فجر العروض (1)

العروضي سليمان أبوستة / فلسطين

 

 كتاب القوافي لسيبويه

بدا لي أن أكوّن سلسلة من الدراسات العروضية أطلق عليها عناوين من أوقات اليوم المختلفة. وأنا في ذلك لا شك متأثر بسلسلة الأبحاث الشهيرة التي ألفها الإستاذ أحمد أمين مطلقا عليها عناوين من نحو: فجر الإسلام وظهر الإسلام وعصر الإسلام.

سوف أتناول في هذه السلسلة مراحل تطور العروض، وسأستعرض الدراسات التي تتكشف لنا في كل يوم جديد. بل لعلنا نحاول استطلاع المرحلة التي سبقت ظهور علم العروض وإن كانت المصادر الحالية في ذاك شحيحة.

وأبدأ بأقدم كتاب في القوافي، وهو كتاب “القوافي وعللها” لسيبويه، كما أثبت عنوانه بنفسه في بدء الكتاب. ولكي نؤكد نسبة هذا الكتاب لسيبويه سوف نستعرض المؤلفات التي اقتبست منه واشارت إلى نسبته إشارة صريحة، ومنها كتاب المعرب في شرح قوافي الأخفش لابن جني (392 ه)، وهو من تحقيق د. وليد السراقبي.

1 – وقال أبو الفتح: هكذا أنشد أبو الحسن، وهو بعيد، لأن حكم الحروف المختلفة في الرويّ أن تتقارب مخارجها كما أنشد سيبويه في كتاب القوافي:

قبحت من سالفة ومن صدغْ * كأنها كشية ضبّ في صقعْ

فجمع بين العين والغين؛ لقرب مخرجيهما، وأنشد أيضا:

بنات وطّاء على خدّ الليلْ

لا يشتكين عملا ما أنقينْ

ما دام مخّ في سلامى أو عينْ

وهذا كثير جدّا.

قول ابن جني “كما أنشد سيبويه في كتاب القوافي” هو على سبيل الاختصار، وقد جرى على هذا العنوان عدد كبير ممن اقتبسوا من ذلك الكتاب.

(انظر كتاب الفصوص 174 ، 175 / 5)

2 – جاء في كتاب نهاية الراغب للإسنوي ص 132: “وأقربها ما قاله سيبويه في كتاب القوافي أن القبض دخله أولا ثم حذفت نونه وسكنت لامه وحينئذ فدخل الردف عوضا عنهما لأنهما زنة متحرك، فلم يقع الردف عوضا إلا عن حرف واحد متحرك حكما”.

ثم قال: “على أنه ينبغي أن تعلم أن سيبويه قد أجاز في كتاب القوافي استعماله بغير ردف بالكلية؛ قال: لقيام الوزن بالحرف الصحيح مقامه بأحرف المد واللين، وأنشد:

ولقد رحلت العيس ثم زجرتها * قدما وقلت عليك خير معدّ

فعليك سعد بن الضباب فصبحي * سيرا إلى سعد عليك بسعد

 انظر كتاب الفصوص ( 217، 218 / 5)

3 – وجاء في المقاصد الشافية ( 4/ 286): “وجعله التاء في “أتبعت” رويا مع قوله “تلت” ولم يجعلها كالهاء وصلا- هو رأي الجمهور أهل القوافي. وقد زعم بعضهم أنها كالهاء لا تقع رويا إلا حيث تقع الهاء رويا، وذلك ينكسر بما أنشده سيبويه في كتاب القوافي له من قول الراجز:

الحمد لله الذي استقلت * بإذنه السماء واطمأنت

بإذنه الأرض وما تعنت * الجاعل الغيث غياث المسنت

أوحى لها القرار فاستقرت * وشدها بالراسيات الثبت

(وانظر الفصوص 194، 195 / 5)

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى