الكاتب الليبي خالد السحاتي في حوار مع جريدة عالم الثقافة

حاورته: ريم العبدلي – ليبيا

 (الواقعُ هُـو الرَّاهِنُ الذي نعيشُ فيه، ونشهدُ مُجرياته وأحداثه)

خالد السحاتي كاتب وباحث وقاص ليبي مشوار طويل في عالم الثقافة يجيد اللغة العربية متميز بافكاره لدبه العديد من الصدرات كتب في العديد من المواقع الكترونية والصحف الورقية المحلية والعربية يرسم لما الواقع ليحي فينا الثقافة العربية والحديث عنه اكثر كان لنا هذا الحوار:-

1- خالد السحاتي عـرفـني عـن نفـسـك وعــن بدايـاتك؟

الجواب: خالد خميس السحاتي: كاتبٌ وباحثٌ وقـاصٌّ ليبيٌّ، بدأتُ مشوار الكتابة قبل عقدين من الزَّمن، (وهي بدايتي مع النشـر على وجه التحديد)، كانت البداياتُ من خلال بعض المُحاولات المُتواضعـة في عـالـم القصَّة القصيرة، بدأتُها عندما كنتُ في المرحلة الإعـداديَّة، كُنتُ أُجـرِّبُ، وأُحاولُ صياغة الجُمل، وتركيب العبارات، وكانت أداتي في ذلك “اللغة العربية”، حيثُ أنَّني عاشقٌ مُنذُ طُفُولتي للنَّحو والصَّـرف، والمحفُوظات والتَّعبير أيضاً، كُنتُ أُفتِّشُ في “مُختار القامُوس” عن معاني الكلمات، وأقرأ فيه وقتي فراغي، كان هذا الكتابُ أوَّل كتاب لغةٍ أقتنيه في حياتي، حيثُ أهداهُ لي مُعلِّمُ اللغة العربية (في الصف التاسع)، كان هديَّةً عزيزةً لديَّ جدّاً، انطلقتُ مِنْهُ إِلَى كُتُبِ اللغة والقواميس الكبيرة فِيمَا بَعْــدُ؛ لأنَّ اتْقَانَ اللغَةِ هُـوَ أوَّلُ سِلاَحٍ لاَبُدَّ أنْ يَحْمِلَهُ الكَاتِبُ فِي مشواره الكتابيِّ.. “فاللغةُ ظَاهِـرَةٌ اجْتِمَاعِيَّةٌ، وَضَرُورَةٌ مِنْ ضَرُورَاتِ كُلِّ مُجْتَمَعٍ”. وكما يقول عباس العقاد: “اللغة العربية لُغَـةٌ شَاعِـرَةٌ، بُنِيَتْ عَلَى نَسَقِ الشِّعْـرِ فِي أُصُولِهِ الْفَنِّيَّةِ وَالمُوسِيقِيَّةِ، فَهِيَ فِي جُمْلَتِهَا فَـنٌّ مَنْظُـومٌ مُنَسَّـقُ الأَوْزَانِ وَالأَصْــوَاتِ..”.

2 – مـاهي المُؤثراتُ والأســرارُ التي كانت سبباً في كتاباتك؟

الجواب: كانت نشأتي في بيت مثقف، مكتبة أبي (بالنسبة لي) كمصباح علاء الدين السحري، أسافر من خلاله كل يوم إلى بلد، وأنا قابع في مكاني، كَانَ أَبِي رَحِمَهُ اللهُ قَـارِئاً مُمْتَازاً، يَقْرَأُ الصُّحُفَ اليوميَّة والمجلات الثقافيَّة المحليَّة والعربيَّة(الحقيقة-أخبار بنغازي-العرب اللندنية-الثقافة العربية-العربي الكويتية-الشاهد-السياسة الدولية..)، وبعد أنْ يُكمل قراءتها يُرتِّبها حسب تواريخ النَّشر، كان يقرأ للصَّادق النيهُوم ويُوسف إدريس وفيكتور هوجو وألبرتو مورافيا…، وغيرهم كثيرٌ، تفتَّحَتْ عيناي على مَكْتَبَةٍ ثَرِيَّةٍ، وأرشيفٍ ثقافيٍّ مُنوَّعٍ، كُنتُ أجمعُ المعلومات الثقافيَّة منْ تلك المصادر، وأكتُبُها بخطِّ يدي في كُرَّاساتٍ تتضمَّنُ مُقتطفاتٍ علميَّةٍ منْ كُلِّ مكانٍ، كان هذا التَّنوُّعُ مفتاحاً من مفاتيح الانطلاق نحو عالم القـراءة، بنهمٍ بالغٍ، ثقافةُ القراءة ترسخت لديَّ مُنذُ فترةٍ مُبكِّرةٍ، ثُمَّ راقت لي فكرة أنْ أُجرِّبَ الوُلُوجَ إلى عوالم “الكتابة” المُبْهِجَةِ، كُنْتُ أُعدُّ الصُّحُف والمجلاَّت الحائطيَّة في مدرستي الابتدائيَّة، وكذلك في المدرسة الإعداديَّة.. وقد شرعتُ في كتابة أوَّل نصٍّ قصصيٍّ عندما كُنْتُ في نهاية المرحلة الإعـداديَّة (تقريباً)، كانت مُحاولات بسيطة، وأذكُرُ ذات مرَّةٍ أنَّ مُعلِّم اللغة العربيَّة طلب منَّا أن نكتُب قصَّةً تنتهي بالعبارة التالية: “وأخيراً، ابتسمت لهُ الحياةُ، وعاش سعيداً”، فتذكَّرْتُ على الفور إحدى أعمال إحسان عبدالقدوس، “لن أعيش في جلباب أبي”، واقتبستُ بعضاً منْ فُصُول تلك الرِّوَايَةِ، وختمتُ ما كتبتُ بالعبارة المُشار إليها سلفاً، فأُعْجِبَ المُعلِّمُ بالفِكْرَةِ، ووجدتُ أنَّ الأمْرَ مُمْتِعٌ بِالنِّسْبَةِ لِي، فواصلتُ المسير، وكانت كثرةُ القراءة خير مُعينٍ لي على صياغة عـوالم قصصي القصيرة.. وتلك البداياتُ لا يُمكنُ لي أبداً أنْ أنْسَاهَـا، وأتذكَّرُهــا دائماً ببهجةٍ غامرةٍ، يلفُّها محبَّةٌ وامتنانٌّ لكُلِّ منْ شجَّعني وساعدني على وُلُوجِ هذه العالم الفسيح، ولا أنْسَى نَصِيحَةً قيِّمة مِنْ أَحَدِ الكُتَّاب: “لكي تكتُب سَطْراً واحداً عليك أنْ تقرأ عشرة كُتُب!”، وأنا أعْمَـلُ بِهَا دَائِماً، وهي نبراسٌ أهتـدي بـه في دهـاليز العـتمة.

3- هـل الكتاباتُ التي يكتُبُها الكاتبُ تخترقُ وجدانـهُ وتُلامـسُ رُوحَـهُ؟

الجواب: هـَذِهِ بِالنِّسْبَةِ لِي قَنَاعَةٌ مِنْ قَنَاعَاتِي الرَّاسِخَةِ، لِكَي يَصِلَ مَا أكْتُبُهُ إِلَى المُتَلَقِّي لاَبُدَّ أنْ أكْتُبَهُ بِصِدْقٍ وموضُوعيَّةٍ، وأنْ يَصْدُر عَـنْ وِجْـدَانِي، وَيُلاَمِسَ رُوحِي قَبْلَ أَنْ يَصِـلَ إِلَى القَــارِئ.. وَلاَ أَنْسَى أَبَداً كَلِمَاتِ الأديب الرَّاحِـلِ مُصطفى لطفي المنفلُوطي عَنْ حُسْنِ الخُلُق، حِينَ قَـالَ: “هُــوَ شُعُـورُ المَرْءِ أنَّهُ مسؤُولٌ أمـام ضَمِيرِهِ عمَّا يجبُ أنْ يَفْعَـلَ.. لِذَلِكَ لاَ أُسَمِّي الصَّادِقَ صَادِقاً حَتَّى يَصْدُقَ فِي أَفْعَالِهِ صِدْقَهُ فِي أَقْـوَالِهِ، وَلاَ الرَّحِيمَ رَحِيماً حَتَّى يَبْكِي قَلْبُهُ قَبْلَ أَنْ تَبْكِيَ عَيْنَاهُ”.. لابُدَّ للكاتب منْ رسالةٍ نَبِيلَةٍ يَحْمِلُهَا، وَيَتَبَنَّاهَا، ويُـؤَدِّي وَاجِبَهُ فِي مُجْتَمَعِهِ انْطِـلاقـاً مِنْ قِيَـمِ الحَقِّ وَالخَيْرِ  وَالفَضِيلَةِ والتَّسـامـُح..

4- كيف يستطيعُ الكاتبُ أنْ يمُـدَّ جُسُـور الصَّداقة بينهُ وبين المُتلقِّي؟

الجواب: تتكوَّنُ الصَّداقة بين الكاتب والمُتلقِّي منْ وجهة نظري من خلال: استمرار الكاتب في تقديم أعمال (إبداعيَّة) جيِّدة، قريبة من الناس، وتحملُ رسالة نبيلة، وتهتمُّ بموضُوعٍ أو مجـالٍ مُحدَّدٍ..، في المُقابل: يتلقَّفُ تلك الأعمال القارئ/المُتلقي (المُفترض)، فيُتابعُ ويتفاعلُ، ويظلُّ مسكُوناً بحُبِّ إبداع أديبٍ مُعيَّنٍ؛ لأنَّهُ شَعَـرَ (مثلاً) أنَّها قريبةٌ منهُ بشكلٍ أو بآخر.. مع اهتمامه ووعيه بما يُكْتَبُ.. وكما يُشيرُ بعضُ الأدباء: فإنَّ “الكاتب يتَّجهُ مبدئيّاً بأدبه لكُلِّ النَّاس، لكنَّ الذي يحدث بعد ذلك أنه لم يقرأ له إلا بعضهم، ورُبَّما ذلك أمرٌ طبيعيٌّ، فالقراءةُ في النِّهاية تظلُّ عادةً ترتبطُ بمدى اهتمامنا بها، وبالموضُوع الذي نرغبُ في القــراءة عنهُ”..     

ويحضُرُني عُنوانُ كتابٍ مُهمٍّ للأكاديميِّ الإنجليزي رونان ماكدونالد: “موتُ النَّاقد”، الذي تقُومُ فكرتُهُ المركزيَّةُ على أنَّ النَّقد الأكاديميَّ القائم على حُكم القيمة قد تراجع دوره وتضاءل تأثيره وضعفت صلته بجمهرة القراء في ظلِّ مدِّ النَقد الثقافيِ الذي يتصدَّرُ المشهد النَّقديَّ في المُؤسَّسات الأكاديميَّة البريطانية والأمريكية، ومنْ وجهة نظر المُؤلف “مات الناقد” بالمعنى المجازيِّ، وأخلى مكانهُ للقارئ الذي يستطيعُ الآن، وفي ضوء تطوُّر وسائل الاتصال، أنْ يُضْفِيَ قيمةً على الأعمال الإبداعيَّة التي يقـرأُهـــا”.. هذا مثالٌ فقط..، فعصرُ العولمة بمُعطياته المُختلفة، وخُصُوصاً في مجال شبكة الإنترنت، ووسائل التواصُل الاجتماعيِّ، خلق بيئةً إبداعيَّةً لها مُعطياتُها، وجعل المسافات أقرب بين الكاتب والمُتلقي، ورغم كل ذلك يستطيعُ القارئُ الجيِّدُ أنْ يُفرِّق دائماً بين الغثِّ والسًّمين في مجال الكتابة الإبداعيَّة.. وهذا طبعاً مع وُجُـود النُّقَّاد المُتخصِّصين في هذا المجال، الذين يُساهمُـون بأعمالهم في إثراء المُنجـز الإبــداعيِّ.

5- يُقـالُ: “إنَّ بعض الكُتَّاب يكتبُون أعمالهم الأدبيَّة، والبعضُ الآخـرُ: تكتُبُهُم”، فمنْ أيِّ الكُتَّابِ حضرتُك؟

الجواب: يُمكنُ مُقـاربة هذه المسألة في نظري من زاويتين: الأولى: أنَّ الأفكار قد تُلحُّ على الكاتب في أيِّ وقتٍ، وفي أيِّ مكـانٍ، وقد تأتيه فكرةُ عـملٍ (إبداعيٍّ) مــا وهُــو مشغُــولٌ بشيءٍ مُعيَّنٍ، ولذلك نجدُ أنَّ بعض الأدباء والكُتَّاب يهْتمُّونَ بفكرة تدوين الأفكار عندما تُلحُّ عليهم في أيِّ وقتٍ منْ خلال تدونيها في كُتيبٍ خاصٍّ بذلك.. ثانياً: أنَّ شخصيَّة الكاتب تنعكسُ بشكلٍ أو بآخر منْ خلال أعماله الإبداعيَّة، فنجدُ أنَّ في بعض القصص والرِّوايات شخصيَّاتٍ تُشبهُ إلى حدٍّ مُعيَّنٍ شخصيَّة كُتَّابها، تقتربُ منهُم أو تختلفُ عنهُم في جوانب، وتتشابهُ في أُخْــرى، ومنْ هُنا قيل أنَّ: بعض الأعمال الأدبيَّة تكتُبُنا، عندما نجدُ بعضاً منْ ملامحنا في شخصيَّات أبطال قصصنا.

6- لكُلِّ كاتبٍ طُقُوسُه الخاصًّة يُمارسها أثناء كتابته فما هي الطقُوسُ التي تُمارسُها حضرتك؟

الجواب: في الحقيقة لا تُوجدُ لديَّ طُقُوسٌ خاصَّةٌ، أُفضِّلُ دائماً أن أكتُبَ في هُــدُوءٍ، وأرتِّبَ أفْكَارِي بشكلٍ جيِّدٍ، بذهْنٍ صافٍ، وقلمٍ مُتعطِّشٍ إلى بياض الورقة، يطمحُ أنْ يكتُب بيراعه كُلَّ جميلٍ ومُبهجٍ، ويقتنص اللحظات الهاربة من سطوة الزمن، وبقايا الذكريات، وخُلاصة التَّجارب الماضية.

7- ما الدَّورُ الذي يُمكـنُ أنْ تقُـوم به في التَّعارُف ببن الثقـافـات؟

الجواب: أتمنى أن أساهم دائما في التعريف بالثقافة العربية-الإسلامية، وأبرز ركائزها، ومشروعها الحضاري القائم على مبدأ التسامُح، وكذلك: التعريف ببلدي الحبيب (ليبيا) العـزيزة في كل المحافل العربية أو العالمية، وقد تشرفت بترجمة مجموعة من أعمالي القصصية ضمن: المشروع الضخم: “السبيل إلى الأعمال الأدبية الإبداعية الليبية”، للأديب والمُترجم الليبي: إبراهيم النجمي، وهُــو مشرُوعٌ مُهمٌّ (مترجم باللغة الإنجليزية)، يُعرِّفُ بالأدب الليبي، وسيصدُرُ قـريبـاً إنْ شَاءَ اللهُ.

في شهر فبراير عام 2008م فَازَتْ مجموعة من أَقَاصِيصي القصيرة جدا فِي مُسابقة (قصص على الهـواء/ أصواتٌ شابَّةٌ في القصة العـربيَّة)، وهُو مشرُوعٌ ثقافِيٌّ لمجلة العربي الكويتية، لاحتضان إبداعات الشباب في مجال: “القصَّة القصيرة”. وقد نُشرت أعماله الفائزة في تلك المُسَابقة في: كتاب {مجلة العربي} الكويتية أبريل 2009م.    

كما أنَّني شاركتُ بأعمالٍ قصصيَّةٍ ضمن عملٍ أدبيٍّ جماعيٍّ (مُبادرةُ حُلم الوُصُول الدَّوليَّة)، ونُشرت المُشاركة في الكتاب الخامس بعُنوان: “قُطُـوف الأوطـان”، الذي صدر عـن دار غـريب للطباعة والنشر والتوزيع بالقاهــرة عــام 2019م. إضافة إلى مُشاركتي في عـددٍ من المُؤتمرات والمُلتقيات والمهرجانات الأدبيَّة والثقافيَّة في الوطن العــربي.

8- كـيف تـرى عُـمق مـا تكتُبُهُ مـن قـصصٍ؟

الجواب: العُمْقُ فِي اللغَةِ: مَصْدَرُ عَمُقَ، عُمْقُ البِئْرِ: قَعْـرُهُ، وعمُقت الفكرةُ: بُلِغَ بها أقصى الأمر وكُنْهِهِ، وتعمَّق في الأمر: دقَّقهُ واستقصاهُ، وأطال فيه النَّظر برويَّةٍ.. يقُولُ بعضُ الفلاسفة: “إنَّ مَاهِيَّةَ الفَهْـمِ هِيَ الوُضُوحُ بِلاَ عُمْقٍ”.. أتصوَّرُ أنَّ العمل الأدبيَّ يَحْتَاجُ بالتأكيد إلى “العُمْقِ”، الذِي هُـو دليلٌ على رصانة ونُضج الأسلُوب الذي يكتُبُ به المُبدعُ، العُمقُ الذي يغُوص في خبايا النفس البشريَّة، ويُقدِّمُ لنا المُبدعُ منْ خلاله تفاصيل وملامح وتناقُضات أنفُسنا والبيئة المُحيطة من حولنا بحُلوها ومُرِّهـا.. وضمن هذا السِّياق يُشيرُ بعضُ الكُتَّابِ إِلَى أنَّ: “الشُّمُولَ والعُمْقَ والفَرَادَةَ التِي يتَّصِفُ بِهَا الأَدِيبُ تَجْعَلُهُ مُتَمَيِّزاً في مُعظم الأحيان عن غيره من المُبدعين..”. إذاً هُناك مُعادلةٌ صعبةٌ هُنا، تتخلَّصُ في أنْ يكُون العملُ الإبـداعيُّ عميقاً، وفي ذات الوقت مكتُوباً بلُغةٍ سَلِسَةٍ ورَصِينَةٍ يَفْهَمُهَا القَـارِئُ، فَيَتَفاعَلُ مَعَ العَمَلِ، وأتمنَّى أنْ يجد القارئُ في قصصي العُمق والمُتعة..

9- إلى أيِّ حدٍّ ينحـازُ الكـاتبُ للواقـع؟

الجواب: “الواقعُ” هُـو الرَّاهِنُ الذي نعيشُ فيه، ونشهدُ مُجرياته وأحداثه، والكاتبُ قد يستمدُّ أفكار أعماله الإبداعيَّة من هذا الواقع، وقد تكُونُ مُستخْرَجَةً مِنْ صميم النَّفس البشريَّة، أو من ورحم المُعاناة والتَّجارب المُختلفة، وقد تكُونُ مُعْتَمِدَةً على الخيال الحيِّ والخصب للكاتب، يقُولُ الرِّوائيُّ والفيلسوفُ الإيطاليُّ إمبرتو إيكو (1932-2016): “إنَّ أيَّ عالمٍ حكائيٍّ لا يسعُهُ أنْ يكُون مُستقلاًّ استقلالاً ناجزاً عن العالم الواقعيِّ، بل إنَّهُما يتداخلان، ويأخُذان المَعْنَى الخاصٍّ بكُلٍّ منهُما من المخزُون الثقافيِّ للقارئ؛ وذلك لأنَّ الواقع نفسه بُنيانٌ ثقافيٌّ، ويُصبحُ أمرُ التراكُب بينهُما مُمكناً، بتحويلهما إلى كياناتٍ مُتجانسةٍ، وهُنا تتبدَّى الضَّـرُورةُ المنهجيَّة لمُعالجة العالم الواقعيِّ باعتباره بُنياناً”.. ولكنَّ الأدب لا يُقـدِّمُ الواقع بشكلٍ مُباشرٍ كما هُـو، وإنَّما يعملُ على تقديم رُؤيةٍ عميقةٍ لهذا الواقع، (عبر قالبٍ إبداعيٍّ مُعيَّنٍ قصة قصيرة أقصوصة رواية..إلخ)، وإعادة قراءته بطُـرُقٍ مُختلفةٍ، ومن زوايا مُتعدِّدة.. وبالتالي، فهناك كما يقول المفكر بول دي مان: “اعتماد مطلق للتأويل على النص، والنص على التأويل”.. وكلما تعددت القراءات والتأويلات تعددت النصوص، وما من قراءة يمكن أن تصل إلى المعنى الأول الذي عناه المؤلف، وما من قراءة يمكن أن تشارف نهاية العالم فتدعي لنفسها حق الاكتمال” كما يرى سعيد الغانمي في: “الكنز والتأويل”.

10- عـرفـنا عـن عـناوين نتـاجـك الأدبي؟

الجواب: مجمُوعةٌ قصصيَّةٌ بعُـنوان: “شـواطئ الغُــربــة”، صــدرت عام 2019م، عن دار المكتب العــربي للمعـارف بالقـاهـــرة، وهي مجمُوعةٌ تتضمَّنُ أعمالا قصصية تَحْتَفِي بالغُـرْبَةِ، بل تتخذُ منها عُنواناً عــريضاً لهـا، يجمعُ نُصُوص هذه المجمُوعة هـمٌّ واحـدٌ، يدُورُ حـــول الغُــــربة والتشرذُم والتشظِّي..

وهُناك كتــابٌ بعُنوان: “ذاكــرةُ القـلم ونشــوةُ الكتـابــة: مقـالاتٌ وخـواطــرٌ في الثقــافـة والأدب وأشيــاء أخـــرى”، صــدر عـن نفس النـاشـــر أيضاً عـــام 2018م.. وهُـناك أيضا أعـمـالٌ أدبيـَّـةٌ وثقـافـيَّـةٌ تحـت الطبــع، ســأُعْـلِنُ عــنها حـيـن صُـــدُورهــــا بـــإذن الله تعـــــالى.

11- أي إضــافــات غـابت عـني

الجواب: لديَّ اهتماماتٌ أُخـرى تتعلقُ بالدِّراسات الفكريَّة والسِّياسيَّة، وكانت لديَّ تجربةٌ مُتواضعةٌ في مجال “الإعـداد الإذاعيِّ”، وكذلك التدريب في الشؤون الدبلوماسية والقنصلية، حيث قدمت عدة دورات تدريبية في هذا المجال في الأعوام الماضية لعدد من المتدربين ضمن برامج تدريبية قامت بها عدة مؤسسات أكاديمية ليبية.

12- بصمة أخيرة تضعها لنا مسك الختام

الجواب: أشكُرُك أستاذة/ ريم على هذا الحـوار المُمتع، والذي كانت أسئلتك المُتنوعة منْ خلاله تدُلُّ على اجتهادك ولباقتك، أتمنى لك دوام التوفيق والسَّــداد، وتحيَّــاتي لكُــلِّ القُــرَّاء الأعـــزَّاء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى