الثورة الصناعية الرابعة.. هل نحن مستعدون؟!

تهى العبري | سلطنة عمان
“ثم انقضت تلك السنون وأهلها،، فكأنها وكأنهم أحلام” (أبو تمام).

شريط سنوات عمرك يمر سريعاً وقد لا تَلْحظ ذلك إلا بعد أن ترى إنجازاتك قد تحققت من الصعيد الشخصي أو العلمي أو العملي أو عندما تنتقل من العقد العشريني إلى الثلاثيني فالأربعيني وهكذا،.

تبدأ الأبعاد الحسية والعقلية تقترب من فهمك ومنظورك بشكل أوضح وتُستكمل التنفيذ بناء على الحروف التي رسمتها في البداية.

في عام 2000م كنتُ حينها في مقاعد الدراسة  عندما كان يتردد في ذهني آنذاك هذا الرقم المميز بتكراره وهو 2020 تبادر في خيالي وكأنه عقد طويل قد أصل إليه وقد لا أصل، وماذا سيتغير إلى حين وجودنا في تلك السنة.

أما اليوم فأقول شتّانٌ هو الفرق بينهما من يُدرك معنى كلمة اختلاف ومفرد انتقال وشرح التحول، مهما كان حجم وكمية وانتشار هذا التغيير يبقى هناك أثرٌ قديم منصرم وأثرٌ جديد أشرق وقابل للتحديث والتبلور.
لقد مرّ العالم بعقود وثورات صناعية مختلفة وفق مراحل متدرجة بدءًا بالزراعة والتي حققت إنتاجا محليا 100% من خلال الاعتماد على أنفسهم وبمساعدة بعض الحيوانات وظهرت خلال الثورة الأولى ماكينات البخار وبعض الاكتشافات والمخترعات الكهرومغناطيسية والتي سمحت بالتراسل، فعلى سبيل المثال البداية في مجال الغزل انتقل إلى اختراع عجلة الغزل (النانو) كانت تعمل بثمانية خيوط تطورت فيما بعد إلى اختراع واحدة أكبر طاقة لإنتاج أربعمائة خيط.

وبعدها تم اكتشاف النفط في الثورة الثانية والذي ساعد على تسريع الإنتاج من خلال زيادة الطاقة الاستعابية للماكينات وتفعيل الكهرباء، وتقفز الثورة الثالثة إلى ظهور أجهزة الحاسوب وبدء عصر التكنولوجيا والإنترنت أو ما تُسمى بالرقمنة، وكل مرحلة من هذه الثورات أخذت حقبة زمنية طويلة حتى تنتقل لأخرى.
وتعيش هذه الألفية احتفاء بثورة النانو تكنولوجيا أو الثورة الرابعة وهي التي تتلخص في الذكاء الإصطناعي والروبوتات والطباعة ثلاثية الأبعاد والتكنولوجيا الحيوية والحوسبة، وترتبط هذه بالثورة السابقة لها أي الثالثة وما حققته من إنجازات من إنتاج واختراعات ومكتشفات ليستكمل العلماء والباحثون اختراعاتهم.

لكَ أن تتخيل استحداث أشياء لا تخطر ببالك، وتُغيّر مسرى حياتك، وكما قال كارل ساغان “إننا نحيا في مجتمع يعتمد اعتماداً كبيراً على العلم والتكنولوجيا، ولا يكاد يعرف فيه أحد شيئاً عن العم والتكنولوجيا”.
ماذا لو كانت الأجهزة الكهربائية في بيتك تشعر بك عاطفياً؟!! على سبيل المثال التلفاز يُضبّط الموجة أو القناة وفقاً لمزاجك إن كنتَ سعيداً أو حزيناً في تلك اللحظة، أو أن مركبتك الخاصة تشعر بك أثناء القيادة وعن مدى احترازك للسلامة ومزاجك وتفكيرك وتتفادى خطر القيادة.

ماذا لو عاش الروبوت بيننا ويقوم بكافة الأعمال المنزلية منها رعاية الأطفال والأدهى تعلق طفلك به كتعلقه بالأم أو عاملة المنزل، أو كأن يُجري الروبوت لك عملية جراحية أو أي عمل طبي آخر. ماذا لو تم توظيفهم في دور الرعاية أو حضانة الأطفال؟ توقعات وتخيلات قد تصبح وقد تضمر مع الزمن وفقاً للعوامل المساعدة والظروف المواتية.

لقد تم سابقاً استنساخ النعجة (دولي) في عام 1996م؛ ماذا لو وُجدت الروبوتات ووصلت لتقدم علمي مع النانو وقامت باستنساخ نفسها، في وهلة ما قد يصبح الإنسان في خطر وتصبح المسؤولية الفردية ودور البشرية محدودة ومقننة.

وقد قال جاك مؤسس مجموعة علي بابا ” نحن لا نستطيع تعليم أولادنا أن ينافسوا الآلات”.
إنّ السنوات الخمسين المقبلة هي سنوات تتطلب توظيف الذكاء الاصطناعي وما تتضمنه الثورة الصناعية الرابعة بطريقة علمية بحثية تخرج باختراعات واكتشافات تُطور وتؤهل الإنسان لمرحلة متقدمة من العمل والرفاهية بما لا تتعدى المعقول، فهو صراع بين الآلة والإنسان، يتم فيه تقليل التدخل البشري وسيرتكز دوره على المراقبة والتدقيق والتقويم، ومهما وُجد مع الإنسان ستكون الفكرة هي التعاون بينهما من خلال تسخير إمكانيات التكنولوجيا في تعزيز القدرات البشرية، وتساهم في تغيير مسار المعيشة.
هذه الثورة ستخْلق عائدا كبيرا في النماء الاقتصادي وتخفيض تكاليف الإنتاج إلى جانب ذلك تطوير البنية التحتية والنظم التعليمية في مختلف المؤسسات على الصعيد الفردي أو الحكومي أو الخاص من خلال إدخال برامج وأساليب حديثة تُسهم في مواكبة التغير التكنولوجي ومحاباة الدول المتقدمة بما يتواكب مع ظروف الدولة وبيئتها.

أيضاً هذا سيوفر رعاية صحية جيدة بوقت أقصر بالإضافة إلى ذلك ومع تدهور الوضع المالي وانخفاض أسعار النفط قد يساهم تأهيل القوة العاملة لهذه التغييرات الجذرية من التكنولوجيا للتأقلم والاعتماد عليها.

ولكن في المقابل قد تظهر إشكالية ازدياد البطالة بعد تقليص دور الإنسان واعتماده على متغيرات الثورة الرابعة من الروبوتات وغيرها فيتم الاستغناء عن الكثير من الوظائف في بعض الجهات والتي سيضمحل دورها تدريجيا مع قيام الروبوتات بهذا الدور ووسائل التقنية الأخرى.. فهل نحن مستعدون؟!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى