الشيخ محسن بن زهران بن محمد العبري.. مثال للنشأة والعطاء

أحمد بن هلال العبري | سلطنة عُمان


مولده ووفاته: ( 1348هـ الموافق 1929م – 1433هـ 2012م)

في مثل هذا اليوم 30 من يناير 2012م ( 6 من ربيع الأول 1433هـ) توفي الشيخ محسن بن زهران بن محمد العبري رحمه الله، أحد أعلام ولاية الحمراء، إذ ترك بصمة واضحة في المجتمع.. فمن هو الشيخ محسن بن زهران العبري في إيجاز سريع؟

ولد الشيخ محسن العبري في عام 1348هـ الموافق 1929م في بلدة العراقي بولاية عبري، ونشأ يتيم الأم، إذ فقد أمه رابعة بنت الشيخ هلال بن حمد بن محسن العبري بعد سنة من مولده، ونشأ في رعاية أبيه وجديه، وتعلم القرآن الكريم على يد المعلم الجليل سعيد بن سالم العبري.
صحب جده الشيخ القاضي محمد بن سالم بن بدر العبري خلال فترة عمله بالقضاء، عاد للحمراء ففتح منزل جده (بيت الأدماني) ليكون مدرسة.

(الشيخ محسن بن زهران في منزله)

تتلمذ على يد العلامة الشيخ إبراهيم بن سعيد العبري الذي ارتبط به بعلاقة قوية في التدريس والمجالس ونسخ الكتب وأصبح ساعده الأيمن في بعض المهمات.
درّس بعض علوم اللغة في سنة 1374هـ/1955م تقريبا في حارة العقر بولاية نزوى بمعية الشيخ عبد الرحيم بن سيف بن حماد الخروصي، كما شارك في مسؤولية إدارة الوضع الداخلي في نزوى خلال فترة حرب الجبل
وحين أشرقت شمس 23 يوليو المجيد في عام 1970م، حضر استقبال جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم في حصن الطماح بولاية بهلاء.
عمل نائبا لوالي نزوى في بركة الموز والجبل الأخضر، ثم ولاية ازكي، ثم ولاية جعلان بني بو حسن، ثم عاد إلى بركة الموز بعد انسحاب من العمل لفترة مؤقته لأسباب خلاف تتعلق بالعمل. وأحيل إلى التقاعد بناء على طلبه في 1983م.
الدور المجتمعي سياسيا وثقافيا واجتماعيا للشيخ محسن بن زهران العبري ينطلق من مكانته الاجتماعية وتربية جده و والده على معالي الأمور، بالإضافة لهمته الذاتية، وقد بدأ بذلك منذ ان افتتح مدرسة بيت الأدماني، وله دور ملموس في ما يتعلق بشؤون القبيلة والولاية والعضوية في العديد من لجان الولاية والمحافظة، والمدارس والنادي ومكتبة وقف الحمراء الأهلية ودعم الأعراس الجماعية، وتفقد القرى والجبال، واستقبال المسؤولين، والتواصل مع الشخصيات خارج الحمراء بمختلف محافظات السلطنة.

(السلطان قابوس يكرّم الشيخ محسن العبري)

وقد كرمه جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم بعضوية مجلس الدولة في الفترة الأولى للمجلس (1997-2000م).
وقد سافر الشيخ محسن العبري – طيب الله ثراه – إلى عدد من دول الخليج، وفي مقدمتها السعودية، لأداء فريضة الحج والعمرة، كما زار مصر والأردن وسوريا ولبنان والجزائر


الشيخ محسن بن زهران العبري في مكتبته
بدأ في تكوين المكتبة في بيت الأدماني ثم بيت الغنيمة، ثم نقلها إلى منزله بالمنيزف. وقد أوصى بالمكتبة قبيل وفاته لتكون وقفا عاما يستفيد منها كل باحث وقاريء ومحب للعلم من سلطنة عمان وخارجها، وتضم المكتبة بجانب المجلدات والمخطوطات متحفا تراثيا يحوي مئات القطع الأثرية التي تحكي تاريخ عمان منذ القدم.

وقد عمل أحفاده واشتغلت الأجيال التالية من عائلته على إثراء المكتبة وتمويلها، وإغنائها بكل جديد من الإصدارات العمانية التاريخية والعائلة معظمها دؤوب على المشاركة في دعم العمل الثقافي الرسمي والتطوعي ويتفانون في ذلك ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا.

وأوقف للمكتبة منزلا في مسقط، فاهتم أبناؤه بتسجيل المكتبة رسميا، وإعادة ترميم البيت ليناسب ما أوصى به أبيهم رحمه الله من عرض الكتب والمقتنيات بصورة مناسبة، وأطلقوا عليه اسم (بيت الحمراء التراثي) فأصبح مزارا ثقافيا وسياحيا في الولاية.
غرفة الشيخ محسن بن زهران العبري في البيت التراثي تقدم نبذة عن ما يتعلق به مثل الوثائق ومخطوطات مؤلفاته وصور مشاركاته المجتمعية وعضوية مجلس الدولة والمكتبة واللجان والسفر لخارج السلطنة، وصور الشهادات القصائد التي قيلت فيه، وكذلك أدواته الخاصة مثل البنادق والسيوف الخناجر والعصي.
ألف عددا من الكتب وبقيت مسودة طوال حياته، وبعد وفاته تمت طباعة كتاب الحمراء بلدان وقبائل وكتاب عن السبلة العمانية، له مخطوطات عديدة، فيها توثيق لنشأته وللأحداث التي حدثت في حياته منذ ولادته بخط يده، وسير بعض الشخصيات وخطب و وثائق ومراسلات.
مقابلات تلفزيونية عديدة أجريت معه، منها مقابلة حول تاريخ عمان الشفهي تم تصويرها من قبل وزارة الاعلام في عام 2007م. وكذلك مقابلة تم تصويرها في عام 2011م، منشورة في قناة أبوصدام الخروصي، كما نجد جانبا من سيرته في حديث العديد من الشخصيات داخل الحمراء وخارجها ضمن حلقات لقاءات ذاكرة الأجداد المنشورة في اليوتيوب. وفي فيديو منشور في قناة مرئيات أحمد العبري في عام 2021م قدم الدكتور إبراهيم بن يحيى بن حمدان العبري شهادة عن الدور المجتمعي للشيخ محسن وصفاته.
مقابلات صحفية عديدة أجريت معه في مختلف الصحف عن التاريخ وخدمات الولاية ومواضيع اجتماعية، يضم معظمها إرشيف الصحفي الفاضل عبدالله بن محمد العبري مراسل جريدة عمان، كما له مقابلة أجراها الباحث محمد بن عامر العيسري ونشرها في جريدة الوطن في عام 2011م.
توفي رحمه الله في يوم الأحد بتاريخ 6 من ربيع الأول 1433هـ الموافق 30 من يناير 2012م ووري جسده الطاهر في ولاية الحمراء. ومراثيه مضمنة في كتاب ولاية الحمراء بلدان وقبائل مع سيرة فيها كثير من التفاصيل التي أوردناها أعلاه.

16 جمادى الآخرة 144‪2هـ الموافق 30 من يناير 2021م

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى