قصة قصيرة: أنا المرأة المنكوبة  بالاغتراب

فيروز باش | الجزائر

لن تضركم عاهاتنا تقول امرأة صوتها يشبه نقيق الضّفادع

لن يقتلكم قنوطنا تقول امرأة حامل بطفل دون وجه

لا تعنيكم ثقوب أرواحنا تقول امرأة نزع زوجها الوغد عينيها بقلب بارد

لن تصلكم أصواتنا المبحوحة تقول أم ابنها الوحيد ينام الآن في زنزانة انفرادية دون طعام

إنّه فصل البرد والضحك الباكي، أغلب النّساء يحتضن صمتهن النّازف، وينتظرن الصّباح إلى أن يجيء

الخالة “فاطمة” هي الأخرى تحمل تعبها وتطعمه للظّلام

تنثر الكثير من الحب على أرض الوطن، وتصلي ليحفظ الرّب ابنها المعتقل ويعيده لأحضانها في أقرب وقت

يقال بأنّه وقع في غرام امرأة اسمها شمس، وقبل أن يكتب قصائد شعر لها قطعت الغيلان أصابع يديه

وابتلعت صوته، ثمّ رمته في زنزانة انفراديّة وأغرقته في العتمة بتهمة المجون.

الخالة “فاطمة” على الرّغم من ذلك لم تتوقف يوما عن طبخ الأطباق الّتي يفضّلها ابنها

تطبخ  كل يوم ما يحبه، ثمّ تغرس يديها في السّماء، لتخبر الرّب بأنّها تنتظر منه وحده ما تعلمه.. تقول بصوت خفيض لكي لا تزعج الموتى: “يا رب يا قاهر الجبابرة والطّغاة اجعل ابني يشعر بالدّفئ والشّبع.. وأعده لي.

أنا لم أذبل لحدّ السّاعة لكنّي أشعر بحزن ثقيل، لقد تعبت،قلبي  يبكي نفسه وأوجاعه المكفنة بالصبر المرير.. هل سيعود ابني أم أنّهم سيقتلونه ببطئ ويتبوّلون على اسمه، ويغرقونه في الوحل ثمّ يقنعون النّاس بأنّ سجن بسبب عفنه؟ أنا أترقّب.. أنا أنتظر.

..يارب.. نأيت بوجعي عن العالم وارتكزت على الإيمان بقدرتك في زمن العبوديّة والّذل الكثيف.. أعد لي ابني وليكن وجه القتلة والطّغاة يوم ألقاك تحت أرجل النّساء والأمهات.

أنا المرأة المنكوبة  بالاغتراب، العورة في نظر هؤلاء أو أولئك.. أتحرّر في حضرتك وحدك من صمتي الّذي أحبه حين تتعالى الأصوات من حولي ويغيب المعنى.. أقرّ بانطفائي على الرّغم من قوّتي، وأثق في عدالتك، فانتصر لي “آمين”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى