في فلسطين وكأن كل شيء على ما يرام..!!

عصري فياض | فلسطين

يسترخون استرخاء إمبراطور اليابان، ويصمتون صمت قصور ملكة بريطانيا… ينطلقون صباحا لصيد ” الزيتون” ويعودون ظهرا لتناول المسخن بالزيت الجديد اللاذع.. ويقولون .. “يا الله محلا خيرات إبلادنا”…

يقضون مع جوالاتهم وتلفوناتهم ساعات في الحديث وتبادل الأمنيات…ويوسعون الاحتلال شتما وتقرحيا بما لا يقطع معه “شعرة معاوية “… ويعودون لبرامجهم الاجتماعية، وسهراتهم الطويلة، تارة في متابعة التلفاز، وتارة ثانية لقاء مع ألفضائيات، وتارة ثالثة على وقع تناول النرجيلة والجسد الساحل في المقاعد ألفاخرة….

هذه مساحة مسؤولياتهم اليومية، فالوطن بخير، والوضع على ما يرام.. وكأن الوطن ” الأرض والشعب” في أمنٍ وآمان، فلا يوجد جسد يصارع الموت في مشفى “كابلن” في نضاله ضد الاعتقال الإداري ومن خلفه آلاف الأسرى الذين يعانون يوميا بل كل ساعة صنوف التعسف والاعتداءات، وكأنه ولا يوجد شعب يعارك الموت حول أرضه وخياراتها، وكأن الأرض التي ملأها عدوهم بالذئاب… وكأن الموظفين المسحوقين الذين يشاركون في مسيرة الصمود من قوت أطفالهم لا يستحقون أن يخرج عليهم مسؤول أو زعيم ليقول لهم بعض كلمات تشد من أزرهم أو تعدهم بالانفراج القريب بلسان صدق….، وكأن البيوت الفلسطينية في كل مكان من الوطن تنام بكل أريحية ودون قلق من مداهمة أو اعتقال او اغتيال… وكأن وحش الاستيطان الذي لا يتوقف عن قضم ما تبقى من تراب الوطن، وكأننا لا نتوجس من أن نصحو كل صباح فنجد مقابل بيوتنا علما يلوث الأجواء وقلنسوه ترقص على وقع أسطورة التلمود…..

قالوا زمن جديد، لقد ضحوا منا على مدى ربع قرن، فلا بد من اللُّحمة،، فتداعى الأمناء العامون، وأقسم الجميع أن لا يمضي الأول من تشرين أول قبل حسم مسائل مل الشعب انتظارها، ثم تمضي الأيام فلا نرى ولا نسمع ولا نشاهد شيئا، يخفون خلافات لم يحلوا عقدها رغم سيل الاتفاقيات، والقهقات التي أزعجت الصور، والمزاج وعمقت في طريق الوحدة الحفر.. لا يأبهون بالشعب الذي ينتظر الإجابات، وكأن الشعب تلامذة في الصفوف الابتدائية، وهم طاقم تدريس لا يلقي بالا لصرخات تلامذتهم…

تطلبون من الشعب كل ما تريدونه، وهو لم ولن يبخل عليكم بالتضحيات والفداء، ولكن هذا العطاء الذي كان ولا زال مستمرا من نقطة الدم حتى لقمة العيش، لم تستثمروه لصالح قضيتهم ولو بنسبة 1% للأمام، على العكس، نحن  في تراجع متواصل منذ عشرات السنين، فكل ثورة تكبر وتتعاظم، إلا ثورتنا تتقزم وتتراجع…. ولم يكن هناك استثمار إلا في مشاريع بعضهم “التجارية” التي وظفت الفشل في السياسة، باستثمارات تضخم الأرصدة المليونية لتغطي مئات السنين من أجيال أحفادهم القادمة…

ألا يستحق هذا الشعب الذي تمثلونه أن تخرجوا عليه كل وقت وتشرحوا له الحال والمآل.. ألا يستحق أن تلتقوا به وتستمعوا لأوجاعه وقلقه؟ ألا يستحق هذا الشعب أن يكونوا له ممثله الشرعي الوحيد حضورا وميدانيا؟، لا قولا واحتكارا؟

يستحق هذا الشعب على الأقل أن تترجموا له ولو بالأمل ما تقصدون في الربع الساعة الأخير… لأنه سمع قبل عشرات السنين قولا قال: الدولة على مرمى حجر، فذاب الحجر، وذابت الأزمنة والسنوات والعقود، ولم تأت الدولة، ولم تعد الحجارة تلبي طلب المرامي..

هذا شعبكم الذي كلما أردتم أن تسوقوه لأي مكان، صفق لكم جمع كبير منه، ولبى نداءكم، وسخر نفسه لإعلاء قضية أنتم من يمتطي خيلها منذ أكثر من ستين عاما.. احترموه… تقربوا منه… كلموه… ساعدوه في تخفيف القلق من الضباب… حدثوه بحرية وشفافية ووضوح….. أصلا لا يجب أن يطلب هو منكم هذا…. من المفروض أن تؤدوا هذا الأمر على الدوام، لأنه واجبكم… وأقل أبجديات القيادة والريادة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى