الحب فعل!

إيلاد نيهوراي

ترجمة: خالد بن زايد الخنبشي

أتذكر كم كنتُ سخيـفًا وعاطفـيًا بشكل مفرط حينما كنت أقول لزوجتي “أحبك” في موعدنا الثاني لنا بعد تعارفنا قبل الزواج، وبالرغم من محاولاتي كي أكبح جماح نفسي من قول تلك الكلمة إلا أنني لم أسطع، وبصراحة، فقد أراد بي الأمر قول أحبك حتى في موعدنا الأول، لكنني خشيت من أن ذلك سيبدو غريبًا لها.

لا زلت أتذكر رد فعلها، فقد أعطتني نوعًا من الابتسامة بين الخجولة والفرحة، ثم أومأت ونظرت إلى السماء، ولم يحزنني ردها بالطبع، لكنني أحسست عندها أن جزءًا مني يدرك أنها كانت أكثر ذكاءً وتواضُـعًا مني، ومع مرور الوقت، أدركتُ أيضًا أنها تعرف شيئًا لم أعرفه، ومثل معظم اليهود “الحاسيديين” (كلانا أصبحنا متدينين في وقت لاحق في الحياة)، استمرت فترة المواعدة بيننا فترة قصيرة جدًا، وبعد شهرين من المواعدة أعلنا الخطوبة، ثم تزوجنا بعد ثلاثة أشهر.

طوال تلك الفترة كنتُ أشعرُ بالحب، فقد كانت تلك النار مشتعلة بداخلي، ولكن بعد الزواج بدأ يتغير كل شيء، فلم أتصور أن الزواج سيمتص تلك المشاعر بسرعة، أسرع مما كنت مستعدًا له، ورغم أني حاولت جاهدًا أن أبقي تلك النار والأحاسيس مشتعلة بداخلي إلا أن الأمر بدأ يصبح أصعب وأصعب.

فلم يعد بوسعي أن أشعر بالحب عندما نكون جالسين على طاولة نفكر كيف نستخدم آخر عشرين دولارًا في الحساب، أو عندما أدخل في جدال معها، أو حينما تستاء مني حين ألقي بجواربي على الأرض بدلا من سلة الغسيل. ولم تكن هناك طريقة تمكنني من خلالها الحفاظ على تلك النار التي كانت تشتعل بداخلي أثناء مواعيدنا الغرامية قبل الزواج والتي طالما ظننت أنها كانت تعني الحب!

مع ذلك، وحين بدأت أعي الأمور أكثر! لم يبد الأمر على أننا لم نكن نتبادل الحب، فقد كان يأتي في أوقات مختلفة لم أفكر فيها من قبل! مثل عندما عرضت عليها أن أغسل الصحون أو أن أطبخ لها العشاء بعد أن قضت يومًا شاقًا أو بمجرد أن أنجبنا ابنة وشاركت في مسؤولية رعايتها.

فلم ألاحظ ذلك الأمر طيلة تلك الفترة من الزمن رغم تكرار حدوثه، وأعتقد أنه كان له تأثير علي؛ لأنه مع تقدم زواجنا وجدت نفسي أعرض المساعدة في جميع أنحاء المنزل أكثر وأكثر.

وبعد كل مرة أبادر فيها بشيء، كانت تعطيني تلك النظرة الناعمة والجميلة، فقد كانت نظرة الحب المطلق! وقد استغرق الأمر طويلا حتى فهمت ما كان يحدث، وأصبح واضحًا فعلاً، فمن خلال العطاء، ومن خلال المبادرة من أجل زوجتي ظهرت تلك المشاعر التي كنت أبحث عنها بشدة، فلم تكن شيئًا يمكنني أن أجبره على الظهور، لا! لقد كان شيء يحدث نتيجة عطـائي، فقد وجدت الحب الذي كنت أبحث عنه أخيرا، لكنه كان من الناحية العملية.

والذي كان أكثر إثارة للاهتمام هو أنه بمجرد أنني أدركت الأمر، وبدأت في محاولة خلق المزيد من الفرص لأعطي، أصبح كلانا – بشكل حدسي تقريبًا – محبوبًا لدى الطرف الآخر.
والآن بما أنني أصبحت أكبر سنًا قليلاً وأكثر خبرة بهذه العلاقة، فقد توصلت أخيرًا إلى إدراك شيء ما لم أرغب في الاعتراف به منذ مدة، لكن لا يمكن إنكاره مطلقاً. فلم أحب زوجتي في الموعد الثاني، ولم أحبها عندما خُطبنا، ولم أحبها حتى عندما تزوجنا؛ لأن الحب ليسَ عاطفة! وأما تلك النار التي كنت أشعر بها كانت باختصار نار عاطفية، ناتجة عن حماس مواعدة امرأة، أو شعور بأنني أستطيع الزواج، لكن ذلك لم يكن الحب!

لا، الحب ليس عاطفةً وليس اسمًا حتى! إنه فعل، ومن الأفضل تعريفه على أنه “عطــاء”، كأن تؤثر احتياجات الغير على احتياجاتك، وإذا سألتني لماذا لم أحصل على الحب المتبادل عندما تزوجنا لأول مرة؟ أقول لأنه لم يكن شئ منها، كان ذلك شيء يخصني، رغبة في الحصول على نفس المشــاعر بداخل صدري! وحتى عندما أخرجته من صدري، لم يكن ذلك حُـبًا، وأن تكون سعيدًا ليس حبًا، وإخبار شخص أنك تحبه لا يعني بالضرورة أنك تحبه، ولهذا السبب فقد أعطتني زوجتي تلك نصف الابتسامة؛ لانها كانت تعرف حقا ما هو الحب!

والآن بعد أن حاولت تغيير الطريقة التي أنظر بها إلى الحب، صدمت أكثر من رسائل الحب التي كنتُ أتلقاها عندما كنتُ أصغر سناً، من أفلام ديزني إلى برامجي المفضلة مثل “ذا أوفيس” إلى كل أغنية بوب، يتم بيع وترويج الحب باستمرار على أنه عاطفة لدينا قبل أن نتزوج، عاطفة تبقى بطريقة سحرية في الزواج إلى الأبد.

لا أستطيع أن أتخيل كذبة أكبر من تلك، ويحزنني أن أعرف مدى تردد تلك الرسائل في رأسي ورؤوس الآخرين أيضاً.

وأعتقد أن لهذا المفهوم الخاطئ جزءًا كبيرًا في ارتفاع معدل الطلاق في هذا البلد، تخيل أمة كاملة من الناس يطاردون تلك الأوهام باستمرار؟! كل يحاول العيش في فيلم ديزني عاطفي! هذه وصفة للزيجات الكارثية، لدولة بها نسبة طلاق تصل ٥٠٪؛ وكله من أجل الزنا (وهي محاولة كلاسيكية للشعور بتلك العاطفة الرعناء)، للأشخاص الذين يبقون معًا ليعيشوا ببساطة زيجات وظيفية بلا أي حب.

من المحزن أن نرى مدى شيوع كل ما سبق، وكم من الناس يتألمون لمجرد أنه قد كُذب عليهم، وكانوا يستحقون حياةً أفضل، وكلنا نستحق الأفضل، فقد حان الوقت لتغيير نظرتنا عن الحب وإعادة تعريفه، لأنه حتى نفعل ذلك سيظل الزنا شائعًا، ويظل الأزواج بلا حب، وطلاق ومآسي كثيـرة في حياتنا.

°°°°

المصدر: مترجم من:

I Didn’t Love My Wife When We Got Married

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى