أغنيات للعدم

احمد نسيم برقاوي | فلسطينك

(1)

كينونتي لم تقترض من الخارج

ما تزين بها هويتها العميقة

فذاك المتنمر على كرسيه

راح يبكي حين ركلوه

ولم يعد هو هو

والكائن الذي اختال

مزهواً بما يملك

لم يعد يكترث به أحد

حين صار صفر اليدين

و لم يعد يتفشخر

لم يعد هو هو

وتلك العضلات المفتولة التي أكلت العقل

ترهلت

ولم يعد صاحبها يرهب أو يغري 

أما أنا فأتغير من داخلي 

فأبقى أنا أنا.

حين تغضب كينونتي 

أتذكر جريان نهر الزمن

الذي لا استحم بمائه مرتين

فيعتذر غضبي مني

حين أتأسف من الحقيقة التي تنتظرني.

لعبتي مع الوجود واللغة لم تتوقف

لعبتي تبني المعاني فأمنح الوجود

ما لم يكن موجوداً

ومعناي لا مكان له 

إلا في كينونتي التي تتوالد من ذاتها 

ولَم تمنحني مرة معناي 

إلا إذا وهبتها قلبي

وسناءات عقلي.

لم تسحرني نصوص الأرشيف   

ولا الكتب التي لم يوقع عليها أحد

أو التي مهرت 

سحرني وجه امرأة في التفاتة بسرعة البرق

وأزهار الطبيعة التي لا يخطئ

ذوقها

وفكرة لمعت في عقلي على حين غرة

فكتبت أسفاري وما بعد الكلام.

ياه كم أنت مغر أيها المابعد

ينشغل عقلي في الماوراء 

وحين أسأله ما الذي يغريك بالماوراء يا عقل

يروح مفكراً فيما وراء السؤال

دون أن يهديني إلى اليقين 

اليقين يقهقه

وأنا أسمع صوت قهقهتي 

أسخر من العدم 

الذي أراه في كل الأمكنة

وأتساءل

أليس المال الذي كان يخسره دوستويفسكي

على طاولة القمار

كان سيخسره في مكان آخر؟

والروايات التي يحتفل بها الخلق

هل تعني لعظام المقبور شيئا؟

ماذا تعني الشهرة للعظام الرميم

هل نحن  عملة يلهو بها الزمن  على طاولة القمار

الزمن الذي يخسرنا دون أن يبتئس.

خلقت من مزيج ظن وشك وسؤال

هو ذَا أنا في رحلتي إلى جزيرة اليقين

التي وصلت طفلاً إليها

لكني حين رحت أتجول في أنحائها

وجدتني ضائعاً،كما أنا

 بين شك وظن وسؤال

خلقوه وقالوا هو الخالق.

والقليل يسكن جزر اليقين -رحم الأسئلة

أيها اليقين العقيم والعاقر 

يا قاتل الدهشة والسؤال

 أيها المتربع على عرش العوام

كرهتني بالبقاء

وصرت أنتظر سقوط الجرم الكبير

ليعيد للأرض براءتها.

يا من ترتدون الرحمة والشفقة

وتجوبون بها دروب الكلام

وأنيابكم الصفراء تنز حقداً

يا عيون التحوت المتخمة بقذى السنين الغابرة

ويا عقول الدهماء المحشوة بأكاذيب الطغاة الأسافل

يا النفوس المقيمة في الكهوف والضفاف

لن تقتلوا بزيفكم روح النبل العظيم

حتى لو طار به العدم إلى الماوراء

 

           (2)

حين أطل على الوجود  من منصة العدم 

أرى الوجود كل الوجود  عارياً

كما الآن وكما  كان و ما سوف يكون  

أرى قُتٰال آمال الحياة  بأزيائهم التنكرية

و غير التنكرية 

و قبور الأحلام  تفترش الأرض كلها 

و تساقط  الأوهام  بكل قارها الأسود 

في جماقة الأجوبة الخرقاء 

حين أطل على الوجود من منصة العدم 

أرى الربيع و قد خلا من أية وردة اصطناعية التكوين 

و أرى النهر كيف يجري 

لافظاً على ضفتية  القشوش. 

حين أطل على الوجود من منصة العدم 

أعشق  الحياة نسراً يسكن جبال القلمون

و قمم عيبال. 

و أرثي لحال مجنون ليلى حبه العذري 

و أكتب  سيرتي  بأقلام من ريش  قوادمي .  

حين أطل على الوجود من منصة العدم 

أكتب و أكتب وأبني بيتي على قمة الأبد

دون أن ألتف إلى العدم الذي يجري ورائي

ولا إلى الذي يطل علي من أمام

‏‫

(3)

أيها العدم 

يا القرين الرفيق الصديق الوفي

لكل ما تدب فيه الحياة

نشأتما في الرحم  معاً 

ومن الرحم ولدتما معاً 

وعشتما حياة المتاع و البؤس  معاً 

ما الذي يبقيك بعد رحيل قرينك

وأنت بلا معنى لو لم يكن؟!

أيها العدم المتجول في الأجساد

كجلاد طاغية لا يعرف الرحمة

ومنحت فلاسفة الوجود فضاء الفكرة

يامن حملت العيون على البكاء

ورسمت أسارير الفرح على الوجوه 

 كيف تركت قلب الشر نابضاً بالحياة !

بل لماذا كنت؟

 

        (4)

يعبث بنا الحزن على الأحبة الراحلين إلى العدم

يسكنون الأشياء الصغيرة 

ويحضرون في التداعي

فنتأوه من حكمة الوجود القاسية . 

نحبهم  أولئك الذي ابتعدوا 

ونعرف بأن البعد جفاء

وشيئاً فشيئاً يتوارون عن أنظار  الذاكرة

ولا يحضرون . 

نكرههم قتلة الحياة وسراق الزمن 

 يسكنون الذاكرة يسرحون ويمرحون

فعقابيل الجراح لا تزول 

وآلام الغدر لا تمحي.

أما الذين امتدت جذورهم

إلى أعمق أعماق الذات

فليسوا من أهل الذاكرة

 ولا من  أحوال النسيان.  ‬

أيها الصدر،وأنت ما أوسعك،

اترك في زواياك مكاناً لجذور أشجار  الورود الذابلة 

واسقها ندىً معتقاً في دنان زمنك الأزرق

ولا تترك السواد يعبث بالقلب 

فالسماء الخالية من النجوم ليلاً

ليست بسماء

الحياة الخالية من الشموس

عدم في عدم

 

(5)

العدم الذي عاش في قلب الحي 

مل صحبة الحياة

وكسلطان شرقي أشر

انفرد بالجسد

وطار به إلى الفناء المطلق 

الجسد الذي ضج بالحياة 

غاب الغيبة الأخيرة  

بكل ما يحمل من أسفار الفؤاد

وأسرار العقل

وأغوار النفس

وحب الحياة. 

العدم ليس ضيفاً ثقيل الظل

الحي هو الضيف الذي ينسى آداب الضيافة

ينسى بأنه العدم الممكن

ولا يتذكر إلا عدم الآخر

يودع الآخر الذي  غادر صحبة الموت

وصار موتاً محضاً

الأموات يودعون الأموات    

والوداع هو الوداع

سواء كان الوداع إلى قبر زخرفته النقود  

أو إلى قبر في الفلاة 

سيان إن شيعك الميتون

على أنغام النشيد

أو  شيعوك صامتين

سيان إن كان نعيك

ملصقاً مزدانًا بأبدع الرايات 

أو مروساً بأيات وآيات

أو صليب 

الموت في مهج الأنسان  صور شتى 

موت يظل جرحاً عميقا يصدّع الأكباد 

وموت  يٌرقّص الحاقدَ تشفياً بالفناء 

 الموت هو الموت

ولكن لا تقلْ لي : العيشُ هو العيشُ

والأحلامُ هي الأحلامُ

و النفوس هي النفوس

فالروح على هذه الأرض تجري

وما كان الجسد بيتاً لإقامة الروح

لا قسمة إلا في الوهم

الكائن واحد 

 واحد في الهم والعشق

في الحزن والفرح

في الحقد و القتل

الموت المشهد الأخير في الملهاة.

ولدنا معاً

نحن والموت ولدنا معاً،

يعشعش العدم في بذرة الحب ،

في لحظة انفجار الحياة،

وفي لحظة ولادة الحي نفسها،

لا قبل ولا بعد.

يختبئ  في زغردة الفرح،

في دمعة السعادة  يسكن 

وفي دمعة الحزن يقيم .

نتأفف من المهزلة كأنها لم تكن،

لم نكن فكنا

وكنا كي لا نكون،

سفر الوجود العدم نحن

توأمان من حبل سرة واحدة

العدم  المضمر يظهر 

وقالها فيلسوف الغابة السوداء

“العدم موجود”.

 

(6)

زمان البدء 

وأوان النهايات

في وئام وشجار. 

يتأمل الفيلسوف 

الظن في الحكمة

 كي يكتنه الأشياء و ما لا يُرى 

ويعلن بلا خوف 

العدم هو الشر المطلق.

ويكتب الشاعر آلامه وأوهامه المشتهاة

وينادي:

“فاغنم من الحاضر لذاته”.

ويتساءل حزين:

إذا كان موت الظالم رحمةً

فلماذا يرحل النبيل !

أمل يمنحنا حب البقاء 

و ينعدم! 

ونهرالفناء يجري ويجري بِنَا

يلقينا في بحر الظلام 

يصرخ الوجودي محب الحياة 

 أجسادنا يا أرحام العدم

من سواكِ؟ 

أيها العدم يا مصب أرواحنا الأخير

 ما الذي حببك بأجسادنا؟

ألتعلن على هذه الأرض  حكمة الرماد !

أيتها الأرض 

يا ابنة النار 

لمَ لم تمنحي بنيك روحك الأبدية؟ 

لماذا انطفأ جمرك الوقاد 

وتصرخ آلهة السخريات: 

أيتها الأرض 

ما الذي أغراك بالحياة يا أم الحياة !

أأنت واحة أم بيت عزاء ؟

عمياء أنت 

لا تسألين ولا تُسألين ،

تدوسين على الأرواح متى شئتِ

ومتى شاءت الأحوال. 

ويجيب القلق المعنى:

يا صاحبيّ سوس الفناء لا يُرى ،

يَحتجب خلف السعادة  

وراء بكاء المولود 

 ومتعة الأم 

وزغاريد النساء ،

ما الذي يبكيك يا أعين الحزانى 

و الثكالى 

والأرامل و اليتامى

و الصحبة والعاشقين؟

أهو الموت قبل الأوان 

أم الموت بعد الأون 

أم الموت عند الأوان

وماذا يعني الأوان؟

ما أحلاك أيتها الأرض

وما أمتع مباهجك الغنية 

ما أقساك أيتها الأرض أيضاً.

أحياة و نبع فجائع!

ما أظلمك أيتها الأرض

رحم وقبرة

وجود وعدم !

 

(7)

على سراط ضيق نمشي

خائفين من السقوط في هاوية العدم

والطريق لا يقود إلا إليه

 إلى اللامعنى تسير خطى الكائنات

حذراً من الهاوية

التي لا  ينفع معها الحذر

أو سيراً سعيداً إليها  

كثيرة هي هاويات السقوط

قليلة هي الدروب إلى القمم

كائنات بين قوسين

وكائنات أجنحة 

والجميع رزنامة  على حائط الحياة 

والأيام كما السنون  

سكين رحيم وسكين أشر 

 تهدينا في الحالين 

 لصمت الأبد.

لا زمن يمضي ولا زمن يأتي 

ولا زمن مقيم

وهمنا المسعد والمحزن 

وظن هو الشروق و ظن هو الغروب 

ونحن ننحت المعنى من صخور العبث

كي ننسى الطريق التي نعرف إلى أين تقود.

نحاور الكون السرمدي 

والسرمدي يهزأ بالبدايات وبالنهايات.

أخرج من لامعنى الزمان إلى غاب الحياة

فأعود إلي 

إلى كأس يعلن في كل رشفة: 

كذبة هو الوقت

لا وقت في الخارج 

لا وقت إلا أنت.

وأرفع كأس النيذ فأعرف أنني حي 

على حافة الموت

وأغني ثملاً

كي أقهر العدم

 باخوس أنا يا عشتار.

 

(8)

الأنامل التي كانت تمطر كلاماً

ينتثر على الورق 

قلقاً وآهات عشق 

وأمواج حزن 

الأنامل التي لم تعرف يوماً 

إشهار سبابة الوعيد  في وجه أحد

لم تعد تقوى على احتضان القلم.

الفتاة المشرقة. 

التي كانت ترسم أحلامها 

في المساء 

وتتأمل وجه حبيبها عبر الشباك 

وتخفي سر جموحها العشقي 

عن عسس الحارات 

ولغو جلساء المساء 

نسيت وجه من أحبت 

وراحت تهذي ناكصة 

إلى قصص لم تحدث لها أبداً.  

الشجاع الذي خرج من وراء القضبان 

صار يفكر بالزمن المتبقي من زمنه 

فتصالح مع الله خائفاً 

من يوم الحساب

ومع السجان طمعاً بفضلات قوة .

القصائد التي ألهبت الأكفّ

المفعمة بالوعد 

و أحياءً ليوم الشهيد 

وهجاءً للذي خرج عن السرب

ماتت بموت الأكفّ . 

الفيلسوف الذي كان يقع صريعاً

من وهج الفكرة وثقلها

والذي رحل ولَم تحبه إمرأة أحبها

تنكب امرأة جميلة على الغوص في عالمه

وفلاسفة كثر يقتاتون من فتاته.

ذلك الصوت 

صديق الوجدان والأرواح النبيلة 

والذي ملأ الفضاء 

صادحاً بالشجن و الحب غاب 

وترك الورثة يختلفون

حول اقتسام الجدران وأثاث البيت

وباعوها في المزاد. 

ذلك الطاغية الذي طعن صدر الحياة 

بالخناجر المسمومة 

وأفسد الآمال 

وملأ الأرض بالهراء

توارى تحت التراب طعاماً للديدان.

النبع الذي ولد النهر

وألهم شعراء القلب 

واحتفل المحبون على ضفافه الوديعة

بفرح الحياة

أكلته الصنابير التي لا تعرف الرحمة 

والذاكرة التي أسكنته في مصابيحها

رحلت إلى الأبد .

العمامة التي كانت تضحك مع بائع الخضار 

وتطلب ،مبتسمة ،الهداية لصعلوك 

وتصطحب الفيلسوف إلى حانة في البيت 

تورات عن الأنظار

وراحت تجوب الشوارع عماماتُ الدم .

ضريح السيدة الوديعة 

التي كانت تستقبل الحالمين بالشفاء و الثراء والحب 

صار وكراً للقتلة 

وقطاع طرق التاريخ .

الأصدقاء الحميمون في الحانة الضيقة

الحمالون وبائعو الأرصفة 

وحراس أسياد الظلم  

والذين يأتون ليلاً متعبين

يرفعون كأس العرق 

بصحة الأستاذ فرحين 

غابوا 

وتركوه وحده في الحانة

يكتب سيرة العبث

والأغنيات للعدم

 

(9)

مذ عرف  بأن الأرض جرم صغير في اللانهائي 

  ،وحدود العمر  مغلقة  يعبث  العدم البريء فيها     

  ضاق   بأسواره وأسوارها  وراح يصعد  إلى الأعلى

بأجنحة من  أسئلة  المعنى 

مهموماً  بالخلق و أوهامهم

و بالكون و أحواله و المصير 

يطل عليهم بسخرية العقل  المحب    

  و يبعث لهم  بالرسائل  عن الظلمة  النور   

و الخير و الشر 

و العدم والوجود 

و الحب و الحرية   

و الخير و الشر 

لكن النهائي النائم سعيداً  على ظهر البسيطة

 أصم أبكم أعمى

 و مسلح بالخناجر المسمومة  و الخناجر المفلولة   

فظل  وحيداً مغترباً يتأمل الأرواح التي تملأ مقبرة النبلاء  

  تزوره أسراب الآلهات التي لا تُرى 

   و تتحلق حول عرشه  أرواح  الشعراء المجان 

فنشرب  خمراً معتقاً منسياً  في خوابي أثينا و بابل وجلق 

و حين يجري  السماوي  في عروقنا  أجمعين   

 ننشد  بصوت  شجي  أغنية  الحرية

ثم نقهقه من قطعان الخلق و أكباشها

التي تمر أمامنا

القطعان هم العدم الحي.

 

 (10)

أيها الإنتظار 

لا تغادر فضاء الروح 

ابقني على رصيف الوجود 

كما أشاء 

لا تلوح لي بالوداع

سارقاً معناي والمعنى

أيها الإنتظار يا متعة الوجود الذي يخطو أمامي

والمنقذ الوفي من السكون  الأحمق 

أيها الإنتظار الحر 

دعني ألحق بي دائماً  

ولا تثقل ظهري بالماهيات 

التي لفظت أنفاسها الأخيرة

أيها الإنتظار يا حياة الممكن الذي لا ينفد

ويا روح الجناح 

لولاك لولاك لما ترك العدم 

درباً للإفق والنجوم .

(11)

ما أن انتهيت من كتابة ما أملاه علي جنيي

ووضعت النقطة الأخيرة بلا خوف

حتى ظهر لي في صورة ماجن صعلوك

وقال لي:

المسافات طويلة يا ابن الشمس

ما جدوى صوت النداء

إن كانوا لا يسمعون.

لا صدى للصوت في هذي الصحارى

حناجر آلهات الغناء تختنق

خوفاً من أشباح الفناء

الشاعر  يقضي وحيداً على قارعة الطريق

ولا يجد حمالاً يأخذه إلى مثواه الأخير

فم ملآن برائحة الكهوف

يمد لسانه للفيلسوف

ويد تسرق الحياة من مرضعة

تحطم رأس تمثال المفكر

والريشة التي رسمت ماسح الأحذية

تغتالها ريشة رسام الطغاة.

أتعرف أيها السنا الهارب

من هذه الأرض الملعونة

كيف صار الوجود مقبرة النجم؟

ولماذا؟

قلت :هو العدم عدم وجود كالعدم

وتلك سيرة الهيولات

لكن الأنوار التي أكلها الثقب الأسود

داهية

لا تغيب إلا عند ساعة بزوغ الفجر الجديد

الذي تمنحه أرواحها قبل الغياب

أما قرأت يا سائلي :

مسامرات الأموات 

ورسائل الغفران

والكوميديا الإلهية

الأحياء هناك مازالوا يسخرون 

لقيانوس وأبو العلاء ودانتي يلعبون

يطلون على الخلق ويقهقهون

وتأمل أغنياتي للعدم.

 

‫‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى