الهجرة سلوك وتخطيط

ماجد الدجاني| فلسطين


– ما معنى الهجرة في الإسلام ؟ هل الهجرة إلى المدينة هجرة هرب أم هجرة طلب؟

– لماذا لم يهاجر النبي صلى الله عليه و سلم مبكرا وكان آخر من هاجر؟

– لماذا لم يهاجر النبي من مكة إلى المدينة بواسطة البراق كما هو الحال في الإٍسراء درءا للمشقة؟ كان من الممكن أن يأخذه سيدنا جبريل بجناحيه في رمشة عين من مكة إلى المدينة و لكنه لم يفعل، لماذا ؟

– ما الذي دفع سيدنا أبو بكر للتضحية بكل شيء في حدث الهجرة ؟

– هل الهجرة مناسبة موسمية يحتفى بها كل سنة وانتهى الأمر أم هي منهج دعوي متجدد ؟

– ما هي الدروس والعبر والقواعد السلوكية التي يمكن أن يستفيدها مسلم اليوم من حدث الهجرة ؟

2- معاني وأسس ودواعي الهجرة النبوية: ما معنى الهجرة ؟ أساس الهجرة هو القيام بأمر الله على وجه البسيطة وعبادته حق العبادة. قال تعالى : “ياعبادي الذين ءامنوا إن أرضي واسعة فإياي فاعبدون”العنكبوت56. ثم قوله تعالى في سورة النساء 96: “إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعةً فتهاجروا فيها”. قال تعالى في سورة الإسراء 76 : “وإن كادوا ليستفزونك من الأرض ليخرجوك منها وإذا لا يلبثون خلفك إلا قليلا ” فكفار قريش كان لهم أن يختاروا بين ثلاث خيارات تشير إليها الآية الكريمة 30 من سورة الأنفال: “و إذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك و يمكرون ويمكر الله و الله خير الماكرين. فالهجرة هي دعوة حق تحملها رجال وأيدت بنصر الله تعالى وهي تؤرخ لميلاد أمة الإسلام وتفصل بين عهدين عهد بناء الإنسان المسلم والإصلاح الفردي وترسيخ العقيدة بمكة ثم عهد الإصلاح الجماعي والتشريع الإسلامي وإقامة دولة الإسلام بالمدينة. هناك من هاجر سرا ومن هاجر علنا كعمر بن الخطاب الذي هاجر دون خوف أمام أعين قريش، إذ توشح سيفه وركب جواده، ثم مر على قريش وصاح بهم : “من شاء أن تثكله أمه وييتم ولده، فليلاقيني خلف هذا الوادي”، و لم يجرأ أحد على منعه.

الهجرة إلى المدينة هي أساسا هجرة طلب لنصرة الدين وليست هجرة هرب، في حين أن هجرة بني إسرائيل هي هجرة هرب خوفا من فرعون، أما هجرة موسى عليه السلام مع الخضر فهي هجرة لطلب العلم اللدني. فالهجرة النبوية ليست فرارا بالدين ولم تكن هروبا من قتال ولا خوفا من مواجهة كفار قريش ولكنها هجرة بأمر رباني للانتقال بالدين إلى أجواء أخرى. ففي مكة وصلت الدعوة إلى الباب المسدود. فقد كانت مكة بمثابة المشتل وهذه الشتلة نقلها الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم وأصحابه وغرسوها في المدينة لتنمو وتصبح شجرة، فلو بقي الرسول في مكة لماتت هذه الشتلة ولضاع الدين. وبالجملة فالهجرة انتقال بالأبدان من أرض جدباء إيمانيا إلى أرض خصبة إيمانيا.
3- مراحل الهجرة وأحداثها
إذا حللنا أحداث الهجرة إلى المدينة سنجد أنها مرت من خمس مراحل أو نجملها في ما يلي :
1- مسار ما قبل الغار : تحضير أرضية أو بنية الاستقبال والتكوين القبلي للأنصار: ويمكن أن نسمي هذه المرحلة مسار البيعة و أبطالها الأنصار.
بعد أن سدت الأبواب في وجه النبي واشتد إيذاء قريش للمسلمين، جاء الأمل لنصرة الدين من ستة نفر من قبيلة الخزرج بيثرب قابلوا الرسول وهو يطوف بالكعبة في موسم الحج فأسلموا وعاهدوه على نصرة الدين ونشره في المدينة المنورة. فالله سبحانه وتعالى سخراليهود للتبشير بظهور نبي عربي، ولذا سارع الست أشخاص ليحظوا بهذا الشرف كي لا يسبقهم اليهود إلى ذلك. وفي السنة الموالية أصبحوا 12 عشر من الأنصار، فبايعوا الرسول بيعة العقبة الأولى، وفي السنة الثانية أًصبحوا 75من الأوس والخزرج ،منهم 73 رجلا وامرأتان ، فبايعوا الرسول بيعة العقبة الثانية،. وعندئذ بدأ الرسول في الإذن بالهجرة سرا لأصحابه.
2- مسار الإعداد والتخطيط : اتخاذ الدليل وإعداد الراحلتين والتكتم على الأمر و التحضير المحكم . بطل هذه المرحلة : بيت وآل أبي بكر.

أغلب الذين كانوا مع النبي كانوا شبابا، الكبار يفكرون ويخططون والشباب رجالا ونساء ينفذون. ففي مكة كان المسلم مضطهدا من طرف المشركين أما في المدينة فسيكون مضطهدا من طرف اليهود والنصارى والمشركين. تصوروا شخصا يترك أهله وأولاده دون شيء ويذهب إلى المجهول، إلى بلد معروفة بكثرة الأوبئة وبمناخها القاسي وتجدر الإشارة هنا أن المهاجرين كانوا تجارا والأنصار مزارعون. أم سلمة خرجت بدليل متجهة بمفردها إلى يثرب، أي تربية هذه ؟ إذن فقد ربى الرسول صحابته على ترك الدنيا والتعلق بالآخرة. هاجر الصحابة لأن الدنيا لا تساوي جناح بعوضة. الهجرة ليست مطلبا أو هدفا في حد ذاته، بل هي وسيلة دعوية لإقامة دولة إسلامية في مكان آخر. قال تعالى في سورة الحشر، ءاية 8: “للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله اولئك هم الصادقون.”
الهجرة لها أسس ودواعي وتستدعي مجموعة من الترتيبات. فقد خطط النبي التخطيط المحكم لإنجاح هذه الرحلة المباركة، و أخذ بجميع الأسباب و لم يترك أي شيء للصدفة.
الرسول اكترى دليلا من المشركين يدعى عبد الله بن أريقط نظرا لخبرته بالطريق وقد اتجهوا إلى جنوب مكة قصد تضليل وتمويه المشركين الذين سوف يسعون للبحث عنهم وسلكوا طريقا معاكسا لطريق القوافل وفيه تأصيل للاستعانة بالخبرة الأجنبية من أهل الكتاب ومن غير المسلمين واستثمار كل الطاقات والإمكانات المتوفرة من أجل خدمة الإسلام وفيه بعد حضاري.
3- مسار الفداء و الأمانة : تضليل المشركين ورد الودائع والفداء والأمانة ، بطل هذه المرحلة هو: سيدنا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه.
قد أمره أن ينام في فرشه تاركا له برده الحضرمي وذلك من أجل تمويه و تضليل كفار قريش، و كلفه أن يرد الأمانات والودائع إلى أهلها، فالرسول كان حريصا على رد الأمانات ووفيا لمن استأمنه حتى في أحلك الظروف.
4- مسار الغار الذي يرمز إلى الصحبة والتفاني في الخدمة والمحبة واليقين والثبات ويجسده بامتياز سيدنا أبو بكر رضي الله عنه. والأمور اللوجيستكية والخدماتية للهجرة قام بها أبو بكر فبيته وما يملك كله اشتغل في الهجرة (بنتاه عائشة وأسماء، ولده عبد الله، مولاه عامر بن فهيرة، غنمه، زوجته، ماله) إلا أبوه أبو قحافة.

فلما جاء الإذن الرباني بالهجرة، خرج الرسول من بيته دون أن يراه فتيان قريش الذي دبروا لقتله وذهب إلى بيت أبي بكر وقال له النبي : الصحبة يا أبا بكر، فبكى رضي الله عنه من شدة الفرح. وبدأ في التحضير للرحلة حيث :
أ- جهز راحلتين للسفر من ماله الخاص. وخير الرسول في أحسنهما، و لكن الرسول قال له : بالثمن، ما كان لي أن أركب على بعير ليس لي، فأدى ثمن راحلته.
ب- كلف ابنته أسماء وهي امرأة حامل في الشهر السادس أن تأتيهم بالطعام كل ليلة حتى لا يشك أحد في قدرة امرأة حامل أن تتسلق جبلا صعب المسالك، ، وسميت فيما بعد بذات النطاقين لأنها لم تجد ما تعلق به الطعام و الماء في رحالهما، فشقت نطاقها نصفين وعلقت الطعام بنصفه الأول و تحزمت بالنصف الآخر.
ج-كلف ابنه عبد الله بن أبي بكر بلعب دور المخابرات حيث يأتيهم بأخبار قريش نهارا طوال الثلاث الأيام التي قضوها في الغار ويبيت عندهم كل ليلة.
د-كما كلف مولاه عامر بن فهيرة أن يرعى غنمه قرب الغار للتزود باللبن من جهة ومحو آثار أقدام عبد الله بن أبي بكر عند العودة إلى مكة صباحا.
ه- قدم ماله كله للرسول ، وعندما سأله الرسول : ماذا تركت لأهلك؟ أجاب : تركت لهم الله و رسوله.
عندما أحس الرسول بمطاردة الفتية العشرة اللذين أرادوا قتله لجأ إلى غار ثور واختبأ فيه هو وأبو بكر. عندما وصلا إلى الغار، وكان أول من دخل إلى الغار هو سيدنا أبو بكر مخافة أن يصيب الرسول مكروها أو تلدغه حشرة أو ثعبان، حيث بدأ يمزق ثيابه و يسد الثقوب حتى بقي ثقبان فسدهما برجليه و بعد ذلك قال للنبي : ادخل يا رسول الله، و نام الرسول على ركبتي أبي بكر الذي لدغته ، عقرب و لكنه لم يحرك ساكنا مخافة إيقاظ الرسول و ذرف دموعا من شدة الألم دون إزعاج الرسول حتى سقطت دمعتان عل الخد الشريف، فسأله رسول الله : ما بك يا أبا بكر؟ فأجاب : لدغت يا رسول الله، فتفل النبي في رجله وذهب الألم. و تروي كتب السيرة أن العقرب التي لدغت رجل الصديق إنما فعلت ذلك لأنه حجب عنها التملي بالوجه الصبوح للمصطفى والله أعلم.
و قد وصل المشركون إلى باب الغار ، فلما رآهم أبو بكر خاف أن ينكشف أمرهما فقال : يا رسول الله، والله لو نظر أحدهم تحت قدميه لرآنا، فقال له النبي بلهجة الموقن من نصر الله : يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما.

وقد سخر الله لحماية نبيه من المشركين المطاردين حمامتان وحشيتان باضتا في أسفل فم الغار. كما أنبت الله شجرة تسمى الراءة أمام الغار طولها قرابة متر ونصف. كما حفظ الله حبيبه المصطفى بأوهن البيوت حيث سخر أضعف حشرة ألا وهي العنكبوت لتنسج عشها في أعلى الغار. وقال بن خلف أحد المشركين المطاردين : “إن عليه عنكبوتا أقدم من ميلاد محمد”. هكذا نلاحظ أن الأمور اكتست صبغة شرعية، نوم المشركين، الحمام الذي باض والعنكبوت الذي نسج وكان من الممكن أن تتجلى عناية الله دون هذه الأمور، و لكن الله تبارك و تعالى أراد أن تأخذ أحداث الهجرة هذه الصبغة الشرعية.
5- مسار بعد الغار، والكرامات التي وقعت في الطريق إلى المدينة : ويمكن أن نسمي هذه المرحلة مسار المعجزات وآيات النبوة، و بطلها طبعا هو النبي . وفي الطريق إلى المدينة حصلت عدة معجزات مثل حادثة ملاحقة سراقة والاستراحة في خيمة أم معبد ولا يسع الوقت لذكرها وسنخصص لها موضوع آخر إن شاء الله.
4 – بعض الدروس و العبر المستفادة من الهجرة :
أ- فالمتأمل في أحداث الهجرة سيلاحظ أن الله تعالى سخر كل الكائنات للمساهمة من قريب أو من بعيد في إنجاح الهجرة. الإنسان : في الهجرة شارك المسلمون شيوخا وكهولا وشبابا وأطفال ونساء. كما تعلمون انطلق الإسلام بخمس أشخاص، ونصر الله الإسلام بست أشخاص من يثرب، وهاجر مع النبي ثلاث أشخاص : أبو بكر الصديق، عامر بن فهيرة وعبد الله بن أريقط. الملائكة : التي كانت تحفهم والتي تشير إليها عدة آيات كريمات. اليهود : قاموا بالدعاية المجانية في المدينة وبشروا بظهور خاتم الأنبياء، المشركون : عبد الله بن أريقط الدليل على الطريق ، سراقة الذي أصبح حارسا لهما ليلا فبعد أن كان جاهدا في طلبهما نهارا الحجر : المتمثل في الغار الذي آوى الرسول وصاحبه ثلاث ليال. وتجدر الإشارة هنا أن رسالة الإسلام انطلقت من غار حيراء ونصرته جاءت من غار ثور، النبات : الشجرة التي أنبتها الله تعالى أمام الغار ، الحيوان: البعير الذي سافر عليه الرسول وصاحبه، الغنم التي كانت ترعى قرب الغار، الحمامتان الوحشيتان اللتان باضتا في فم الغار، الحشرات : العنكبوت التي نسجت بيتها في أعلى الغار. الجن : الرجل من الجن الذي كان يتغنى بأبيات شعرية يخبر فيها الناس عن الطريق الذي سلكه النبي صوب المدينة.

ب- الهجرة تعلمنا أن المؤمن لا يتعجل النصر هذه سنة كونية. فكان النصر في المرة الأولى عندما خرج من بيته و ذر التراب على الكفار الذين ناموا فلم يروه، و كان يقرأ آيات من سورة يس : “فجعل من بين أيديهم سدا ومن خلفهم فأغشيناهم فهم لا يبصرون”. قال تعالى : إن الله يدافع على الذين آمنوا. المرة الثانية في الغار عندما أتى المشركون قرب الغار. المرة الثالثة عندما تبعهم سراقة طامعا في جائزة قريش، فحفظ الله نبيه فبعد أن كان سراقة جاهدا في طلبهما نهارا، أصبح حارسا لهما ليلا.
ج- الهجرة فيها تأصيل للإذن والصحبة عند أهل الله.
فالرسول كان يأذن للغير بالهجرة، و كان آخر من هاجر لأنه كان ينتظر الإذن الرباني، حتى لا يقال إنه قائد هارب خوفا من قريش. فلما جاء الإذن قال لصاحبه : الصحبة يا أبا بكر. إذا كان عبد الله بن أريقط هو الدليل المادي على الطريق فالدليل الروحي على الطريق إلى الله في الهجرة هو الرسول . يقول بعض العلماء المعاصرين : خمس أشياء تجعلك تحب النبي صلى الله عليه وسلم : صحبة الشيخ المربي الدال على الله، الإكثار من الصلاة على النبي ، دراسة السيرة، اتباع سنة رسول الله و زيارة المدينة المنورة.
د- تدلنا أحداث الهجرة وتفاني سيدنا أبي بكر في خدمة الرسول، على أن محبة النبي لا تنحصر في مجرد الاتباع له، بل المحبة له هي أساس الاتباع وباعثه. ورد في الحديث : “ما فضلكم أبو بكر بكثرة صلاته ولا بكثرة صيامه ولكن بشيء وقر في صدره”.
ه- الهجرة كما رأينا في أحداثها استسلام تام لله عز وجل. فالهجرة درس في البذل والتضحية والعطاء. المهاجر من هاجر ما نهى الله عنه، الذي يريد وجه الله عليه أن يقطع مجموعة من الحبال : الكسل، الغفلة، السيجارة، كثرة الكلام، رفقاء السوء…إلخ.. لذا فالوصول إلى الله موقوف على هجر العوائد
و- معية الله أغلى من كل شيء. قال تعالى في قصة سيدنا موسى في سورة الشعراء 61: “إن معي ربي سيهدين”. قال تعالى في قصة الهجرة إلى المدينة : “لا تحزن إن الله معنا”. التوبة، ءاية 40.
ز- تبدو الهجرة بحسب الظاهر تركا للوطن وتضييعا له، ولكنها كانت في واقع الأمر حفاظا عليه ورب مظهر من مظاهر الحفاظ على الشيء يبدو في صورة الترك له والإعراض عنه. فقد عاد الرسول بعد بضع سنوات من هجرته هذه إلى وطنه الذي أخرج منه، عزيز الجانب، منيع القوة خلال فتح مكة.

ط- لم يهاجر النبي من مكة إلى المدينة بواسطة البراق درءا للمشقة : لأن الإسراء بالبراق تشريف وتكريم رباني لنبيه المصطفى لم يكن للمسلمين أن يقلدوه ولكن الهجرة وسيلة من وسائل الدعوة على المسلمين جميعا أن يقلدوها إلى يوم الدين وذلك بالهجرة المعنوية أما الهجرة البدنية فقد توقفت بعد فتح مكة يقول : لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية. ففي الهجرة أراد الله سبحانه وتعالى أن يبين لنا أن الرسول عبد.
5- القواعد العملية والسلوكية المستخلصة من الهجرة النبوية :
يمكن أن نستخلص من هذا الحدث العظيم مجموعة من القواعد السلوكية الذهبية القابلة للتطبيق في حياتنا اليومية وفي مجال الدعوة إلى الله.
1- تعلمنا السيرة أن كل إنسان يجب أن تكون له قضية في الحياة يعيش من أجلها ورؤية لإنجاز رسالته في الحياة . قال حكيم عربي: “ليس للحياة قيمة إلا إذا وجدنا فيها شيئا نناضل من أجله”. فالناس أربعة أنواع في الرسالة والرؤية:
ب- رسالة و رؤية : فهؤلاء يعرفون مسارهم وتخصصهم فيه، ولديهم أهداف واضحة. والرسول أكبر إسوة.
ج- رسالة دون رؤية : فهؤلاء يعرفون مسارهم لكن ليس لديهم خطة واستراتيجية ومتابعة لتحقيق رسالتهم.
د- رؤية دون رسالة : فهؤلاء يعرفون ما يريدون دون أن يحددوا مسار حياتهم مثلهم مثل التجار المنهمكين في تجارتهم فقط من أجل المال والنجاح.
ه- لا رسالة ولا رؤية : فهؤلاء حائرون لا يعرفون مسارهم في الحياة ولا يعرفون ما يريدون منها ولم خلقوا.
2- الهجرة منهج دعوي متجدد لا ينقطع حتى تقوم الساعة، فآية الهجرة لم تنزل إلا في السنة التاسعة للهجرة لتذكر المسلمين بهذا الأسلوب الدعوي المتجدد : إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا و الله عزيز حكيم. التوبة 40. يقول : “لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة ولا تنقطع التوبة حتى تشرق الشمس من مغربها”. فالهجرة ليست مناسبة يحتفل بها المسلمون كل عام وانتهى الأمر بل هي ملازمة للإنسان طوال عمره، فعلى المسلم هجرة أماكن وأصدقاء السوء، هجرة الغفلة عن الله.. وقد أوصت أعرابية ابنها فقالت :”المسافرون يسمعون الغرائب ويرون العجائب ويأخذون التجارب ويعودون بالمكاسب.”
3- تخطيط ساعة يساوي خمس ساعات عمل. يقولون : الرجل هو الذي يخطط وله رأي ويتشاور ويعمل، نصف الرجل هو الذي له رأي ويعمل ولكنه لا يخطط ولا يتشاور، اللارجل هو الذي لا يخطط وليس له رأي ولا يتشاور ولا يعمل. يقول أهل التخطيط والإدارة : “إذا فشلت في التخطيط فقد خططت للفشل”.
4- “الكافر لا يغدر والمؤمن لا يتوجس” (يخاف). قاعدة فقهية استعملها الرسول لما استعان بمشرك ليدله على الطريق إلى المدينة. وفيها تأصيل للاستعانة بالخبرة الأجنبية في كافة المجالات إذا حصلت الثقة فيهم. وبالفعل فالدليل عبد الله بن أريقط لم يغدررغم تلقيه إغراءات مادية و أخذ عددا من النياق كمقابل على خدمته.
5- “لا بد أن أختار الوقت المناسب والمكان المناسب والأسلوب الأنجع لإنجاز أية مَهمة أوعمل”. لاحظوا توقيت خروج الرسول من بيته واختياره للغار والمكوث فيه مدة من الزمن وسلوكه طريقا غير طريق القوافل.
6- التكوين مسألة حيوية في إعداد وتأهيل الداعية للقيام بمهامه الدعوية على أحسن وجه حيث استغرق تكوين المهاجرين 13 سنة بمكة من أجل تكوين المسلم للتخلي عن الدنيا والهجرة للمجهول تاركا أمواله وأهله في سبيل نصرة دينه في حين أن إعداد الأنصار استغرق سنتين بالمدينة، وكان أساسا إعدادا نفسيا وروحيا. ومن هنا يمكن أن نفهم لماذا يحث شيوخ التربية على تكوين مريديهم في العلوم الشرعية والعصرية حتى يضطلعوا بمهامهم الدعوية و يقومون بها على أحسن وجه قصد نشر الإسلام الصافي المبني على التسامح و الرحمة محبة الخلق جميعا بالحكمة والموعظة الحسنة وبالتي هي أحسن.
7- دعاية عدوك وتشهيره بك يمكن أن ينفعك وقد لا يضرك. ألم يكن المشركون يقفون عند أبواب مكة ويوصون الناس ألا يسمعوا للنبي و لكن في الواقع هذا خدم النبي فقد عملوا له دعاية مجانية. ففي الواقع الذي يكتب عنك إنما يقدم لك خدمة جليلة للتعريف بك والدعاية لك بالمجان.
8- الإصرار وإعادة المحاولة وعدم اليأس والصبر على المدعو من أهم خصال الداعية : ومن مظاهر تدبير الأزمات من خلال السيرة النبوية، نستخلص من مواقف كثيرة أن الفرج يأتي بعد الشدة والصبر :

بعد الحصار الظالم في شعاب أبي طالب : يأتي الفرج من الأرضة التي أكلت الصحيفة.
بعد محنة الطائف جاءت جائزة الإسراء والمعراج.
بعد شدة إيذاء المسلمين في مكة أذن الله لنبيه بالهجرة إلى المدينة.
في حادث الإفك لما اتهم النبي في عرضه جاءت براءة أمنا عائشة رضي الله عنها مما نسب إليها قرءانا يتلى إلى يوم الدين.
9- تدبير الأولويات من أسباب النجاح في الحياة. وقد استعمل الرسول القاعد

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى