نداء المفاتيح.. مفتاح رابع
مفيد خنسة | رئيس تحرير جريدة الثورة الثورية السابق
هذي الأميرةُ ليلُها عسلٌ / وبابُ أميرِها خلفَ البحارِ السبعِ / والجندُ العراةُ على مخارجِ موجِها / والشمسُ مالت كي تنامَ على سريرِ مغيبِها / ما شأنُ من يجري على سفنِ الرحيلِ بليلةِ الحربِ البهيمةِ كي يُساقَ إلى لظى نيرانِها / ما شأنُ هذا المُبتلى بأميرةٍ سيرومُ مخبأها القصيَّ وإنْ توارتْ بالحجابِ وظنَّها الحراسُ بنتَ الماءِ حين تكوّرت وتراقصتْ بالغيمِ والبرقُ ارتسمْ /
تلك الوصيفاتُ اصطفَفْنَ على سروجِ جيادِهنّ وراءَها / سبعاً إلى سبعٍ/ وكلّ وصيفةٍ رأسٌ لمملكةِ النساءِ كأنّهنّ لآلئٌ متزيناتٌ بالحريرِ/ ومترفاتٌ بالنعيمِ / على ضفافِ صدورِهنّ مشاتلُ الوردِ الموشّى بالقناديلِ الفخامِ / منعماتٌ بالعطورِ تدورُ فوقَ رؤوسهنّ طيورُ أسلافٍ وأحلافٍ / وفوقَ نحورِهنّ زخارفُ الأقوالِ من حكمِ القدامى / سارياتٌ في المدى يخفقنَ والراياتُ مثلُ خدودِهنّ البيضِ في قصرٍ الأميرةِ / كلّ شيئ جامدٌ حتى المحدثُ كالصنَم /
هذي العروشُ مخلّقاتٌ لاستواءِ الحاكمينِ على حدودِ الملكِ / تُعرضُ في المساءِ الفاتناتُ البيضُ خلفَ قوافلِ الجندِ البعيدةِ / طائفاتٌ بالكؤوسِ / مختّماتٌ بالرحيقِ من العطورِ المترعاتِ / خصورُهنّ مهيّفاتٌ / حولَ كلّ جزيرةٍ قوسٌ بديعٌ الطرفِ مكتحلٌ بألوانٍ من المرجانِ والاستبرقِ المُهدى لكلّ وصيفةٍ هزّتْ رموشُ دهائِها ركناً / ومالتْ فوقَ قنطرةِ الأميرِ وقطّفتْ عنْ سيفِه أعناقَ من عشقَ الجزيرةَ فانعدمْ
هذي المقابرُ شاهداتٌ أنكَ النعشُ الكبيرُ / وتحتَ كلّ جديلةٍ ملكٌ / كأنّ جموعَهم من كلّ فجّ جاءَهمْ صوتٌ فلبّوا / تاركين قصورَهم / متسلحين بصبرِهم عمّا يقولُ الناس في خلواتِهم / متجمّلين على هواتفِ كلّ ذي طمرينِ مهترئينِ في صلواتِهم / والحلمُ ملءُ عقولِهم إذْ كيفِ نقبلُ أن تُهزّ عروشُهم / أو كيفَ نقبلُ أنْ يُمسّ وليّنا بشواردِ القولِ الموقّعِ في الشوارعِ والمقاهي والمقابرِ / كيفَ نجهلُ أنهم من كفّنوكَ ورتّلوا ذكراً فريداً فوقَ تابوتِ المسجّى واستعدّوا للقسَمْ ؟!
هذي الشواطئُ كاشفاتٌ موجَ أثداءٍ تدحرجُ بالرؤوسِ على تخومِ سيوفِ حرّاسِ المراكبِ / بارقاتٌ بينَ خلجانِ العبورِ إلى بلادٍ تحتَها نارٌ / وفوقَ غصونِها نارٌ/ ونارٌعن يمينِ سراجِها / والنارُ عندَ شمالِها / وأمامَها نارٌ / وخلفَ بروجِها نارٌ / وليسَ سوى الأميرِ على فراشِ الثلجِ في قصرٍ تعلقَ في سقوفِ الخوفِ حتى جاءَه الصوتُ المُزلزِلُ فانحطمْ