مارثون لقاح كوفيد-19: الفرح أم القلق؟ (3)

أ. د. فيصل رضوان | أستاذ التكنولوجيا الحيوية الطبية والسمومالولايات المتحدة الأمريكية

في بداية جائحة كورونا كان هناك إجماع تام على أن تصنيع لقاح سوف يوفر مناعة كاملة لـ SARS-CoV-2 ، الفيروس المسبب للأعراض المرضية القاتلة لعدوى COVID-19، وربما هو الحل الامثل لإنهاء الوباء العالمى. في ذات الوقت، مع تزايد الإلحاح نتيجة زيادة معدلات المرض والوفيات والضرر الاقتصادي البالغ؛ كان أقل تقدير اقترحه الخبراء لتطوير اللقاح الآمن والفعال يصل من 12 إلى 18 شهرًا. على الرغم أنه فى الظروف العادية قد يستغرق تطوير اللقاح عادةً حوالي 10 سنوات. وكان أسرع لقاح تم تطويره على الإطلاق – لقاح النكاف mumps – رغم إنه استغرق أربع سنوات!

لقد تمت التجارب قبل السريرية والسريرية لاختبارات فعالية وسلامة لقاحات كوفيد-19 المتصدرة المشهد حاليا بسرعة محمومة، ربما لتوفر الدعم المعنوي أولا، والدعم المادي والكفاءة التكنولوجية غير المسبوقة. وكذلك جاهزية مرافق تصنيع اللقاحات حتى قبل الانتهاء من التجارب ذاتها. ورغم ذلك، فالشعب الأمريكي؛ حاله حال بقية شعوب العالم التي لا تخفى قلقها بشأن تجرع هذه اللقاحات.

لماذا نحتاج إلى لقاح؟

إذا كنا نرغب في استئناف الأنشطة الحياتية العادية – كما كانت قبل الوباء— فنحن بحاجة إلى “مستوى معين” من المناعة ضد العدوى يطلق عليها مناعة القطيع.  وهناك طريقتان لتحقيق ذلك. الأول هو السماح لجميع السكان – أو لعدد كبير من الناس قد يصل الى 70%- بالإصابة بالفيروس. وهذا سيؤدي إلى قدر كبير من الوفيات، وهو أمر غير مرغوب فيه. الطريقة الأخرى هي “التطعيم”.

وليس معروفًا بالضبط ما هي النسبة المئوية للسكان الذين يجب تطعيمهم لتوفير “مناعة قطيع” كافية لوقف تفشي المرض. ربما تلك النسبة تقل فى المجتمعات الأكثر التزاما وتباعدًا عن المجتمعات المستهترة بالعدوى. ولكن الباحثين يعتقدون أن ما لا يقل عن 50٪ -70٪ من السكان عموما سيحتاجون إلى الحماية.

أما عن امور سلامة اللقاحات فإن أغلب الحكومات تشترط أن تمر جميع اللقاحات المرشحة بثلاث مراحل من الاختبار على الأشخاص، تبدأ بأعداد صغيرة لإثبات السلامة الأساسية، وتنتهي على الاقل بتجربة 30 ألف شخص، حيث يحصل نصف المتطوعين على دواء وهمي والنصف الآخر يحصل على لقاح فعال. وفى هذه المرحلة يتم الإحصاء العددي ما إذا كان اللقاح آمنًا للغالبية العظمى من الأشخاص الذين يحصلون عليه، على الرغم من إمكانية حدوث تفاعلات نادرة.

هل توفر اللقاحات حماية من العدوى وما مدتها؟

بالتأكيد توفر حماية وهذا ما تم نشره وفحصه علميا لكل لقاح، ولكن لا يزال غير معلوم عملياً طول مدة الحماية هذه؛ وهل يلزمنا التطعيم السنوي أم إن التأثير قد يستمر لسنوات. لا يتضح ذلك الا بعد مرور الزمن وفحص مستوى الاجسام المضادة في المستقبل لأعداد كبيرة.

ما عدد الجرعات المطلوبة؟

ستتطلب جميع اللقاحات المرشحة جرعتين لتصبح فعالة تمامًا، مما يعني أنه ستكون هناك حاجة لمئات الملايين من الجرعات لتلقيح غالبية سكان العالم. ربما حتى الان لا أحد يعرف يقينًا ما إذا كان يحتاج الأشخاص المصابون بفيروس كورونا والمتماثلون للشفاء منه إلى التطعيم المأمول.

كيف تحصل الدول على احتياجاتها من اللقاحات؟

 172 دولة اعلنت مشاركتها في تحالف اللقاحات COVAX ، وتديرها مبادرة Gavi النابعة من منظمة الصحة العالمية WHO والتى تهدف إلى العمل مع مصنعي اللقاحات المرشحة لتزويد البلدان في جميع أنحاء العالم والوصول العادل إلى لقاحات آمنة وفعالة ، بمجرد ترخيصها والموافقة عليها. من بين هذه الدول قدمت ثمانون دولة ذات الدخل الأعلى،  النية الحسنة بمساعدة  باقى الدول ذات الاقتصاديات المنخفضة والمتوسطة للحصول على احتياجاتها من اللقاح.  معًا ، تمثل هذه المجموعة أكثر من 70٪ من سكان العالم؛ من بينها ممثلون من كل قارة وأكثر من نصف اقتصادات مجموعة العشرين G20.

هل نحتاج الى الاحتياطات حتى بعد التطعيم؟

نعم ستظل التوصية بالأقنعة والتباعد الاجتماعي لبعض الوقت بعد تطعيم الأشخاص. تتطلب اللقاحات حقنتين فى خلال شهر تقريبًا؛ كما أنه لم يُعرف بعد ما إذا كان اللقاح يحمى الأشخاص من العدوى تمامًا أو من الأعراض الخطيرة فقط. هذا يعني أن الأشخاص الذين تم تطعيمهم ربما لا يزالون قادرين على الإصابة بالفيروس، على الرغم من أنه من المحتمل أن يكون بمعدل أقل بكثير. يظل أمر التطعيم هاما تماما حتى يختفى الشكل الوبائى للفيروس، بعدها، ربما تخفف القيود ويعود العالم الى ما كان عليه قبل الجائحة.

للرجوع الى المقالين السابقين لهذه السلسلة من فضلكم استخدموا هذه الروابط:

مارثون لقاح كوفيد-19: اللاعبون (1)

 

http://79j.713.mywebsitetransfer.com/?p=33614

 

 مارثون لقاح كوفيد-19: العشر الأوائل (2)

 

http://79j.713.mywebsitetransfer.com/?p=33736

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى