يمشي وأدمعه نهران من شكوى
|
لاغربَ يسمعه لاشرقه المأوى
|
شيخٌ مَهيبٌ وحول العنق طائره
|
وبين كفيّه تلقى المنّ والسلوى
|
صوتٌ من الغيب في الترحال يسمعه
|
لولا الضباب لأقصت حزنَه النجوى
|
ياشيخ ياشيخ مايُبكيك أفئدةٌ
|
مرّت على الجرح لكنْ دونما جدوى
|
مغيّبون بلا وعيٍ بألسنةٍ
|
لم تأنس الوحيَ مبنيا على الفحوى :
|
فالحبُ والصدق والإحسان هيكله
|
والعدل والجود في أضلاعه مثوى
|
كانوا وكانت تلال القمح عامرة
|
كان الصواع لمن قد يشتهي عَطوا
|
كانت وجوه خيول الحق أرغفة
|
تقمّرت ولنا من برِّها النشوى
|
والآن أحضنة الإحسان قد لُجمت
|
خلف الحدود وليس السجن كالمأوى
|
أما تعبتَ ؟؟ألم تقنط بلا أُنُسٍ
|
من صاحب الله لم يعرف به الخِلوا
|
عصاي تقوايَ أفعى الشر تلقفها
|
لاشيء ينقذ في الترحال كالتقوى
|
أمضي غريبا ظلام الليل يرصدني
|
لكنْ عصايَ تهشُ البغيَ والمحوا
|
برحمة الله قد هشت على ألمي
|
حتى تفجّر في الأعماق ما أروى
|
حتى امتلأتُ وفيضُ النبع صيّرني
|
سربا من الطير يبغي النور والشأوا
|
سبحان ربيَ أنوارٌ بلا عددٍ
|
بلا انتهاءٍ عليٌّ جاوزَ العلوا
|
روحي جبالٌ بأمر الحق راسخةٌ
|
لكنها سُحبٌ في عشق من تهوى !
|
بدرٌ أضاءت على الدنيا بوارقه
|
محمدٌ وبه عن حزننا سلوى
|
هذا الحبيب أتى للجوع مائدة
|
قلبٌ من التمر أخلاقٌ من الحلوى
|
أبو المساكين قمح الروح يقسمه
|
بين القلوب فيربو قمحها زهوا
|
جرى زلالا بقحط الروح أنبتها
|
سنابل النور لا تضوي ولا تُلوى
|
الحلم والعقل قنديلان من عبقٍ
|
في الغار ضوءهما كشفٌ على الفحوى
|
مخلّص الطين من أرجاس جبلته
|
ومنقذ النفس من إبليس إذْ أغوى
|
قد عبأ الحب كالأمطار في لغة
|
تسمو بها النفس بل من فيضها تروى
|
يغرد القلب حبا كلّما اتقدت
|
ذكراه في الروح حتى أتقن الشدوا
|
يامن أتانا دروسا في بساطته
|
وفي السماحة أهدى الُسلْم والعفوا
|
يامن ترفّع عن غلّ وعن بطرٍ
|
فالحب في الله كان الغاية القصوى
|
يارحمة الله كم أشتاق واحته
|
مرعى الجوارح منكوبٌ أذى أحوى
|
عذري إليك فإنّ الوقت أبعدنا
|
عن سدرة الحب عن أخلاقنا سهوا
|
بتنا حيارى جناةً في غوايتنا
|
مذْ مكنَ الكبر منا النفسَ ما تهوى
|
لكنْ ستمحقُ هذا الليل صحوتنا
|
إنّ الصحائف رغم الجهل لن تُطوى
|