اللهم إني خائف.. صرخة من قلب قلة الظلام

د. خضر محجز | غزة – فلسطين

إضاءة:

نشر أمجد ياغي عام 2016 تقريراً حول التحرش في غزة، لفت فيه الأنظار إلى وجود مدراء يتحرشون بطالبات العمل. ولأن لدى البعض ممن يطالهم هذا التقرير، وسائل ضغط حزبية وسياسية في غزة، فقد انبرى الكثيرون ــ من المسيطرين في غزة ــ لاتهام معد التقرير بأنه يسعى لتشويه صورة غزة. وتعليقاً على ذلك نقول:

في غزة لا أحد مجرم، فلدينا هنا مجتمع طهراني شديد النقاء. وحتى إن صودف وجود بعض المتحرشين بالفتيات، فهم مجرد رموز حرفية فقط. ونحن نعرف أن الرموز مجرد أشكال كتابية مبهمة، تخفي حقيقة ما حدث، عن كل من يهمه أمر ما حدث. وبذا يواصل الجاني المتحرش وجوده الناعم المبتسم بيننا، ويتحكم في مصائر بناتنا ونحن لا نعرف. فالموظف الكبير في الأونروا لم يتم الكشف عن اسمه، وكذلك المحامي، وكذلك الآخرون الذين وردت رموزهم في تقرير التحرش الشهير.

في هذا الواقع الطهراني الغزي، يمكن التكهن بأنه يمكن فعلاً لمغتصب فتيات في غزة، أن يتحول في التقارير الصحفية ــ والمنشورات القانونية ــ إلى متحرش!.. مجرد متحرش يضغط على بناتنا (اللاتي نسميهن الحرائر) ليمارسن الجنس معهن لمرة واحدة، لكي يمنحهن فرصة الاشتراك في مسابقة نحو الفوز بوظيفة غير موجودة.

لدينا فحلٌ غزي هنا أيها السادة، يدافع عنه ناطق رسمي باسم الحزب الحاكم في غزة. ومحظور أن تسأل عن حقيقة ما حدث، لأن الناطق الرسمي غليظ الغضب والجسم والكيد يدافع عنه تحت تهديد الاتهام بالخيانة الوطنية.

يمكن لكل ذي عقل أن يقدر مدى الخوف الذي أعانيه وأنا اكتب هذه الكلمات، خصوصاً حين أتصور وجه الناطق الرسمي يحدق في من وراء ظلمات الليل والسلاح و(المقاومة). فكيف لو طرقت قوات الأمن التابعة للناطق الفحل بابي؟ يمكن لكم أن تتصوروا.

وحتى لو لم يحدث ذلك لي، فليس معنى ذلك أنه لا خوف في غزة. فالحقيقة أنني أوشك أن أكون محظوظاً، من بين مليوني شخص خائف مرتعب غير محظوظ، يرى المساس بشرف ابنته، رأي العين، ثم لا يجرؤ على تحدي منظومة القهر في غزة، التي يقودها ناطق رسمي غليظ الكيد والجسم والكلمات.

أيها السادة،

لو كان ثمة في غزة قوة للقانون، لفتح النائب العام ملف التحرش.

لو كان في غزة حزب أخلاقي يحكمها، لأمر بملاحقة كل من يتحرشون بالفتيات، بدل أن يصب جام غضبه على من يكشفون الحقيقة.

وهل من المروءة والشرف، بل هل من ضرورات المقاومة، أن يخاف المجني عليه، المطعون في شرفه، لمجرد ظهور ناطق رسمي باسم حزب ــ يقول إن زعيمه هو الله ــ من العقاب، لأنه تحدث عن جريمة تحرشٍ، مارسها بحق ابنته موظفُ أونروا، يتستر وراء قوة الأمم المتحدة، وحزب يبدو أن قادتَه ينالون منه بعضاً من التسهيلات؟

اللهم إنني خائف،

اللهم من وسط خوفي، ومن قلب غزة، مدينتك، مدينة الله، أدعوك أن ترفع عنا حكم هؤلاء الذين يزعمون أنهم نوابك على الأرض. فقد علمت والله ان لا نواب لك هنا، لا لشيء إلا لأنهم شديدو القبح.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى