أعداؤه أعوانه.. شاعرٌ شاهد

د. ريم سليمان الخش | سورية – فرنسا

فسدَ الربيع وعرّيت أغصانه

وتيبست قبل القطاف جنانه

///

رزْءا تفتت ما نما في روضه

وتوزعت أوراقَه ديدانه

///

وموارد التغيير جُففَ نبعها

قحطا أسفَّ معذبا ظمآنه

///

وتثاقلت سحب الهموم مرارة

سحا تفيض بلوعة أحزانه

///

وطغى الخراب على البقاع كأنه

من عهد عادٍ سوّيت أركانه

///

غولا يهدّم ماعلا متهورا

هرْجا تُخالط هدمه نيرانه

///

من لم يمت بقذيفة متناثرا

فبعمق يمٍ داهنت شطآنه

///

أو من صقيع تهجّرٍ مستوحشٍ

جمدت بليل كريبة قطعانه

///

إذْ كُدسّت خيم العراء كأنّها

رث الشراع تقطّعت أشطانه

///

وتمايلت وسط الرياح كئيبة

لم يدرِ أين ملاذَه قبطانه

///

أو سجن أخبث طغمة جدارانه

لو تشتكي لتناوحت جدرانه

///

غِلا يُسلّخ كالشياة جلودهم

عتها يبرر سحقَهم طغيانه

///

حتى توجّب صدُه بجسارة

فأتى بمثل سفاهة عصيانه

///

وحشا كواسرَ لا يُرام فؤادها

ولشرّ ما دفع الأذى إتيانه

///

فأتى الهبوب محملا بسمومه

فتدعدشت وتهجمت ألوانه

///

وتحرّفت ألواحه فاستعجمت

إذْ غيرّت فقه التقى كهانه

///

فبدت بسيف خوارجٍ أحكامه

وأحلّ سقط تعقّلٍ تبيانه

///

فسدت مرابع زرعه فحصاده

من بعد أن ورث التقى شيطانه

///

هذا الربيع السمح في سيمائه

يختال طلقا بشرّت ألحانه

///

هذا الذي جمع الشذى بعروقه

فتبرعمت ملء الرضا أجفانه

///

هذا الذي نضح الأصالة كوثرا

متدفقا يسقي الورى شريانه

///

حرث العقول مجددا إيمانها

في صحوة تحتاجها أوطانه

///

فسدت ركائز زرعه وتأمّرت

في عنق خير فضيلة ذؤبانه

///

أضحت دلاء مغانم غاياتها

فانحلّ في بؤر الأنا إحسانه

///

كم من ثريٍّ محْدث إثراؤه

متربع ركمَ العظام كيانه

///

كم من دعيٍّ فاسق متصدرٍ

حصد النفوذ تكسّبا دكانه

///

كم من حثالات طفت في قاعه

نتنا تفرّ فظاعة فئرانه

///

شتان بين منعم منها اغتنى

ومفقّرٍ فيها مضت تيجانه

///

وهب الطيور شغافه مسترخصا

وانساب من شغف بها وجدانه

///

منح الحشاشة باذلا متبذّلا

لم تبقَ إلا ذاكرا أشجانه

///

شتان بين مغامر متولهٍ

كانا عليها حظه ورهانه

///

أو بين واهب قبّة لألاءها

ومجمّعٍ شهدت له حيطانه

///

كان التراحم خبزنا وشرابنا

والجود خمرة عاشق ودنانه

///

ولقد بذلنا ما تقادم جمعه

نعمّ العطاء إذا سمت أعيانه

///

ماكنتُ أحسب أنْ ستقضى تسعة

سقما يُطبب نزفه خوّانه

///

إذْ ألفت لخلاصنا أكذوبة

تعس الذي أعداؤه أعوانه

^^^

هامش:

خير فضيلة =الحرية الكثيرون كانت الثورة لهم ثراء ومناصب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى