الحكومة الإلكترونية بين مطرقة الآمال وسندان مقاومة التغيير

تمارا حداد | القدس عاصمة فلسطين

إن الحكومة الإلكترونية في عالم اليوم حيث تطبيقات تقنية نظم المعلومات قد طالت كل شيء، وحيث شهد قطاع الإتصالات ثورة هائلة ولا تزال مستمرة، مهمة بأهمية وظائفها ومهامها، وإن هذه الأهمية تنبع من الحاجة الملحة من جهة المواطنين وقطاعات الأعمال، الذي أصبحوا يحبذون تلقي الخدمة وطلب المعلومة عبر وسيلة إتصال تقنية يعلمونها ويألفونها، توفر عليهم الوقت والجهد وعناء التنقل وكتابة الطلبات ودفع الرسوم والطوابع، وتقيهم الروتين والبيروقراطية الإدارية، التي لم تعد تتناسب وأدوات عصر الديجتال من جهة، ومن جهة أخرى فإن الحكومة الإلكترونية مطلب مُلح هو الآخر للحكومة، أي لسلطة القرار في الدولة، فتطور العالم من حولها وتغير أدوات التعاطي البيني في مختلف المجالات الإجتماعية والإقتصادية والسياسية ونحوها، وانقلابها من أدوات تقليدية عفى عليها الزمن إلى أدوات جديدة مستحدثة قوامها تطبيقات تقنية نظم المعلومات والإتصالات، مع ما فيها من مزايا وفوائد، أرخت بمطالبها على الحكومات قاطبة نحو ضرورة السعي وراء عجلة التطور لا محالة.
اتخذت الحكومة الإلكترونية تعريفات عديدة نظراً لتعدد مهامها، فعُرفت الحكومة الإلكترونية بأنها” تيسير سبل أداء الإدارات الحكومية لخدماتها العامة، وإنجاز المعاملات الإدارية والتواصل بين المواطنين بمزيد من الديمقراطية بواسطة استثمارات التطورات العملية المذهلة في مجال تكنولوجيا الإتصالات والمعلومات” (الزعبي، المناعسة، 2013، ص26).
الحكومة الإلكترونية لا تقتصر على الإدارة بالمفهوم الضيق بقدر ما تشكل تحولاً بالعمل الحكومي على مستوى الدولة إلى التقنية، ولا يستثنى من ذلك أعمدة الدولة الأخرى كالهيئة التشريعية أو الهيئة القضائية، أو الهيئات الأخرى التي تُشكل هي الأخرى جزء من منظومة الحكومة الإلكترونية، فمثلا، الهيئة القضائية تتحول مع الحكومة الإلكترونية إلى إستعمال تقنيات نظم المعلومات لتطوير أدائها وتحسين كفاءة منتسبيها والوصول إلى تقديم خدمة أسهل وأيسر لمتلقي الخدمة، وكذا المؤسسات الأخرى والوزارات والهيئات والمدارس والبلديات والمجالس القروية والجامعات المختلفة وقطاعات الأعمال بكافة مجالاتها.
والحكومة في المجال الإلكتروني هي استغلال تكنولوجيا المعلومات الرقمية في إنجاز المعاملات الإدارية وتقديم الخدمات المرفقية والتواصل مع المواطنين بمزيد من الديمقراطية، ومصطلح الحكومة الإكترونية مرادفاً لعمليات تبسيط الإجراءات الحكومية وتيسير النظام البيروقراطي أمام المواطنين من خلال إيصال الخدمات لهم بشكل سريع وعادل، في إطار من النزاهة والشفافية والمساءلة وكما أن تطبيق الحكومة الإلكترونية أداة هامة نحو الإصلاح وتطبيق مبادئ الحوكمة الرشيدة.
والحكومة الإلكترونية تقوم على محورين هما: تقديم العمل الإداري بإستخدام تطبيقات تقنية نظم المعلومات والثاني تقديم الخدمات عن بُعد، والحكومة الإلكترونية لها متطلباتها الفنية التقنية مثل توفر أجهزة حاسب آلي وشبكات إتصال داخلية وخارجية، وتحتاج إلى متطلبات تشريعية قانونية بإيجاد نظم قانونية كالعقد الإلكتروني والتوقيع الإلكتروني، وهناك المتطلبات البشرية الكفؤة مع إيمان الإدارة العليا بالتحول نحو الأتمتة الإلكترونية.
وأهداف الحكومة الإلكترونية عديدة مثل إتاحة توفير كم هائل من المعلومات والبيانات الحكومية والتشريعية والقضائية ونحوها للمواطنين ولقطاعات الأعمال وللجهات الحكومية الأخرى ذات الارتباط الإداري والعملي لكل من يحتاجها.
رغم إيجابيات التحول الإلكتروني إلا أن هناك سلبيات مثل التجسس الإلكتروني والإستغلال غير المشروع سواء من الموظفين او خارج العمل.

لتفادي السلبيات لا بد من العمل بمراحل الحكومة الإلكترونية بشكل تسلسلي حتى يتم تفادي الأخطار المستقبلية مثل إيجاد رؤية وإستراتيجية مستقبلية كأولى الخطوات للتحول نحو الحكومة الإلكترونية ومن ثم المرحلة التمهيدية ثم التحول وتحديد الأفراد القادرين على العمل بذلك، ثم مرحلة النشر ومن ثم التفاعل بين الحكومة الإلكترونية والمواطنين وقطاعات الأعمال.
ختاما: أن مفتاح الجهوزية الوطنية للحكومة الإلكترونية بتوفر البنية التحتية واعتماد الربط التقني والمعلوماتي ومدى إتساعها على مستوى الأجهزة الحكومية، وقطاع بشري وتوفر مصادر التمويل المتاح والمتوقع وشراكة قطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني والإستعداد نحو التغيير ومدى تقبله.
إن لم يكن هناك منظومة فكرية ثقافية تؤمن بالتغيير الجذري نحو الأفضل فلا جدوى للتحول، فالرؤية السليمة والمصداقية في العمل نحو الإصلاح وهندرة العمليات هو بحاجة لصدق النوايا وتكاثف فرق العمل ايمانا نحو التغيير الإيجابي العادل بين كافة الأطياف وشرائح المجتمع .

المراجع:
• الزعبي، جلال، المناعسة، أسامة،(2013)، ” الحكومة الإلكترونية بين النظرية والتطبيق”، الطبعة الأولى، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، الأردن.
• محاضرات الدكتور يوسف الصباح ، دراسات عليا، جامعة القدس المفتوحة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى