إياكم وغزو العقول

رضا راشد | باحث في اللغة والأدب – الأزهر الشريف

في نهاية القرن الثامن عشر الميلادي حرضت كتائب اﻻستشراق في العالم الإسلامي نابليون بونابرت على غزو مصر وزينت له ذلك فلما استجاب نابليون وجاءت جحافله إلى مصر أشعل الشعب المصري النار من تحت أقدام الفرنسيين ثلاث سنوات، حتى اضطرت فرنسا إلى أن تخرج من مصر وهى تجر أذيال الخيبة، وذلك من بعد أن هرب نابلبون سرا مورطا كليبر في مستنقع مصر.

وبعد ذلك بست سنوات سولت إنجلترا نفسها اﻷمارة بالسوء أن تغزو مصر من خلال حملة فريزر على رشيد، فما كان مصيرها بأحسن حالا من فرنسا،  حيث ولَّت عن مصر مدبرة.

حدث هذا في وقت ما كانت توصف مصر بأنها متخلفة،  فلما كان بعد حين (سنة 1882) وبعدما خطت مصر خطوات في طريق ما يسمى بالتحديث، دخلت انجلترا مصر واحتلتها وخرج خديوي مصر ليستقبل المحتل استقبال الفاتحين وليصنف عرابي في قائمة الخائنين.

 فماذا حدث لمصر في تلك الفترة حتى يصبح ما كان صعبا باﻷمس ممكنا اليوم؟

 الذي حدث أن الشعب المصري كان من قبل محتفظا بفطرته وتدينه الذي أبى عليه الاستسلام لعدوه،  ثم غزيت العقول وسممت اﻷفكار على إثر انفتاح دولة محمد علي على الغرب، فأصبح ما كان مستعصيا محرما باﻷمس – مستحبا مرحبا به اليوم،  ليؤكد التاريخ دائما على أن غزو العقول أخطر من غزو البلاد، وأنها مقدمة ﻻحتلال اﻷرض والعرض،  وأن تحرير اﻷرض إنما يبدأ بتحرير العقول،  وإلا كان التحرر مجرد هدنة للاستعمار سرعان ما يعود بعدها ما كان لما كان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى