوم الاجتماعيَّةِ والفلسفةِ وحتى العلوم البحثية والتقنية منها، فالمثقف هو من يتعدّى حدود اختصاصه وقدراته للتكلم في قضايا شائكة ومتنوعة تشمله كعضو فاعل ومؤثِّر في مجتمع يرتبط مصيرياً بالانتماءِ إليهِ).

    أمّا المفكر والفيلسوف العربي المغربي محمد عابد الجابري (27 كانون الأوَّل 1935 ــ 3 أيار 2010 مؤلف كتاب (نقد العقل العربي)، فإنّهُ يعرِّف نخبة المثقفين، بأنَّهم يشكّلون الفئة الواعية التي أكتسبت، بحكم ثقافتها الواسعة والغنية، موضوعية التفكير المتجذِّر والعميق ووضوح الرؤية والتصوَر، والقدرة العالية على التدقيق والتحليل والمحاكمة العقلية والمنطقية، مما يجعلهم في حصنٍ منيع من أن تنطلي عليهم أساليب البرجوازية ومآلاتها وسلبياتها، ومن أن يخيفهم تحكَّم المتسلِّطينَ والحكّام، وأصحاب النفوذ والسلطة، إنَّ المثقفين هؤلاء، هم وحدهم القادرونَ على تصحيح تلك الصورةِ في الوعي الشعبي العام ، ورسم الطريق الصحيح لتحقيقها في حيِّز الواقع المُعاش والملموس. ويشمل تعريف النُّخب الثقافية هؤلاء الأكثر تأثيراً في مجال الإنتاج الثقافي والمعرفي والرمزي في المجتمع، ولاسيَّما الكتّاب والمنظِّرون، وأساتذة الجامعات والأدباء والشعراء، والمفكرون، والمنظرون، والإعلاميون. ويتميز هؤلاء بطاقتهم الانتاجية في مجال الفكر والثقافة، كما يتميزون بتأثيرهم الكبير في الروح المعنوية والثقافية لشعوبهم. وغالباً ما يميّز الباحثون بين النخبةِ الثقافيةِ والمثقفين، فالمثقفونَ يشكِّلون طبقةً واسعةً من العاملينَ في حقل الثقافةِ، ولكن النخبة منهم ترمز إلى أكثرهم تميّزا وتأثيراً وحضوراً قوياً في الحياة الاجتماعية والثقافية للمجتمع. وهذا يعني أنَّ النخبة الثقافية تتشكَّل من كِبار الأدباء والكتاب والمؤرخين والشعراء والفنانين الذي يلعبون دوراً مميزاً وحيوياً في مجال اختصاصاتهم الفكرية والمعرفية. وجلّ ما نعنيه بالنخبة يتمثل في طبقة “المثقفين المحترفين”( Professional intellectuals ) حسب تعبير عالم الاجتماع الكلاسيكي ومؤسس علم اجتماع المعرفة المجري كارل مانهايم (Karl Mannheim)( 1893 ـ 1947) الذي قال : إنَّ هؤلاء هم الذين يكرِّسون كلَّ وقتهم لمهنة الكتابة والانتاج المعرفي والتأليف. أما مفهوم النخبة الثقافية Cultural elite فإنَّهُ يبقى واحداً من المفاهيم الهامّةِ والدينامية التي تتميّز بطابع التواصل مع الآخر، والانفتاح الدائم والشامل على مختلف التجارب، والمحاولات العلمية والمعرفية التي كرّست وتكرِّس لمتابعتِهِ ورصدِهِ. ومثل هذا المفهوم بكلِّ دلالاتِهِ يأخذ مكانهُ في دائرةِ التحوّلات الاجتماعية الكبرى، كما يتموضَع في دائرة التحوّلات السياسيّة النوعيّة، فمفهوم النخبة الثقافية Cultural elite يعبّر عن واقع سياسي شديد التغيّر والتبدّل، وبالتالي فإنَّ عملية ضبط المفهوم تحتاج إلى يقظة علمية مستندة على العقل الناضج النضر والمعرفة الواسعة، يقظةً تبقى دائمةً ومستمرةً للكشف عن مستجداته ومعطياته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى