عربي 2020

شوقية عروق منصور | فلسطين

لا ترهق نفسك بجلد الذات.. فنحن نجلد ذاتنا ورجال السياسة يسلخون جلودنا، وبين الجلد والسلخ تتنفس الفضائيات في وجوهنا أخباراً و صوراً تحفر فوق ملامحنا اودية من العجز وآبار من الحيرة الغبية التي لا تستطيع رسم الحدود للخروج من هذه الآبار المسمومة.

” أنت عربي ” أذن أنت تعيش في معامل تكرير الوجع والمآسي، واحتياطي الدموع أصبح أعلى وأكثر من احتياط الفرح .

” أنت عربي ” أذن تخلت عنك رحمة الانظمة وأسقطتك من حساباتها، وأنت بالنسبة لها مجرد رقم في سجلات السكان المعذبين .

” أنت عربي ” اذن تنتظر موتك في كل مكان، في المدارس ، في المقاهي ، في الساحات ، في الشوارع .. في كل الوسائل، السيارات المفخخة موجودة والأحزمة الناسفة جاهزة تنتظر “عناتر” هذا الزمن كي يفجرونها للوصول الى الجنة ، فالطريق الى الجنة لا بد أن يمر بالجثث والرعب والأشلاء وأرقام القتلى .. وكلما ارتفع الرقم زاد ضجيج الانتصار والتكبيرات وتهاليل الفخر .

” أنت عربي ” أذن أنت تملك مفاتيح أسواق بيع النساء، رجعت مهنة بيع الجواري، ولكن هذه المرة بالدولار .. العملة الصعبة والعالمية .. والمرأة حسب جمالها، ولا نعرف ما مصير المرأة التي لا تحظى بالجمال، هل سيقومون بعمل تخفيضات أو يقومون بشراء واحدة + واحدة .

” أنت عربي ” عليك أن تسمع جميع عبارات العنجهية العالمية، وتتحمل تقاسيم الوجوه الامريكية والاوروبية المحمضة، كل مسؤول ووزير ورئيس منهم يتعامل مع رئيسك وزعيمك كأنه مصاب بمرض الانهزام ويخاف من العدوى ، لذلك يعطيه الأوامر من برجه العاجي ، فيقوم رئيسك بتنفيذه خاضعاً دون اعتراض .

” أنت عربي ” عليك أن تتحمل الفضائيات التي تقذف كتلاً من حمم الإرهاب، صور ومقابلات واستعراضات لمقنعين حاملي الأعلام السوداء وباقي الخرق القماشية التي أصبح لكل فئة علمها ولونها كأننا في حفلات رقص لأفلام هندية، الفرق أن الافلام الهندية تمنح البهجة والفرح وهؤلاء يدمرون وينسفون ويقتلون ويحفرون المقابر الجماعية.

” أنت عربي ” عليك أن تبارك السيارات التي تحمل فوق هودجها مدافع ورشاشات موجهة للمواطنين العزل في دول كانت قائمة، وبيوتاً كانت تضم بين جدرانها الأسر والعائلات والأحلام والطموحات، وفجأة سبحوا في نهر الدم وأقاموا المخيمات على شواطيء الذبح .

العربي عام 2020 يصرخ ولا أحد يسمعه، سوى المواقد المشتعلة في العراء وهم يتحلقون حولها، الاطفال والشيوخ والعجزة والنساء، جميعهم يتحلقون حول المواقد ينتظرون اشارة الاستقرار للعودة الى قراهم ومدنهم، إلى حقولهم ومزارعهم ومصانعهم .

لا أحد يسمعهم سوى المواقد التي تشتعل أكثر وأكثر، و مهما اشتعلت لن تقوم بتدفئة غربتهم ومعانتهم وتشردهم وخوفهم واستغلالهم وذبح طفولة اطفالهم وترويج دعارة بناتهم، النار لا تشفق عليهم ، لأن وظيفتها الحرق حتى الرماد .. وهم الآن رماد الثورات ورماد القرارات ورماد المؤتمرات واللقاءات ورماد مصانع الاسلحة وتجارها ورماد الرماد.. الذين يطلق عليهم زعماء ورؤساء الأمة العربية .

أنت فلسطيني ..أبحث عن المفتاح الذي كان في جيب ” القمباز ”  القريب من عضلة قلب  جدك  الذي استشهد في ثورة 1936 لكن قبل استشهاده  أعطاه لوالدك الذي احتفظ به حتى مات عام 1948، وأصبح المفتاح بحوزتك،  لكن قررت في جلسة مفاوضات أن تقوم بتذويب الحديد لكي تصنع من الحديد الذائب شجرة سلام تعلقها على أبواب التاريخ.

وبعد سكب الحديد تمردت الشجرة وظهرت على شكل  ” الأصبع الأوسط ” ..  وننتظر الآن من يعيد تذويب الحديد وإعادته إلى شكله الأول المفتاح.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى