خَريف العمر

محمد زهدي شاهين  | فلسطين

في فصل الخريف تبدأ أوراق الأشجار بالتساقط عن أغصانها بسبب فقدانها نضارتها وحيويتها، فتتعرى اغصان الشجر والنباتات من لباسها الذي كان سترا وحجابا وغطاءً لها، ومع تقدم عمر الإنسان تتعرى صحة جسده من نضارة الشباب وحيويته هو الأخر.

وفي الغالب يزداد رشدا وحكمة لكثرة تجارب الحياة التي ق مر بها، أمّا في حال فقدان الإنسان للأخلاق وللقيم الفاضلة التي يتوجب أن يتحلى بها خاصة في مثل هذا العمر، فإنه يتعرى تماما من إنسانيته ويفقد اتزانه وجمال العقل ورونقه، ويهتك وقار شيبته.

خريف العمر يتشابه كثيرا مع ميزات كثيرة يتميز بها فصل الخريف عن باقي فصول السنة، احداها اعتبار فصل الخريف فصلا وسطا ليس بحرارة الصيف ولا ببرودة الشتاء.

إن انتشار الأنانية والغيبة والكذب والنفاق والظلم والغش والرياء يعود بالضرر على المجتمع.

إن هذه الجراثيم والآفات المجتمعية لها تأثير سلبي على روح الإنسان، وتلوث فكره وجوارحه كما تفعل الجراثيم التي تعود بالضرر على جسد المريض وتقوم بتدمير صحته وبنيته، ومن المعيب جدا أن يصل الإنسان الى خريف العمر وهو ما يزال يمارس هذه الآفات.

 يقف الإنسان أمام خيارين، إمّا أن يكون طيبا حسنا لين العريكة، سلس المعشر حسن الخلق مع الأخرين وهذا يعتبر سنام رأس الفضائل التي تكون إمّا ضمن طبع الإنسان وما جبل عليه خلال نشأته، وإمّا عن طريق التعلم وصقل الذات والتعود وتدريب النفس عليها الى حين اكتسابها.

فالإنسان يجب أن يكون من هذه الناحية كالماء الذي يتواءم ويتكيف أخذا شكل كل ما يحتويه، لا أن يكون كالصخر الأصم الذي يصعب التأثير فيه.

والخيار أو الطريق الأخر هو بأن يكون الإنسان وبالا على نفسه وأهله ومجتمعه. لهذا فليختر كل منا سبيله وطريقه في رحلة الحياة المحدودة والقصيرة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى