قراءة في نص السورية”جوليا علي” “من ذكريات الفنجان المكسور”

باسم عبد الكريم الفضالي | العراق

أولا النص:

أهوى
أنفاسَ الروابي المُحلِّقةِ
 بدَغدغاتِ الوهادِ
لأمنياتِ الجداولِ المُسرِّحةِ
سوادَها في عيونِ العصافير..
 (من يوصلُني إليَّ) عندَ ضفةِ السعيرِ
حيث
لاتحترقُ أناملُ رغبتي الأولى..
( من يُعيدُني إلَيَّ )
مَرمٍ هنــاك
أبعدَ مايكون
عن حُضنِ
الينابيع
في رَحمِ المجهول
أنا
ربُّ السُّكونِ الأصفر
أستجدي
أسمالَ مرايا الآخرين
لأخصفَ منها
على عورةِ وجودي/ بينَ الأرضِ والسماء محضُ فراغٍ مُطْــلَقٍ أملأهُ بأحلامي المَطرودةِ من الأرض
إن كانَ وجودي صِدفة
فموتي ليس صِدفةً على الإطلاق/ لو كانَ للبلوى لسانٌ لفضحَتْ سرَّ الإختبارِ المقدَّس
قالَ مجنونُ العصر..:
أعطِني خبزاً..أُعطِكَ قلباً خاشعاً ولُبّاً مُصدِّقاً ( بل بالخبزِ وحدَه عدا ذاك ….هرطقةُ شبعان..)
… نُشدانُ الخلاصِ يبدأ
حيث ينتهي الآخرون..
ــ هل من سبيلٍ الى أغواري..؟؟
ــ … سوى مسالكِ الحلمِ الأعجف..
ــ هل لحُيودِ الضحكاتِ البريئةِ من وقفةِ تأمُّل؟
ــ …..!!!
مفارقةُ النقاءِ الكبرى
أنّنا
ندفع الموتَ بالموت ــ من ذا يجيبُ؟
سألتُ كلَ الأطلال
والكهوف.!!
وأجنحةَ الأعاصير
فلم يطرفْ لها جَفن
ولاشراعَ
يُلقي إليَّ موجة!
ناااااااااااااااااار
وجـ.. ـنّـ………. ـة
يتنازعاني
وأنا
الخبزُ سلطاني!
وأنتِ!!
ربّةُ الزلازل 
للفنارات
عكّازٌ من ريش
 ــ أُمضِ… لكن هل ستعود؟
فما بدايتي
لكي أعرفَ نهايتي؟!
على مدِّ النبضِ
راياتُ الخوفِ
تعانقُ الجذورَ البِكر
لمعناي
فأنى تنمو
للحشرجةِ أظافر
…. سأتلفَّعُ
بصقيعِ هزيمتي الحـُـلوَة
وأغَلِّقُ
بابَ قبري
فالبردُ قارصٌ
عندَكُم
لعلي أحتلُّ جُـ.ـزُ..؛؛  رََ  اليقين ياللنتانة
فالإنسانُ
أخطرُ مبيداتِ الإنسان!
عليَّ خَلعَ جِلدي
لأصِلَ الى خاتمةِ رَفيفي
وأنشرَ عاقبَتي
على أهدابِ لقائي ,,….. بي
قبلَ أن تنقضَّ عليها
عُقبانُ الرماد..
…. فمتى
ينزلُ
الرجاءُ
من
علياءِ
مَلَكوتِه
ليرى
كيفَ
يحيا
الإنسانُ
من
أجل
الإنسان
ويموتُ
من
أجلِ الإنســان؟!
للغربان المغتصِبةِ تيجانَ الطواويسِ حكمةٌ … :
الخرافُ لاتخافُ السكينَ المسنونة
في جِرابِ الراعي.
فهل من
قبَس
ينيرُ أفئدةَ اليمام؟

ثانيا – القراءة:

حين نقف عند النص، لا بد لنا من توظيف حواسنا كلها؛ بالإضافة إلى مخزوننا الثقافي المعرفي، والإبداعي؛ لندرك أقصى ما نستطيعه من أبعاد المعنى.
-أبدأ بعنوان النص (التشكيلي):{ من ذكريات الفنجان المكسور}
ما سبق القوس {من تنقيط قبل عبارة (من ذكريات الفنجان المكسور) وما جاء من تنقيط بعد إغلاقه، هو دلالة على كثرة تلك الذكريات، وما سيذكره الكاتب من كل تلك الذكريات ما هو إلا مقتطفات منها، محصورة بين القوسين{ } بدليل استخدامه لحرف الجر (من) : (من ذكريات الفنجان المكسور).
أما صفة ذلك الفنجان (المكسور) فلها دلالتها أيضا؛ إذ من المعروف في مجتمعاتنا الشرقية المتخلفة أن الفنجان يدل على قراءة (الحظ)/ المستقبل، ولهذا أبدى الكاتب رفضه للخرافة منذ العنوان؛ فهو فنجان(مكسور)؛ أي أن الكاتب يرفض تغييب العقل والمنطق؛ فكيف لخرافة موروثة أن تستقرئ المستقبل ؟!
من يستقرئ ويستشرف المستقبل برأيه هو العقل والمنطق بضوء معطيات الحاضر.

-يبدأ الكاتب بالمضارع (أهوى……) متبوعا ب”التنقيط” الذي يشير إلى أخذه نفسا عميقا قبل أن يخبرنا عن دلالة عمق ما يهوى:
(أهوى…..
أنفاس الروابي المحلقة…)

أرى أن في نص الكاتب نصوصا عدة؛ ولكل منها (theme) تتلاقى جميعها في نهاية النص(التشكيلي) حيث (الحكمة) يتبعها السؤال، ومن ثم علامات الترقيم:
الخراف لا تخاف السكين
المسنونة
في جراب الراعي
فهل من
…………..
……….قبس
ينير أفئدة
اليمام……؟؟؟
؟؟؟؟
……………….
……..
…..
..
.
كلا؛ لا تخاف الخراف السكين في (جراب) الراعي؛ فهي لا تعرف أن من يرعاها اليوم ، هو نفسه من سيتاجر بها، أو يذبحها بنفسه غدا.
“أسئلة” الكاتب المسبوقة بالتنقيط، والمحصورة بين قوسين، من دون أن تتبعها علامات الاستفهام:
(من يوصلني إلي)، (من يعيدني إلي) قصدية الكاتب هي أن الجواب لديه هو نفسه؛ فمن غيره يوصل نفسه إليه؟ ومن غيره يعيد ذاته إليه؟
لكن أين ؟؟؟
الجواب: عند ضفة السعير !!
طالما أنها “ضفة” فهي توحي بالنهر، لكنها ضفة السعير؛ والنهر يطفئ السعير، لكنه يوضح : (حيث لا “تحترق” أنامل رغبتي الأولى) .

– (إن كان وجودي
صدفة
فموتي
ليس صدفة على الإطلاق)
لن يسلم الكاتب مصيره/ مستقبله لما هو مغيب (القدر)، ولا للحظ (الفنجان)؛ فوجوده لم تبتدعه خرافة.

– نااااااااااار
و……………………………….ج
-..ن………ة)
نار، وجنة يتنازعان الكاتب، لكنها النار ( الثورة) هي طريقه؛ ثورة على كل معاني الخرافة و الجهل والتضليل.. ثورة على كل (ما) و(من) يسلب الإنسان معناه الإنساني، وحريته، وإرادته.

– فلسفة الكاتب الرهيبة ل”حياة”، أو”موت” الإنسان من أجل الإنسان :
يحيا الإنسان ليحيي بالعطاء الإنسان؛ ويستبسل/ يموت- أيضا-من أجل ألا يموت الإنسان!!
“ال” التعريف في كلمة الإنسان هنا لها دلالتها؛ فلم يقل الكاتب: يحيا الإنسان من أجل (إنسان)
ويموت من أجل (إنسان)
وإنما قال يحيا، أو يموت الإنسان من أجل الإنسان؛ فالإنسان بمعناه كله هو غرض/غاية الكاتب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى