الحروب البيولوجية

أ.د. أحمد علي دنقل | أستاذ الوراثة الجزيئية – كلية طب القصيم

كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن الحروب البيولوجية مع انتشار وباء “كورونا” الجديدة والتي تسببت في إصابة ما يقرب من المائة ألف شخص حول العالم، وإن كان السواد الأعظم لبؤرة ظهور المرض في مدينة يوهان الصينية. ومع ظهور بحث معلوماتي أجراه باحثون هنود بقيادة برشانت برادهان تحدث عن التماثل الغريب على مستوى بروتين سبايك بين فيروس كورونا الجديد وفيروس الإيدز في أربعة مواضع من تسلسل الاحماض الأمينية المكونة للبروتين سالف الذكر، المح الباحثون عن أن تلك المواضع الأربع ربما نشأت من تطوير وتلاعب معملي… من هنا بدأ اللغط والشكوك عن تطوير تلك الفيروسات واستخدامها كعوامل بيولوجية مدمرة تستهدف اقتصاد الدول.

 

دعونا أولا نعرف ما هي الأسلحة البيولوجية؟

الأسلحة البيولوجية هي استخدام الكائنات الحية الدقيقة (مثل البكتيريا أو الفيروسات أو الفطريات) أو الحيوانات القاتلة أو السموم الخطيرة المستخلصة Toxins من تلك الكائنات الحية في قتل وتدمير مجتمعات معنية بذلك التدمير. وربما تطور الأمر حديثا الى تحميل جينات مؤذية إلى عناصر غذائية لتصيب مستهلكيها بأمراض خطيرة مثل السرطان وخلافه. يتراوح استخدام الأسلحة البيولوجية ما بين تصدير إشاعات أو خدع للمجتمعات لأثارة القلق والذعر بين الناس أو الاستخدام الفعلي. وبالرغم من توقيع 108 دولة متقدمة علميا عام 1925على معاهدة حظر استخدام الأسلحة الكيماوية اشتملت ضمنيا على الأسلحة البيولوجية، زاد عدد تلك الدول في معاهدة عام 1972. إلا ان بعض التقارير تؤكد أن هناك عدد من الدول تراودها نفسها لتصنيع تلك الأسلحة أو تسعى للحصول عليها، وهناك مخاوف من أن الجماعات الإرهابية أو قوى الشر قد يكتسبون التقنيات والخبرات اللازمة لتصنيع واستخدام هذه العوامل المدمرة.

ويعود استخدام عوامل الحرب البيولوجية إلى العصور القديمة حيث استشهد الأدب الفارسي واليوناني والروماني (عام 300 قبل الميلاد) بأمثلة استخدمت فيها حيوانات نافقة في تلويث الآبار ومصادر المياه. وخلال حصار كافا في شبه جزيرة القرم عام 1347 حيث قامت قوات التتار بإلقاء جثث مصابة بالطاعون (الموت الأسود) على المدينة في محاولة لإحداث وباء داخل قوات العدو، وانتقل الطاعون إلى جزيرة صقلية وجنوب أوروبا مما أودى بثلث سكان أوروبا. وتكرر هذا في عام 1710 ، عندما حاصر الروس القوات السويدية في ريفال في إستونيا.

أما في العصر الحديث، فقد وصلت الحرب البيولوجية إلى قمة تطورها خلال القرن العشرين. خلال الحرب العالمية الأولى، طور الجيش الألماني الجمرة الخبيثة والكوليرا ، وفطريات القمح خصيصًا لاستخدامها كأسلحة بيولوجية. وزُعم أنهم نشروا الطاعون في سانت بطرسبرج (لينن جراد)، روسيا. وفي عام 1942، طورت الولايات المتحدة أسلحة بيولوجية واستخدمت بكتريا الجمرة الخبيثة وتخزينها بكميات كافية للانتقام غير المحدود من القوات الألمانية إذا أقبلت على استخدام العوامل البيولوجية.

على الرغم من وجود أكثر من 1200 عامل بيولوجي يمكن استخدامها في الحروب البيولوجية وتستطيع أن تسبب أمراضًا خطيرة، إلا أن عددًا قليلًا نسبيًا يمتلك الخصائص اللازمة لجعلها مرشحة للحرب البيولوجية. فأكثر العوامل المستخدمة هي الأمراض البكتيرية الخطيرة مثل الأنتركس أو الجمرة الخبيثة وبكتيريا الطاعون وايضا الفطريات المنتجة للسموم المسرطنة مثل الأفلا توكسين أو الاوكراتوكسين التي تسبب فشل كبدي وفشل كلوي حاد أثناء استنشاقها. وهذه العوامل يمكن نشرها عبر الهواء بواسطة بخاخات الهباء الجوي وعبر المتفجرات وعلى العكس من الفيروسات، رغم أنها أشد فتكا، إلا أنه لا يمكن تنميتها في أوساط غذائية، بل يلزم تنميتها داخل حيوانات قابلة للإصابة بها، كما أن هناك صعوبة في نشرها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى