في ذكرى أبي

نبيهة راشد جبارين | فلسطين

ظَلَّ اللّيلُ دافئاً، والقمرُ منيراً، والزّمانُ باسماً، حتى تلك اللّحظة التي فقدَ اللّيلُ فيها دفْأهُ، والقمرُ نورَهُ، والزّمانُ بَسمتَهُ.. عندما أغمضتَ عينيكَ والدي الحبيب على صور أحبّائكَ الذين أحاطوكَ بالرّعاية والمحبّة والاحترام والتكريم الى اللّحظة الأخيرة..

   وهاهي تأخذني نبضات الحنين إلى أيامٍ خلت، كنتَ فيها الأب الحاني، والمعلّم المعطاء، والمربّي الوفيّ.. لا  زلتُ أنعمُ رغم بُعد السّنين بجمال وبراءة طفولة كنتَ ترعاها بكلّ المحبّة والحنان، وكنتَ المعلّم الأوّل الذي غرس في نفسي حبَّ اللّغة العربيّة والأدب، عندما كنتَ تحكي لنا القصص الشّعبيّة، والتّاريخيّة التي كنتَ تحفظها عن ظهر قلب، بأسلوبك الجذّاب، وتنشد أشعارها بصوتك الرّخيم، رغم انك لم تكن قارئاً…  فأخذتَ بيدي ووجّهتني لكي أسلك هذا الطّريق، فأحبَّ لغتي والثقافة والأدب .

أمّا التّربية، فلم تجلس وتلقّنّي يوماً دروساً فيها، بل تعلّمتُ وذوَّتُّ كلَّ  آداب السّلوك والتّعامل الحسن ممّا كنتُ اسمع وارى منك ..  

وتعلّمتُ الإيمان وحفظ حدود الله من إيمانك.. ألم تكن تمشي مسافةً تزيد على الكيلو متر لكي تصل الى المسجد  وتؤدي صلاة الجمعة او الجماعة..!

 ولا زال بعض الاولاد الذين أصبحوا اليوم  رجالاً ونساءً،  يتذكّرون كيف كانوا ينتظرونك في الحارة يوم الجمعة لكي يتسلّموا منك هداياهم وأنت في طريقك الى المسجد ..

الكلام يطولُ يا والدي الراشد الحبيب ..ولكنّ حبّي لك وإعجابي بشخصك لا يخضع لعوامل الزّمن ..

حتى وإن كانت ” كلُّ فتاةٍ بأبيها مُعجبة ” ، فإنّني معجبة بك إعجاباً لا  يخضع للمقاييس .

 في مثل هذه اللّيلة رحلتَ عنّا، والتحقتَ بالرفيق الأعلى.. فإلى جنان الخٌلد يا والدي الحبيب – أبا محمد – راشد الصادق، مع الأنبياء والصّالحين، وحسُنَ اولئك رفيقا ..جمعني الله  وإياكَ وأحبّائي والدتي وأخي (أبو راشد)  في جِنان الخُلد .

رحمكَ الله والدي الحبيب وأحسن إليك، وجعلكَ ممّن “رضيَ اللهُ عنهم ورضوا عنه”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى