الملف السري لـ تغريبة الحضري في رواية ” همس السنين “

وليدة محمد عنتابي | سوريا

اللوحة الفنية المصاحبة للفنانة الأردنية : هاجر الطيار

 


تبدأ رواية عوني صادق بتعريف موجز لقطب الحضري الذي ظهر كولي من أولياء الله الصالحين وشيخ طريقة، صاحب أسرار وكرامات، بينما هو في حقيقته صاحب دور وطني في الثورة العرابية، مطارد من الانجليز، وحلفائهم بعد هزيمة التل الكبير في مصر التي كان ثمن احتلالها سبعة وخمسين قتيلا من الإنجليز وآلافا من الشهداء المصريين.
تضم هذه المخطوطة أحداث أربعين عاما شهدت حله وترحاله، مسجلا فيها تجربته الحية كشاهد عيان على عصره وتاريخ مطاردات الخونة الذين أهلكوا الحرث و النسل وباعوا البلاد والعباد للخديوي الإنكليز .
وبعد وفاته رفض ابنه عارف ان يكون شيخ طريقة حيث قال: أبي لم يكن وليا ولم تكن له كرامات، كل أسراره وضعها في مخطوطة (تغريبة الحضري) الذي عاش في هيئة درويش هربا من الإنكليز .
تتصاعد أحداث الرواية وتتنامى شخصياتها تبعا لتغيرات زمنية واجتماعية وسياسية، بمنعكساتها النفسية، فنجد هذه الشخصيات تنقلب على واقعها فتنتقل من قطب إلى نقيضه فإذا بالفلاح يوسف يصبح من كبار الملاكين وأصحاب الأطيان والنفوذ بزواجه من حياة النفوس التي استطاعت الخروج من فشل زواجها من سليل الحسب والنسب والمال، بشخصيته المنحلة وقد طفا على سطح ابتذاله وشذوذه في منتهى السماجة التي جعلتها تنفصل عنه وتختار يوسف الفلاح الذي ملأ عينها وقلبها بذكائه وهمته ورجولته. تلك الصفات التي أوصلته بفضل زواجه منها إلى لقب الباشوية .
رواية تتوافر المشاهد فيها ساخنة لاذعة تكشف زيف المظاهر و تبرز قوة المال ودوره الفعال في شراء المناصب والرتب وتتزامن أحداث الرواية مع أحداث فلسطين ودخول الصهاينة أرضها المقدسة وملابسات هذه الأحداث ونتائجها وانعكاساتها على الدول العربية .
في عبارة محملة برسائل برقية تنقلها الرواية إلى أجواء عاشتها مصر على أعقاب خروجها من هيمنة العثماني إلى الوقوع تحت نير الإنجليز، تجتر معاناتها محكومة بجشع المستعمر وتوالي الطبقة الحاكمة ضمن مصالح مشتركة، مجسدة الظلم والتسلط وخيبة الآمال والإحباط في عالم ممتد من الماضي إلى الحاضر وحتى آخر الزمان .
الجدير بالذكر أن الرواية حولت إلى سيناريو لمسلسل تلفزيوني بانتظار اعتمادها لدى أحد المنتجين .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى