قراءات تأويلية لـ نص ” لقاء مؤجل ” للشاعر المغربي سعيد محتال

سي مختار حمري | المغرب – حاتم بوبكر | تونس

أولا – النص: 

النص لقاء مؤجل – سعيد محتال

ما بين الغياب والانتظار
على أبواب محطة الذهاب والإياب
غريب حطّ بأرض يباب
ينتظر بشوق قدوم السحاب
تجمد على صخرة سيزيف
كأوراق خريف بلا ألوان
عاري الغصون
كرعد السماء
ما بين أنين البرق
ورجاء شط الأمان
تتساقط دمعات الندى
ترجو الثبات
خوفا من جفاء النّجوم
واكتحال بدر المساء
ما بين همس بعيد
وقلب ملطخ بالأنين
تداعت أصوات الطيف
تُلبّي النداء
أيها المسافر قبل اللقاء
العالق بين مد وجزر
بلا بحر ولا ماء
يتوسل الزّمان
الهارب من قضبان ساعة النهار
عاجزا عن رسم طريق
من طوق الحمام
خجلا من معانقة السراب
كبّلته نظرات بؤس الظلّ
ينهار كلما غاب النهار
في غفلة من بطش نظرة الأسى
الغارق في بطن الحوت
القابض على الجرح
ساعة اللقاء
يلفّ الدموع
بأوراق فارغة من الكلام
وأقلام جفّ أنينها
من حكايا ابن يقظان
تلوح للأفق
على أمل اللقاء
ببدر يتسكع خلف الظلام
وحلم مولع بحب الانتظار.

 

ثانيا – القراءات النقدية

قراءة: سي مختار حمري
تغوص بنا بعمق من زاوية أخرى بين ثنايا نص ” لقاء مؤجل ” – الذي تناوله بالدراسة الناقد Hatem Boubaker سابقا – للكشف عن بعض خفاياه التي مازالت عالقة في جوف بعض الانزياحات الواردة فيه محلقا بها بين السماء والأرض معتمدا على حدة البصر للتجول بكل أريحية بين أحضان النص:

نص شعري يعج بالرموز كشجرة فروعها في السماء لكن جدورها منغرسة في تربة الواقع التي لا تخلو من لوثة وجفاف وانكسار واحباط نص يصعب احتواؤه في مجمله لانه يوظف الانزياحية بشكل عميق واستدل على ذلك بالزمان الهارب من الساعة وتحضرني هنا قولة سابقة لشاعرنا المبدع في قصيدته لعبة القرب قال مامعناه “طال البعد عنك يازمان” هناك توظيف للزمن عند شاعرنا يغري بالمتابعة.
بالنسبة لمقاربة الاستاذ للنص كانت ابداعيا راقية ولامست بعض جوانب النص دون الحفر الى اعماق ابعد لسبر اغوار ماخفي وراء السطور حسب فهمي المتواضع ركزت المقاربة على بعدين أساسيين :
بعد واقعي يمكن ان ينطبق على الجميع واعني الانسان العربي من غربة واغتراب وعبثية وانهمام وتمزق وانكسار واحباط … وما ركز في هذا الاتجاه وهو فعلا صحيح الى حد بعيد ولا يمكن لأي شاعر صادق ان ينفلت منه “فكل اناء يرشح بما فيه”
البعد الثاني هو حي بن يقضان والتقطتها مجسات الناقد وكاننا في حضرة دريدا مع تفكيكيته الغريبة العجيبة..هي رواية تحكي قصة “حي بن يقضان “تناوب على كتابتها واعادتها عدة فلاسفة ابن سينا والسهرودي و ابن طفيل لتكون اخر كتابة لابن النفيس وهي قصة انسان يعيش منذ الولادة وحيدا في جزيرة ترمز الى الانسان لعلاقته بالكون والدين
اذا يمكن تلخيص القراءة النقدية بالقول اننا امام فيلسوف شاعر يعيش مازق الوجود لا كشخص ولكن كانسان عربي يعيش المرحلة بوعي وفكر نابض ..يحاول إعادة كتابة رواية “حي بن يقضان ” بطريقة أخرى صالحة لهذا العصر والقصيدة تعطي بعض الاشارات لما يجب ان يكتب اي لتصور جنيني يجعلنا فعلا نخرج من هذه المازق الذي غرقنا في اوحاله والذي عبر عنه النص الشعري والقراءة كل من منظور معين
فقد نتصور انه يجب وقف الزمن السيزيفي واحالته كتمثال الى المتحف بما معناه وقف العبث في مجتمعاتنا بكل أشكاله
انهاء هذه الانتظارية التي تجعل زماننا يفر “الهارب من قضبان ساعة النهار”ولم يعد بمقدورنا اللحاق به وايقاف هذا المد والجزر العبثي بين البين … نص شعري ثري وغني بالافكار والرموز وقابل لعدة تاويلات

قراءة: حاتم بوبكر

أيكون الغريب حي ابن ابن يقظان الصفحة البيضاء الخالية من كل القواعد والموروثات ووجوده مؤجل أو هو بين البينين بين مفترق بين الغياب والانتظار , بين الماكان والما يكون او بين التليد والماسيكون لان الكائن لديه عدم يشعره بغربةالوجود وغرابته كذات في وضع يستشرف مأساويته وعدميته . غريب كسيزيف التائه في العبثية. شاعرنا ليس سيزيفا وانما يرى ان الوجود عبثي بل وأبعد من ذلك لقد تحجر. سيزيف يكفيه شرف المحاولة . وضعية الشاعر تبدو أشد مأزقية واحراجية لأنه ثابت لا يعاشر الديناميكية والشاعر ليس هو فيحد ذاته وانما هو الأمة الثابتةببُناها الفكرية المتحجرة بموروثها الذهني الذي أعاق كل امكان للتغير بحالها الذي يعانقه التشظي والانقسام. يقف شاعرنا منتظرا الفرج من السماء علها ترأف بوضع أمة شُدّ وثاقها وعانت الظل والوهم ونست الأنوار أو تناستها فسكنت الجهل والثبات لم تعد تسأل أو تفكر في ذاتها سعيا لنحت كينونتها الكل انصرف الى أشباه المشاكل وسقط في اللامعنى بل و وشرق بمعنى أرادوه لنا بمعنى المعنى الذي أراده غيرنا فخلناه المعنى والحال أنه اللا معنى . المعنى شاعرنا يجسده/ موطنه حكايا ابن يقظان هذا الذي ينطلق من الصفر الثقافي والمعرفي لينبثق من جديد وتبدأ معه قصص نحت الذات ونحت الكيان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى