مقال

في العيد تذكر واحمد الله

بقلم / عصري فياض

دائما،البعض منا يعيش مع المناسبات والأيام واللحظات والمعاني بسطحيتها،ويكون تقليديا في ممارسة العادات والتقاليد التي نشأ في ظلها،لا يستطيع معرفة كنهها،بالرغم من أنَّه يتلمس هذا الكنه،لكنه لا يفهم مغزاه،ومن هذه المناسبات العيد،العيد الذي هو في حقيقة الأمر حاجة فطرية للإنسانية،تطورت لتكون زمان مخصوص لفرح وسعادة وطقوس للفرد والمجتمع في أي تجمع إنساني،فهو حالة موجودة عند كل الأمم والشعوب،ولكن بألوان مختلفة،وعندنا نحن الذين أكرمنا الله بالإسلام العظيم،إرتبط العيد بالرسالة التي وجد من أجلها الإنسان،الا وهي العبادة،فعيد الفطر يلي صيام شهر رمضان،وعيد الأضحى يتزامن مع ذروة مناسك الحج،وهذا الأمر يعطينا معنا روحانيا كبيرا للعيد في حياتنا،ينعكس على كل مناحي حياتنا الخاصة بالعيد،فهو مناسبة للتوسيع على العائلة،وزيارة الأرحام،وتقديم الزكاة والصدقات،والتواد والتراحم والتزاور،وقضاء وقتا طويلا مع العائلة والأطفال في البيت،أو في الملاهي،أو في الرحلات والسهرات،وما إلى ذلك.

ولكنَّ كلَّ المجتمعات ومنها المجتمعات العربية والمسلمة،ليست متساوية الحال،فهناك تفاضل في المستوى والمكانة والدخل والإمكانيات والقدرات،ومن الصعب أو بالأحرى من غير الممكن أن تتساوي إمكانية الفرد والمجتمعات أو الدول،وهذه المُسَلَّمَةْ هي حقيقة يتوجب علينا أن نتعايش معها بالرضا والقناعة،ولا نقابلها بالسخط والتذمر،لان في ذلك إعتراض على إرادة الخالق وقضاءه وقدرة،وهي بالتالي نكران للركنين الأول والخامس من أركان الإيمان…

فإذا منّ الله عليك بالولد الذي تعيش متعة غامرة وأنت ترى فرحة العيد في عينيه،تذكر أن هناك من حُرموا هذه النعمة… فإحمد الله…

وإذا عدت مساء إلى بيتك تحمل بين يديك ما لذ وطاب وجَمُلْ،وأسرع إليك أطفالك يُشنفون آذانك بكلمة بابا المغلفة بشغف اللهفة والتملك البريء،واستمتعت بتلك اللحظات،تذكر أن هناك أطفالا فقدوا الأب أو ألام،لشهادة أو لموت أو لأسر أو لغياب… فإحمد الله…

إذا قبّلت يديّ والديّك،أو أي أحد منها…تذكر وأنت تتنشق عبير الحنان والتعب والحب فيهما،وكلمات الرضا تتساقط على مسامعك كحبات الندى…تذكر أن كثيرون محرمون من هذه النعمة…فإحمد الله…وادعوا لهما بطول العمر،ليبقى باب أجرهما مفتوح إلى أن يشاء الله…

إذا دخلت على رحمك القريب وبيدك هدية متواضعة،وبعض النقود،والتف من حولك أبناؤها يتسابقون… يريدون زيادة رصيد حصالاتهم في هذا الموسم المباح،فلا تتردد في العطاء بقدر ما وسع عليك الله…ففرحة الرحم برؤياك اولا،ثم بكرمك ثانيا…صلة مع الله…

وإذا ما لاحت الساعات الأولى من العيد،وسمعت صوت جارك الذي منعتك عن زيارته الأشغال والأعمال منذ فترة،فبادر لتكون السبّاق في أول من يطرق بابه،ويحتسي قهوته…وتناول من آنيته قطعة الحلوى … وإحمد الله…

وإذا ما جاءك هاتف من الأقارب يذكرك بضروة التلاقي والتجمع،للقيام بجولة على بيوت الأهل والخلان ،فلبي على عجل،وتمعن في الرهط الذي كلما خرج من بيت دخل في آخر،يبث السرور،ويعمق التراحم والترابط…فإحمد الله الذي جاء بالعيد ليجمع الشمل…

ولذلك الصديق العزيز والوفيّ…العملة النادرة…إقطع له من ليالي العيد سهرة جميله،اصطحب أهلك ووالديك،واترك الساعة في البيت،فكم أنت مشتاق لتقلب الحديث الممتع والمفيد معه… فلا بأس إن كسرت الساعة وأطلت السهر…فاليوم عيد،وغدا عيد … فإحمد الله

وإذا ما طالبك أولادك وأهلك في رحلة وسهرة في استراحة أو ملهى للأطفال أو مدينة العاب،فلا تتقاعس أو تتكاسل،أسرع وأشبع رغباتهم،وإترك لعينك فرصة لتسجل أجمل لحظات الطفولة…وإحمد الله

هكذا،وكثير من هذا يمكن فِعْلُهُ في العيد…فعل يذكرك بالنعم والرضا وتتبعه أو تنهيه بحمد الله،لتخرج من العيد بنفس مشحونة بالراحة والقناعة والفرح والسرور،والاستعداد لأيام وأسابيع وأشهر حتى يأتي العيد القادم بكل خير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى