نابلس حبيبتي

مازن دويكات | فلسطين

لم أر أي شيء بعد مولدي بدقائق، لكنّي أحسست فصرخت صرختي الأولى لحظة مرآى قبّة خضراء من سرو،ٍ و صنوبرٍ، هكذا كان جبل “جرزيم” لحظة مولدي، هو المقابل الأول والأعلى لبيتنا القديم المحاذي لتل “شكيم” في “بلاطة” التي لم تفرّط بروائحها الريفية رغم كونها في قلب الحي الشرقي لمدينة “نابلس”.

تُرى كم من أبناء “نابلس” العريقة يعرف ” شكيم” بعمقها الكنعاني الآصيل!

هي الأم الأولى والأخيرة لهذه المدينة الخالدة الباسلة حيث أنجبتها عام ٧٢ ميلادي، الميلاد والتجدّد سمة هذا المكان، والصمود سمة الإنسان، ومهما دار دورته الزمان، تظل نابلس هي نابلس بروحها الكنعانية الموغلة في العمق، تكسرت حراب الغزاة على الصخور وبقيت الجذور هي الجذور متكأً لخاصرتي المدينة جبلَي، “عيبال” و “جرزيم”.

نابلس مدينتي الحبيبة، مسقط الروح والبدن، ومجرد وجودي على أرضها، هو أكبر عطاء منها لي، لقد أخذت مني وجعي وألمي، وأعادت إنتاجهما من جديد، ولكن بحرفية وتقنية الأم الحنون، فتحول الوجع إلى نشوة غامرة والألم إلى فرح.

قبل أن يولدُ في الكونِ أحدْ

حملتنا الأرضُ من عهدٍ قديمْ

قبل أن يُعجنَ

 من صلصالها الغالي جسدْ

ها هنا كنّا نقيمْ

قبل أن يحبو على مصطبة العالمِ

بنتٌ وولدْ

قال ربُ الكون: ِكوني جبلَ النارِ

وكانت لي بلدْ

هبطتْ يحملها جنحانْ

“عيبالُ”  و “جرزيمْ”

وهنا ثبتها “كنعانْ”

والإسمُ.. “شكيمْ”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى