افتحوا قلوبكم للحب

بقلم: عبير أحمد نعيم

انتكاسة الأعمار؛ نعم هى كذلك بكل تفاصيلها الموجعة تتوثق علاقتنا بالأحداث كلما زادت أعمارنا، نولد لانعرف التقويم الذى ولدنا فيه؛ لكنه يسجل فى ذاكرة أشخاص آخرين يخبروننا به لاحقا.

كأننا نعلن براءتنا من لهفة التقويم الذى يريد أن يلتهم أجسادنا أحياء ولايخلصنا منه سوى قبضة الموت. نولد فى معمعة التيه الممتع نستمع برفاهية الحب الأول تتشابك أيادينا الصغيرة بأول أنثى نعرفها هى سبب وجودنا فى الحياة نتحسس صدرها لتقودنا إلى أول طريق لإشباع رغبتنا الأولى (الجوع) لايهم وقتها من نكون فقط نريد أن ننام لنتغلب على ملل التقويم المبهم. فجأة تمتد أيدينا إلى ورقة التقويم على الحائط ليبدأ الصراع الحقيقى داخل أعمارنا.

من هنا نعرف مؤكدا من نكون قد يكون هو وقد تكون هى. نبدأ فى عد أعمارنا لنكون جزءا من وريقات التقويم الورقية أو حقبة سريعة منسية فى ساعات اليد الفاخرة تشتد بريق المرحلة كل النساء برائحة الورد وكل الرجال بطعم القهوة! تتشابك يده مع امرأة أخرى ترضعه ولكن لاتشبعه.

نحملق فى سقف الحجرة عند سماع أغنية رومانسية آذاننا قطار سريع يقطع المسافات إلى الحبيب ليهدى له السلام ويعود سريعا على آهات النوتة الموسيقية تدمن هى كتابة الإهداءات على كتاباتها تكتب الإهداء بكل عفوية وسذاجة عزيزى أنت قد لاتعيش فى الحيز الجغرافى الذى أعيش فيه ولكن لم أشعر أبدا بباب أو جدار يفصلنى عنك ومن حسن حظى أنك من نفس القارة دينك هو دينى ولغتك هى لغتى لذلك لم أجد صعوبة عندما أكتب لك أحبك بالعربية وأيضا لا أعترف إطلاقا بكلمة المسافات وأضع بين الصفحات وردة حمراء وأوقع بإسم مستعار من حمرة الخجل ثم أكتبه بتاريخ مضى عليه عشرين عاما هو فارق أعمارنا ندمن أيضا صوت الهاتف صوت الرسائل أو خبرا موجزا عنه فى الجريدة، نرحب دائما بالضيف الذى يأتى بدون عناء (الحب)، أمزق ورقة التقويم واحدة تلو الأخرى على عجالة بلهفة المجانين وننسى أنها أوراق تسقط من أعمارنا كما تسقط من أوراق التقويم على الحائط.

شيء فجأة يخبرنى أننى لست على مايرام أشعر أن ورقة التقويم تسقط من عندى ولكن تتحرش فقط بتقويمه فارق الأعمار بيننا يجعله يتأرجح هناك على كرسيه الخشبى فى شرفة منزله يتأمل المطر والسماء الغائمة مع أنه جزءا من هذه الغيمة ولكنه غيمة شحيحة المطر ! لايدرى أنه يشيخ هناك من غياب المحبوب.

أتصفح حياته على مهل أراها كالمقبرة التى تدفن فيها الأحياء بلا رحمة رأيت الحب يجالسه كالميت المتقاعد المهندم بزى النوستولوجيا عفوية الخيال تصدمنا دائما بحائط الخذلان يجتاحنى موسم من مواسم البكاء الموجع أخيرا رأيت كل شيء بعينه هو. رأيت كل إهداءاتى فى مقبرة جماعية داخل مكتبته تحتاج لمراسم جنائزية وجدته مريضا يأبى أن يتعافى بالحب لا يبالي حتى لحديث قلبه فقط يريد أن ينام مجددا فى مرحلة التيه الموجع لايقطع فرط تأمله صوت هاتف أو صوت إمرأة أو إهداء ساذج أو رفاة حب.

كم كان متعبا إلى حد الاكتفاء. أنا فى حقبة لا أشبه حقبته فقط ظلمتنا قسوة التقويم أشفقت على ميخائيل نعيمه عندما كتب فى وصيته بعد ثمانيين عاما بعدما أحب فتاة روسية ولم يتزوجها اتركوا باب الضريح مفتوحا لعلها تأتى.

هل سنترك باب الضريح أم نغلقه؟ قدرنا أن نموت بفرط الإنتظار ألف مرة حتى هناك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى