حفيدتي الأولى وبرنامج جو بايدن

عدنان الصباح | فلسطين

لم أكترث أبدا ببرنامج باراك اوباما الانتخابي بنسخته البايدينية ولن أكون مهتما بنفس البرنامج أثناء التطبيق فالخبر الأول لنشاط وزير خارجيته سيكون زيارة مستوطنة على ارض البيرة فجو بايدن يكرر بنفس الأسلوب ما فعله رئيسه باراك اوباما ويعاود مغازلة المسلمين ليؤكد أننا امة من كلام فليس يعنينا شيء سوى الحروف ومقاطعها ومخارجها ودلالاتها في اللحظة دون ان نربطها بشيء واقعي على الإطلاق ودون أن نلاحقها الى أين ستصل بنا فقد فعل اوباما ذلك وملأ الدنيا ضجيجا عن احترامه للإسلام والمسلمين واختار أكثر الجامعات العربية شهرة وهي جامعة القاهرة ليقدم خطابا اعتبره العرب رؤيا جديدة تقدمها الولايات المتحدة لتغيير صورتها واليات عملها ولكن المثير جدا ان باراك اوباما غادر البيت الابيض كأكثر أصدقاء دولة الاحتلال خدمة عملية لها وأكثر أعداء العرب والمسلمين.
اليوم يأتي جو بايدن بنفس البضاعة معتمدا على ذاكرتنا المخرومة جدا والتي لا تستند أبدا الى الحقائق والواقع وهي ترغب بالعيش دائما في فضاء الخيال الشرقي اللا واقعي والمتأتي من امة كل ما لديها علم الكلام واللسانيات وفي هذا السياق سنعود مع بايدن من حيث بدءنا مع اوباما وكما فعلنا مع كل من سبق ليس لأننا لا ندرك ما ستكون عليه النتيجة حين يغادر الرجل كغيره بيت الأمريكيين الابيض بل لأننا ندرك أن لا خيارات لنا وأننا كبلنا أيدينا وعقولنا وارتهنا لإرادتهم لا حول لنا ولا قوة.
حفيدتي الأولى التي رأت الدنيا بعيدا في ستوكهولم لم تكن ضمن أولويات جو بادين ولن تكون وهي أيضا وليست على جدول أعمال زعماء العرب والمسلمين ولا حتى الفلسطينيين فكل له حفيدته وكل له همومه ولا داعي للاكتراث أبدا بتلك العينان المشعتان أمل اللتان رأتا النور على ارض ستوكهولم وقطعا لن يكترث رئيس وزراء السويد بالأمر ولن يدري أي معاناة تعيشها حفيدتي التي لم اتمكن من احتضانها حتى اللحظة إلا عبر اختراعات الامبريالية من وسائل الاتصال والتواصل التي لم تستطع بعد عقولنا من إدراك التعاطي معها إلا باستخدامها لأغراضنا الاستهلاكية.
الحفيدة الأولى أربكت عالمنا في الآسرة وأربكتني حبا أكثر ونحن نبحث لها عن اسم منذ اللحظات الأولى للإعلان عن وجودها والاسم في حياة الفلسطيني ليس نحض حروف فهي عربية فلسطينية عائلة والدها تعيش في الأراضي المحتلة عام 1948م وعائلة والدتها تعيش في الأراضي المحتلة عام 1967م وقد أصبحت هذه الأرض ارضين بعد الانقسام اللعين وهي ولدت على ارض غريبة وستعيش هناك ونحن إذن بحاجة لاسم يصلح لألسنة السادة السويديين واسم لا يظهر منه معنى لعرق أو دين أو طائفة فهذا الاسم له دلالة كردية وسيغضب الأتراك وهذا الاسم له دلالة تركية وسيغضب الأكراد واليونانيين وذاك دلالاته فارسية وسيغضب بعض العرب وآخر أصله روسي ولا زال شعب السويد يتذكر عنتريات الصراع مع روسيا رغم ظلال السنين نحن بحاجة لاسم عربي فلسطيني يلفظه الغرب ولا يغضب منه احد وقد أنقذتنا قوانين السويد التي تعطيك مهلة حتى تختار الاسم وتمنحك حق اختيار أكثر من اسم حتى يكبر الطفل ثم يتم الفاء ثلاثة أسماء والإبقاء على واحد.
قال لي صديقي المقدسي الذي يسكن في رام الله انه قام بشراء بيت في بيت صفافا ليسكن وأولاده به حتى يحافظ على بطاقة الهوية الزرقاء _ يقصد بطاقة الاحتلال _ وشتم آخر والده مازحا لأنه اجبر والدته في لحظة حمى ثورية على التنازل عن جنسية دولة الاحتلال ومصمص شفتيه قائلا _ كان زبطت معنا _ لو أن والده أبقى لوالدته على تلك الجنسية وقالت ابنة صديقي المقدسية لوالده إن موظف داخلية الاحتلال في القدس أبدى العجب لان والدها لم يتقدم بطلب الحصول على الجنسية تلك.
الحوار اليوم في الأسرة يدور ليس على الاسم فقط بل وعن كيفية حصول زيارتها الأولى للوطن المقسم بين الأعداء وبين الإخوان فمن أي البوابات ستدخل ومع من هل ستدخل حبيبتي الى الوطن مطار اللد بحض والدها في حين لن تتمكن والدتها من التواجد معها أم من معبر الشيخ حسين وأيا كان المعبر الذي ستعبر منه فهو قطعا لن يكون معبر الكرامة لأنها ستفقد جنسية الاحتلال ويبدو أن لا احد يريد ذلك لان لاشيء سواها مضمون على ما يبدو وهي لن تدخل من معبر رفح لأنه لا يؤدي الى أي مكان سوى خليج غزة الموصدة من كل الجهات ولست ادري ان كان ذلك يدخل في بوابة الأسرلة والتأسرل على رأي “جواد بولس ” أم من أي تيه الفلسطيني باسمه وجنسيته وعنوان نومه.
هل يعلم بايدن أن حفيدتي تولد بلا وطن ولا اسم ولا عنوان وان جدها يحضنها صورة لا جسدا وان دروبها الى وطنها محفوفة بالمخاطر من كل جانب وأنها ولدت بعيدة وأخذت معها والديها ليصبح الوطن شاغرا بثلاثة مقاعد للمستوطنين ولا تدري حبيبتي الأولى أن المرحوم صائب عريقات انتقل الى رحمة ربه يوم ميلادها ففاوض حتى ترك شاغرا آخر مما يعني أننا نتناقص لصالحهم ليس كما فقط بل وحضورا ومشاعر ورغبات فهم يتركون الدنيا ليأتوا الى هنا ونحن نترك هُنانا ” هنا التي لنا “الى أي مكان حتى السماء دون أن نحمي هُنانا ولا شيء يعني لنا أبدا سوى أنانا لا هُنانا.
أما آنت يا حفيدتي الجميلة فقد سرقتني عيناك مني وأفرحتني بما يكفي لأقول لك مع كل ذلك أن الأرض رحبة وأنها كلها لنا نحن أبناءها وستجدين غدا من يحتلها وستعرفين أن غرف الولادة خارج السويد وفي عالمنا نحن المصنف عدديا تنازليا لا علاقة لها بتلك الغرف الوردية الجميلة التي ولدت بها فهنا على ارض الوطن وهناك في شتات المخيمات تلد النساء وحدهن ويحضر الأطفال الى الدنيا والأمهات يغسلن ملابس العائلة أو يجلسن على مواقد الخبز ليجدوا ما يأكلوه ليس ذلك للفلسطيني فقط ولكن لكل من لهم ترتيب ودرجات خارج عالم الامبريالية الأول والمسرح المحيط كخط دفاع ثاني ليظل الحرمان حليف أصحاب الدرجات الأخرى.
هي الأرض يا حبيبتي لنا نحن الذين لم نسطو عليها ولم نطحنها لتلد لنا ما نريد, ولم نغلقها بوجه الريح, ولم ننبش أحشائها بحثا عن الثروة لا الثورة, هي الأرض لنا نحن الذين نخاف عليها من الريح لا أولئك الذين يشقونها بسكين ثم يسمونها برتقالة, هي الأرض كل الأرض لنا نحن المنهوبين … للفلسطيني والكردي والهندي الأحمر والذين يسكنون تحت السماء بلا غطاء في أمريكا سيدة السطو على كل شيء حتى على أحلامك وجنود الاحتلال المحرومين من أحلامهم ليسرقوا فرح أطفالنا دون أن يدروا لماذا بعد كل الفرح الذي يسرقوه منا لا يستطيع أطفالهم الفرح.
حبيبتي الأولى … حفيدتي الأولى
تعالي الى وطنك لتحضني التراب الأدفأ على وجه الأرض … تعالي الى وجع الحنين هنا للغد بعكس كل حنين على وجه الأرض يحلم بأمس أجمل إلا نحن يا حبيبتي ولىننا لم نعرف الأجمل يوما فلا زال حنيننا ويبقى الى غدنا الذي لن يبنيه احد لنا سوانا … تعالي يا حبيبتي لاريك آن هناك على وجه الأرض تراب ينبض بدم أبنائه… هناك على وجه الأرض تراب يشبه تقاسيم وجه جدك … هناك على وجه الأرض تراب يحمل آهات وأنات أجدادي … هناك على وجه الأرض تراب يحلم كأصحابه بان يفتح عينيه ذات صباح على غد أجمل يقرأ على ضوء شمسه زغاريد فرحك أنت وكل طفل على وجه الأرض …تعالي يا كتلة الحم والدم الكونية المزروعة حبا ونبض حياة … تعالي لأنشر على هدي بريق عينيك أحلامنا بالغد ونكتب وإياك على تراب بلادنا بأننا نحبها ونعيش … بأننا نحب ناسها ونعيش … وان اللصوص كل اللصوص عابرون.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى