اعترافات من قلب معسكر للاجئين

ترجمة: أنغام شعيب | مصر – شعر: وارسان شاير

لا أحد يغادر الوطن
إلا أن يكون الوطن كأنياب القرش
أنت لا تهرب إلى الحدود إلا أن ترى
المدينة كلها تركض معك
هذا الرجل.. كان جارك
يركض أمامك.. أسرع منك
يتنفس رائحة الدماء في حلقه
هذا الفتى.. ذهبتما إلى المدرسة معا
كان متوترا عندما سرق قبلة منك
لأول مرة.. خلف السور
يحمل الآن بندقية تفوقه حجما
أنت تغادر الوطن فقط عندما
يرفض الوطن أن تبقى
لا أحد يغادر الوطن حتى
يُطارَد بالنيران من بين يديه ومن خلفه
اللهب كالحمى يمزق أحشاءك
أمر لم تتصور أنك قد تفعله يوما
حتى أوشكت النصال المحترقة أن تذبحك
كيف وأنت تحفظ نشيده تحت جلدك؟!
في المطار.. تتوارى في دورة المياه لتمزق جواز سفرك
لتنتحب مع كل ورقة..
الآن.. لا طريق للعودة
عليك أن تفهم،
لا أحد يلقي بأطفاله في اليم
إلا لأن الغرق أقل خطراً
حيث لن يشعل أحدهم النار تحت عربات القطار
عليك أن تفهم،
لا أحد يختار البقاء كالفأر في جوف حاوية
يأكل الجرائد
إلا أن تعني الأميال التي تقطعها أكثر من مجرد رحلة
عليك أن تفهم،
لا أحد يهوى الزحف تحت الحواجز الشائكة
لا أحد يختار أن يُصفع.. أن يهان
لا أحد يفضل معسكرات اللجوء
أو أن يلقى به أرضاً بعد الخضوع للتفتيش
بجسد منتهك
ربِ إن السجن أحب إلي من مدينة تحترق
ضابط السجن أقل جنونا من رؤية سيارة
محملة بجثث رجال يشبهون أباك
لا أحد يستطيع تحمل هذا
لا أحد لديه من رباطة الجأش ما يكفي لهذا
يقولون:
عودوا إلى بيوتكم أيها السود
مهاجرون قذرون
لاجئون
لصوص
رائحتهم لا تشبهنا
متوحشون.. بدائيون
دمروا بلادهم والآن يريدون تدمير بلادنا
تلك الكلمات.. ونظرات الاحتقار
تستطيع أن تراها حتى بعد أن تدير ظهرك
يمكنك تحملها.. لأن ضربة موجعة أفضل
من أن يتمزق أحد أطرافك أمام عينيك
أو لأن الكلمات بالتأكيد أرق
من أن ترى امرأة
وأربعة عشر رجلا بين فخذيها
أو ربما لأن ابتلاع الإهانة ممكنا
أكثر من ابتلاع الأنقاض والعظام
ممكنا أكثر من رؤية أشلاء أطفالك
أنا حقا أريد العودة إلى وطني
لكن وطني أصبح أنياب قرش
صار فوهة بندقية
لا أحد يريد هجر وطنه إلا أن يُطارَد حتى الشاطئ
إلا أن يقول له الوطن:
أسرع!!
دع ملابسك خلفك الآن
ازحف عبر الصحراء
اعبر المحيطات
انصهر.. احتمل الجوع.. توسل
انس الكبرياء الآن
حياتك هي الأهم!
لا أحد يترك بيته حتى يخبره بصوت يفوح عرقا
غادر.. اهرب الآن وحالا
أنا لا أعرف كيف أصبحت ولا ماذا أكون غدا
لكني أعرف أن أي مكان على الأرض
أكثر أمانا مني!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى