قناع واحد لا يكفي

سمير حماد – سوريا

طلب أحد المواطنين من طبيب التجميل أن يجري له عملية لوجهه، بحيث يكون أحد نصفي الوجه مبتسما على الدوام، والنصف الثاني في حالة بكاء دائم.

استغرب الطبيب هذا الطلب العجيب، وسأل مريضه عن السبب الكامن وراء هذا الطلب؟!
فقال له الرجل: تعرضت أكثر من مرة للخروج من حالة الفرح إلى البكاء و العكس؛ أي الخروج من حالة الحزن إلى الضحك الشديد، مما عرّضني للتوبيخ والتقريع والطرد أحيانا، بل للمساءلة الأمنية أيضاً.
فأثناء حضوري لحفلة زفاف أحد المسؤولين للمرة الثانية؛ كان الجميع يضحكون ويشربون، وكنت أشرب وأضحك معهم، ثم شاهدت فراشة تحلق فوق رأسي، وعندما اقتربت من شمعة في الزاوية لامس جناحها اللهب فاحترقت وماتتْ، فحزنت كثيرا وبكيت.
صباح اليوم التالي طُلبت إلى دائرة الأمن فعملوا لي اللازم، ثم هددوني بالسجن والطرد من الوظيفة؛ لأنني سخرت من جناب المسؤول الممثل للدولة العليّة.
وأما الحكاية الثانية فهي كانت عن حضوري لجنازة أحد المسؤولين المشهورين بإخافة الناس حتى وهو في نعشه.
كان الجميع يظهرون حزنهم والبعض يبكي، لكنني في أوج المشهد، وسمعت الإمام يخطئ في قراءة آية قرآنية قلبت المضمون، فابتسمت لكنني أخفيْت ضحكتي، وعندما تعالت التكبيرات للوداع تعثّر أحد حملة النعش فوقع التابوت على الأرض فتعالت ضحكتي هذه المرة ولم أستطع كبتها، وكالعادة كنت صباحا في دائرة الأمن، وأكلت نصيبي من الضرب والتهديد والوعيد؛ لكنني وجدتُ من يتفهم حالتي ويفرج عني على أن لا أكرر فعلتي المشينة بحق المسؤولين والأئمة.
لهذا جئت أطلب منك إجراء عملية التجميل.. فهل هذا كثير عليّ يا سيدي؟! في هذا الزمن المضحك المبكي كي ألبس لكل حالة وجها يناسبها، وقناعا يقيني شر المسؤولين، والمؤوّلين , ومن خلفهم إلى يوم الدين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى