هل هناك عدوى بكورونا من خلال ملامسة الأسطح؟

أ. د. فيصل رضوان | أستاذ التكنولوجيا الحيوية وعلوم البحار بالوكالة الأمريكية لعلوم المحيطات والأجواء (نوا)

مع رجوع الطلاب الى الفصول الدراسية ربما حان الوقت للحديث مرة أخرى للحديث عن  العدوى الفيروسية لمرض كوفيد-19 والأسطح.

في الأشهر الأولى لإنتشار الفيروس فى أرجاء العالم، كان الخوف شديدًا  من الفيروس الذى ربما يكون ما زال عالقا على الأشياء التى حولنا والأسطح التى نلامسها ونمشى عليها. حتى أن بعض المدن قامت برش المطهرات فى الشوارع والبيوت لغرض التعقيم، وبطرق مبالغ فيها لتوخى الحذر وشدة الحرص.

وحيث أنه لا زال المرض يحصد الأرواح هنا وهناك — ماذا نعرف الآن عن إمكانية إنتقال الكورونا عن طريق الأسطح والتلامس مع الاشياء المفترض تلوثها بالفيروس؟ وهل لا زالت الحاجة ملحة لتنظيف الفصول والادوات داخل القاعات الدراسية بشكل دائم؟ 

يقول إيمانويل جولدمان ، عالم الفيروسات في جامعة روتجرز الأمريكية “بدأت أشعر بالمخاوف كغيرى من الناس، وربما زاد على ذلك التذمر اللطيف من حماتى المسنة.”  “كانت تقول لي ،” امسح هذا ، عقم ذاك!!”.   يقول “لقد كنت مضطرا في بداية الوباء.”  نعم لقد كان الحرص واجبا فى البداية حيث القليل من المعلومات والإرشادات بشأن SARS-CoV-2.

وكانت أول دراسة تمت تغطيتها على نطاق واسع حول تلوث الاشياء والمتعلقات (fomites) وكوفيد-19، أصدارها باحثين في جامعة كاليفورنيا، والمعهد الوطني للصحة ، وجامعة برينستون، تقارن بين المدة التي استمر فيها فيروس كورونا الجديد دون تحلل على أنواع مختلفة من الأسطح. في ذلك الوقت، لم يُعرف الكثير عن كيفية انتقال الفيروس، لذا كان السؤال المهم يعتمد على نوعية السطح.

واعتمادًا على المادة المكونة للسطح. حيث وجد الباحثون أن الفيروس يتحلل بعد بضع ساعات على الورق المقوى، وبعد عدة أيام على البلاستيك والفولاذ.

على الرغم من كل التركيز فى الأبحاث على المدة اللازمة وكمية الفيروس الذى ربما لا يزال نشطاً على الأسطح بأنواعها المختلفة، لم يكن هناك الكثير من الأدلة الحاسمة التى تؤكد الصلة الوثيقة بين الاسطح والمتعلقات وإنتشار Covid-19. 

في يوليو الماضى ، عرض الباحثون تعليق شديد اللهجة في مجلة اللانست الشهيرة The Lancet بعنوان “المخاطر المُبالغ فيها لانتقال Covid-19 عن طريق الأدوات والأشياء .”

ويؤكد ذلك البحث إن فرصة إنتقال العدوى عبر الأسطح “غير الحية” ضئيلة جدًا ، ويحدث فقط في الحالات التي يسعل فيها الشخص المصاب، أو يعطس على السطح، ويلامس شخص آخر ذلك السطح بعد السعال أو العطس بوقت قصير (في غضون 1-2 ساعة).

ومع ذلك يشير الباحثون أنه ليس هناك خطأ في إتخاذ الحذر الشديد، ولكن هذا الحذر يمكن أن يذهب بالبعض إلى درجة من المبالغة إلى أقصى الحدود بما لا تبرره البيانات والأبحاث.

لقد أصبحت طقوس التطهير التي لا تعد ولا تحصى والتي شكلتها تلك التصورات المبكرة للعدوى جزأ اصيلا فى حياتنا اليومية. ولا يمكننا التراجع عنها بسهولة، وربما الأمر يحتاج الكثير من الوقت والجهد حتى ترجع الأمور الى طبيعتها.

ولكن لا بد أن نعيد التذكير بالآثار الصحية والبيئية الملازمة للإسراف فى إستخدام المطهرات الكيميائية بأنواعها، داخل البيوت وأماكن العمل.

ربما لا زالت الطرق المؤكدة لتقليل فرص العدوى تتركز فى التباعد بين الأفراد كلما أمكن مع تعميم ولزوم إرتداء الكمامات ونظافة الأيادي وتطهيرها بشكل مستمر. 

وعلينا تجنب الاختلاط مع الافراد الذين يعانون من المرض والبقاء في المنزل عندما تكون مريضًا ، باستثناء الذهاب للدكتور للحصول على رعاية طبية. ويجب تغطية السعال والعطس بمنديل ورميه في سلة المهملات وليس فى أى مكان آخر!!

وحتى نكون أكثر دقة واقل تكلفة، فإنه الأجدر لنا عمل إحصاء للأسطح والأشياء التي يتم لمسها بشكل متكرر، وخصوصا فى الاماكن العامة مع وجود أشخاص لا نعلم مدى التزامهم، وبذلك يتم تطهير الطاولات وأسطح العمل ومفاتيح الإضاءة ومقابض الأبواب وخلافة.

المراجع للاطلاع

Exaggerated risk of transmission of COVID-19 by fomites https://www.thelancet.com/pdfs/journals/laninf/PIIS1473-3099(20)30561-2.pdf

Aerosol and Surface Stability of SARS-CoV-2 as Compared with SARS-CoV-1  https://www.nejm.org/doi/full/10.1056/nejmc2004973

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى