فيلم عباس 36

قمر عبد الرحمن | فلسطين

ليس من السّهل الاعتراف أنّ البيت الذي تقيم فيه ليس بيتك “إنّه يعادل الاعتراف أنّ الوطن الذي تقيم فيه ليس وطنك” الاعتراف بأنّ البيت ملكٌ لأناسٍ آخرين.. يشبهونك.. عربٌ مثلك، كانوا يبحثون عنه في كلّ مكان ولم يجدوه.. وكانوا ينتظرون العودة إليه.. ورحل بعضهم وهو ينتظر!! وما زال البعض الآخر يؤمن أنّ الحلم حيٌّ وحقيقيّ..

المحامي القدير علي رافع وزوجته الرّائعة سارة رحمها الله لم يهمّهما مغادرة المنزل الجميل بقدر ما همّهما تسليم الأمانة لأصحابها وزرع ذلك في أولادهم، هذه الأمانة التي عجزت الحكومات العربيّة ردّها للاجىء عربيّ واحد.

عائلة رافع فتحت القلوب على الوجع الكبير، عبّروا عن مكنونات وجع الأجيال بعمل جبّار وعظيم، يحتاج لقوة كبيرة في معركة الحبّ والحنين، حافظوا على بيت أبو غيدا كبؤبؤ العين، جعلوه حيًّا بالحبّ والأمل..

– ما أجمل بيتنا يا أمّي..

– ليس بيتنا؟! إنّه بيت أحمد أبو غيدا يا ابنتي.. اللّهم ردّهم إليه

كبرت نضال رافع وبقيت كلمات والدتها في الصّميم تُحدث صوتًا عاليًا بضرورة البحث والعمل لاكتمال الحلم والأمل، حتّى التقت بفؤاد في لندن ابن أحمد أبو غيدا المهجّر عام 1948

– إنّنا نسكن في بيتكم!!

– نعم بيتكم ذاته.. بحجارته وشرفته المطلّة على البحر!!

لا لن تستمر سدود المكان والزّمان، ولن تُقفل القلوب التي تؤمن بحقّها بالعودة، لا بدّ من يوم تتفتّح فيه الأسرار ويتحوّل فيه الوجع لبلسم القلوب، ولا بدّ من فجر يسطع بعدما تنتهي شموع الأمل من دورها في تبديد ظلمة الأيّام.

فاض شوق فؤاد وامتلأت الدّموع في مآقيه وهو يستلم مفتاح بيت عائلته..

لا وقت لكتمان حبّ الأرض

لا وقت لبلع اشتياقنا للمكان

لا وقت للمسح على رأس الهويّة.

كانت ملامحه تشير لفرحة عارمة، يريد أن يخبر العالم أجمع بفرحته.

وهل هناك أجمل من مشاركة الفرح؟ قمة الحبّ النّقيّ في مشاركة الفرح، فكيف إن كنت تشارك شمس الحريّة حقّها بالعودة للشّروق لمكان هجرته قسرًا؟

تحالفت عائلة رافع مع شمس الأمل والإيمان بحقّ العودة لإدخال الفرح لقلب عائلة أبو غيدا ونجحوا في التّوفيق بين حنين الأيام وصمود المكان في زمن راهن على قوّة الذّكريات للعودة للوطن.

الإيمان العميق بالعودة هو ما دفع “عائلة رافع” تسليم مفتاح البيت لأصحابه “عائلة أبو غيدا”

وما فعلته عجزت عن فعله الحكومات العربيّة مع لاجيء واحد.

لا بدّ من فرح قريب يشبه فرحة استلام فؤاد مفتاح بيته، كان الفرح مضاعفًا بمفتاح واحد وعودة واحدة، فكيف لو عادت كلّ البيوت لأصحابها؟

اللاجئون..

فراشات من نور

لن يكفّوا عن نشر الحبّ

لن يمتنعوا عن الاشتياق

لن يتنازلوا عن حقّهم بالعودة لذات المكان

ولن يتوقف الحنين ما دام النبض.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى