زبيدة المصرية التي أوقعت قائد الجيوش الفرنسية

فريدة شعراوي | باحثة في التاريخ والمصريات

تمر اليوم الذكرى ٢١٩ على خروج آخر جنود الحملة الفرنسية من مصر، بعد فترة احتلال دامت لنحو أكثر من 3 سنوات كاملة، تاركين خلفهم حكايات وقصصا كثيرة، سجلها التاريخ في جبين مصر المحروسة؛ ومازالت زبيدة البواب، الملقبة بـ (غادة رشيد ) واحدة من السيدات التي ورد اسمها في أحداث تاريخية عن تلك الحقبة من تاريخ البلاد، هي زبيدة بنت محمد البواب الميزونى، أحبها الجنرال الفرنسي (مينو) أحد قواد الحملة الفرنسية، أثناء توليه حكم مدينة (رشيد) إبتن تواجد نابليون بونابرت.

يقال إن مينو أحبها حبا شديدا، واعتنق الإسلام من أجلها وأطلق على نفسه اسم “عبد الله”، ووالدها كان تاجرا من أعيان رشيد. وقد سبق لها الزواج من (سليمان آغا) أحد أثرياء المماليك، لكن لم يدم الزواج لأكثر من عام .

شاءت الظروف أن يتولى مينو قيادة الحملة الفرنسية في مصر؛ فالجنرال الأول نابليون بونابرت عاد إلى فرنسا أملا في الوصول إلى الحكم، وخليفته كليبر قتله المناضل السوريّ سليمان الحلبي، لكن مينو لم يكن مثل بقية القواد الفرنسيس فقد أحب مصر، وارتبط بالنيل، وأهالي المحروسة البسطاء، وقرر أن يستمر فيها، وأن يتزوج من إحدى جميلاتها؛ زبيدة البواب، بعدما أشار إليه الطبيب الفرنسي شوفور.

 تزوجت زبيدة مينو وكانت ابنة 18 عاما، بينما مينو قد ناهز الـ 48 سنة، وتوجد صورة من عقد الزواج بمتحف رشيد، ويُقال عند مغادرة الحملة الفرنسية مصر غادرت رشيد زبيدة مع زوجها الجنرال، وكانت حاملا في شهرها الثالث، وظلت هناك حتى وفاتها، بينما يذكر بعض المؤرخين إنها لم تغادر مصر، وبعضهم أكد عودتها بعد سفرها لفرنسا بأعوام قليلة.

   

يروي الرافعي أن الجنرال الفرنسي أساء معاملة زوجته زبيدة، ثم هجرها عندما انتقل إلى تورينو بإيطاليا، واستبدلها براقصات اتخذهن خليلات، وتركها تعاني مشقة العيش إلى أن توفيت. لكن المؤرخ المصري عبد الرحمن الجبرتى له رأي آخر، حيث يقول إن زبيدة لم تغادر أرض مصر نهائيا وبقيت هنا هي وابنها سليمان حتى توفيت بمصر.

ويقول رفاعة الطهطاوي عن زبيدة في كتابه: ”لا يُعْرَف أي شيء عن نهاية زبيدة على مستوى اليقين، سوى بعض تكهنات المؤرخين أن ولدها الأكبر توفي في ظروف غامضة، ولم تستطع الوصول إلى نجلها الثاني خاصة بعد وفاة مينو سنة 1810  في الستين من عمره، كما أن أهلها لم يتمكنوا من الوصول إليها، حيث عاشت في شوارع مارسيليا تتسكع في طرقاتها مع شبهات حول احترافها مهنة البغاء من أجل العيش، لكن الثابت هو أنها ماتت مسيحية”.

 ويشير الطهطاوي أيضًا إلى أن “مينو” ترك زوجته بعد أن سلبها أموالها ومصاغها وحُليها التي خرجت بها من مصر، بينما عاش هو حياة لهو مع عشيقاته، وتراكمت عليه الديون بسبب إسرافه وتبذيره حتى طرد من الجيش ومات وحيدا شريدا.

لكن الثابت من التاريخ أن «زبيدة» عاشت أياما صعبة، غابت شمسها وانحسر ظلها‏ وطال ليلها على أرض الغربة بين اناس يرطنون بلسان أعجمي، بينما ظل بيت أبيها محمد البواب شامخا يروي قصة الحسناء التى تزوجت الجنرال الفرنسي.

وضعت صور الجنرال مينو و زوجته زبيدة، و متزلها، و وثيقة زواجها من مينو .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى