د. يوسف زيدان: الفصل بين التراثين المسيحي والإسلامي كان لأهداف سياسية

النصرانية كلمةٌ قرآنيةٌ، وقد استخدمها المسلمون الأوائل فى معرض التفرقة بين (الكنائس) المسيحية فى زمانهم، فقالوا لمسيحيى مصر “الأقباط” ولمسيحيى الشام والعراق “النصارى” ولمسيحيى بيزنطة وأوروبا “الروم”.

ولكن حقيقة الأمر فى هذه التسمية ودلالتها، هو ما نراه بوضوح فى الطبعة الثانية من (معجم الحضارات السامية) صفحة ٨٤٧، حيث نقرأ ما يلى:

أُطلق هذا الاسم على المسيحيين الأُول نسبة إلى يسوع الناصرى (أى الذى من الناصرة)، ثم أصبح له خلال القرون الميلادية الخمسة الأول استعمالان مختلفان، وكان اليهود يُطلقون اسم الناصرى على يسوع المسيح عينه، واسم النصارى على الذين يؤمنون به.

أما المسيحيّون فكانوا يُطلقون هذا الاسم على جماعة من اليهود/ المسيحيين، هم أقل ابتعاداً عن الأرثوذكسية اليهودية من الإبيونيين، إلا أن آباء الكنيسة الأول اعتبروهم من الهراطقة.

وكان النصارى يتقيَّدون بتعليمات العهدين القديم والجديد معاً، ويتمسّكون بالختان والمعمودية، ويُقدّسون يومىْ السبت والأحد، ويقيمون الفصح اليهودى والفصح المسيحى، ويكرّمون موسى والمسيح.

وكان المعتدلون منهم يؤمنون بولادة المسيح من البتول مريم وبكلمة الله. أما فيما يتعلق بصلب يسوع فإنهم يقولون إن الروح القدس حَلَّ عليه فأصبح المسيح، وفارقه على الصليب فلم يعد مسيحاً، ومات بصفته الإنسانية.

ويقول آخرون إن “سمعان” شُبّه بالمسيح وصُلب بدلاً عنه، بينما ارتفع هو حياً إلى الذى أرسله. وكان النصارى يُنكرون ألوهية المسيح وعقيدة الثالوث الأقدس، ويحرِّمون الخمر ولحم الخنـزير والتبّنى والصور.. إلخ.

وأخيراً، فهناك عشرات الرسائل الاعتراضية المتشنِّجة، راحت تُنكر علىَّ بصخبٍ شديد، أننى مشغول بالتراث المسيحى مع أننى مسلم. وأننى تركت مؤخراً، مجال تخصصى (الفلسفة الإسلامية)، وصرت مشغولاً بما لم يكن يهمُّنى من قبل، وليس يعنينى من قبل ولا من بعد!

ولهؤلاء أقول لتوضيح الأمر، إن فهم التراث الإسلامى لا يستقيم دون إمعان النظر فى التراث المسيحى. وإن التراثين متصلان على نحو فعلى، لكن بعض أصحاب (المصالح) حرصوا دوماً على الفصل «الذهنى» بينهما لغايات فى نفوسهم..

وفى حقيقة الحال، فإن انشغالى بهذه القضايا قديم، لكن طَرْحها على الناس على هذا النحو الموسَّع، الموثق، كان يقتضى قضاء سنوات فى البحث والدراسة قبل التعرُّض لمثل هذه الأمور الدقيقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى