ضوء في نهاية النفق

محمد حسين | فلسطين

اللوحة للفنان البلجيكي: ألفريد ستيفنز

المدنُ التي لم تغلقْ فمَها يوماً ما أصيبت بالبكاءِ فغدَتْ تبحثُ عن مناديلٍ لتمسحَ دموعَها على أرصفةِ الزناة ٍ، بعدَ محاولاتٍ مضنيةٍ استمرَتْ لأسبوعين تمكنْتُ من الاتصال بصديقي المقيمِ على أطرافِ مدينةِ الصراخِ فشبكةُ الإنترنتِ عندَهُ تمشي على ظهرِها بسببِ مرضٍ كساحٍ ألمَّ بها لم يستطعْ أطباءُ المدينةِ معالجتهُ، أمّا الشبكةُ الكهربائيةُ فكانَت هاربةً بين السهولِ والجبالِ تمتّعُ ناظريها بالطبيعةِ، اتفقْتُ مع صديقي أحمد على لقاءٍ في منزلي المتواضعِ المستأجرِ بمبلغٍ يكافحُ جاري أبو محمودٍ الموظّفُ في مؤسسةِ سككِ الحديد منذُ تسعةِ وعشرين عاماً للحصولِ عليه آخر الشهر.
حضرَ أحمدُ على الموعدِ المتفقِ عليه بسيارتِه بعد أن كانَ يركبُ دراجةً هوائيةً، جلسْنا بدَت عليه علاماتُ الرغدِ، تسريحةُ الشعرِ ،ثيابٌ أنيقةٌ غاليةُ الثمنِ،
من أينَ كلُّ هذا الثراء الذي تعيشُه يا صديقي من عملك في البناء؟
أحمد؛ أجل من عملي في البناءِ..
لكن يا صديقي الناسُ غير قادرةٍ على تأمينِ قوتِ يومها فكيف تبني بيوتاً؟
أحمد؛ قصدُك الشرائحُ الفقيرةُ والتي أصبحت تشكلُ الغالبيةَ العظمى بسبب اختفاءِ الشريحةِ الوسطى من المجتمعِ. أمّا أصحابُ الكروشِ وربطاتُ العنقِ وتجارُ البشرِ والعاملين بالملاهى الليلية والسارقين لكلِّ شيء حتى الأحلامُ قادرين على البناء…
المهم يا صديقي أنا لبيتُ دعوتَك وأعرفُ أنّك بحاجةٍ لشيء ما تفضلْ لن أقصرَ معك…
لدي صديق يريدُ بناءَ جدارٍ لغرفتِه التي تصدعَت بسببِ الحربِ وسيعطيك أجرَك على دفعاتٍ فهو موظفٌ لا يملكُ غير راتبِه…
أحمد؛ توقعْتُ أن تطلبَ شيئاً ليس لك كما تعودت عليك، لاتهتمْ كثيرا سأنجزُ البناءَ لصديقِك مقابلَ الدعاءِ لي ولوالدي…
شكرا لك يا صديقي العزيز فمازال هناك ضوءٌ في نهايةِ النفقِ…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى