ردُّ على مقال الأستاذ الشاعر عادل العاني بخصوص إيقاع قصيدتي (حوار المنافي)

ثناء حاج صالح| ألمانيا

مع خالص الشكر والتقدير لاهتمامك بالموضوع أستاذي الكريم عادل العاني، سأوجز كلامي في الرد على ما تفضلت حضرتك بطرحه في النقاط التالية:

أولاً: فيما يتعلق بوحدة بناء الإيقاع في القصيدة  

تقول حضرتك: ” جلب انتباهي موضوع طرحته الأديبة الشاعرة ثناء حاج صالح بقصيدة تفعيلية (حوار المنافي) وكنت أنتظر نشرها هنا لإبداء وجهة نظري, وهي قصيدة بنيت على (مفاعلن) واعتبرتها الشاعرة تفعيلية وتدية”

تعقيبي

وحدة بناء الإيقاع هي الوتد المجموع وليست  مفاعلن. ولو كنت أعتبر مفاعلن وحدة بناء لها لما كان ثمة داعِ للقول إنها مبنية على الوتد. أما وصفي للقصيدة بأنها تفعيلية فهذا يتعلق بشكلها المماثل لقصيدة التفعيلة من حيث تفاوت طول الأسطر فيها كنتيجة لاختلاف عدد وحدات الإيقاع بين سطر وآخر.

ثانيا: ما يتعلق بمسألة توالي الأوتاد

 تقول حضرتك : ” بالطبع نعلم بأن الأوتاد لا تتجاور في أصل تفعيلات الشعر العربي كما لم يجز تجاورها في قواعد العروض في أصل البناء للبيت الشعري لكنها قد تظهر في بعض أوزان الشعر العربي جراء الزحافات”

تعقيبي

بما أنني نفيتُ منذ البدء أن يكون الإيقاع الوتدي لقصيدة حوار المنافي قائماً على التفعيلة كوحدة بناء ، ونفيت كذلك أن يكون إيقاعها منتميا للشعر العمودي ، فأنا إذن غير معنيَّة بالالتزام بقاعدة عدم تجاور الأوتاد الأصلية في التفعيلة ( لعدم وجود تفعيلة )، كما أنني غير معنية بقواعد العروض في أصل بناء البيت الشعري ، (لعدم وجود بيت شعر). لذلك فإن البحث عن احتمالات أصل الإيقاع في قصيدتي  لا يجب أن يتم من خلال البحث في موروث الشعر العمودي ولا في موروث شعر التفعيلة ، مع احترامي الكبير لكليهما واعتزازي بهما كشكلين رئيسين ( لكنهما غير وحيدين) لإيقاع الشعر العربي.

ثالثاُ: احتمالات أصل الوزن الوتدي

حصرت حضرتك هذه الاحتمالات بما يؤدي إلى الحصول على (مفاعلن) بالزحافات المختلفة وهي كما يلي :

1-وقص متفاعلن في البحر الكامل

2- خبن مستفعلن في الرجز

3- قبض مفاعيلن في الهَزَج التام

4-  عقل مفاعلتن في الوافر التام

تعقيبي

إذا افترضنا جدلاً أن الإيقاع في القصيدة قائم على التزام أحد أنواع تلك الزحافات في واحدة من تلك التفعيلات، فما تفسير وجود عدد مفرد من الأوتاد في بعض أسطر القصيدة ؟ مع العلم أن الرمز التفعيلي للوتد المجموع (فَعُلْ) لا يمثِل لوحده نوعاً من جوازات متفاعلن ولا مستفعلن ولا مفاعيلن ولا مفاعلتن ؟

فكما ترى حضرتك نحن هنا أمام سؤال يحتاج إلى جواب واضح . بل نحن (بعبارة أخرى) أمام مشكلة تحتاج إلى حل . ولا يمكن لأحد إيجاد هذا الحل عن طريق قواعد الزحافات في الشعر العمودي. وذلك لخلو هذه القواعد من (فَعُل) كجواز للتفعيلة إلا في البحر المتقارب لـ(فعولن) . غير أن وجود (فعل) في المتقارب غير جائز -وفقا لقواعد الزحاف الخليلية- إلا في آخر الشطر . في حين أنها تتكرر في إيقاع قصيدتي على طول السطر. وهذا ينفي انتماء أصل الإيقاع الوتدي للبحر المتقارب أيضا، ويؤكد عدم اعتماده على قواعد الزحاف على الإطلاق .

لذا وكخلاصة لكل هذا الكلام ينبغي القول : إن البحث في احتمالات الزحافات التفعيلية لا يفيد في تأصيل الإيقاع القائم على تكرار الوتد كوحدة بناء.

رابعاً: ما يتعلق بـ (مفعولاتن) المرتبطة بالسلم الموسيقي

تقول حضرتك:” وانسجاما مع ما أطرحه أن أصل التفعيلة السباعية هي (مفعولاتن) المرتبطة بالسلم الموسيقي يمكن أن أضع له احتمالا واحدا وهو:

مفعولاتن مفعولاتن مفعولاتن * مفعولاتن مفعولاتن مفعولاتن

وبحذف ساكنين الساكن الأول في كل مقطع (فعلن)

فعولتن فعولتن فعولتن * فعولتن فعولتن فعولتن

وبالطبع فعولتن تساوي مفاعلن أو متفعلن حيث تتكون من (//ه//ه)

ثانيا : يمكن وضعها أيضا من الخلية الثانية مفعولن وبحذف ساكنين من الأولى وساكن واحد من الثانية:

مفعولن مفعولن مفعولن مفعولن * مفعولن مفعولن مفعولن مفعولن

فعول فاعلن فعول فاعلن * فعول فاعلن فعول فاعلن وعند الرسم وفق ما طرحته لا يفرق المخطط عما ظهر في الإفتراض الأول لأن كل حرف متحرك يعقبه حرف متحرك وساكن, ويمكن اعتبار المقاطع أوتادا وأسبابا”

تعقيبي

أستاذي الكريم عادل العاني

مع احترامي لطرحك وتقديري له، إلا أنني أعترض على تسمية (مفعولاتن ) بالتفعيلة؛ لأنها لا تحتوي على وتد أصلي لا مجموع ولا مفروق . ومعلوم أن التفعيلة حتى تسمى تفعيلة ( وفقاً لمنهج الخليل ) يجب أن تحتوي على وتد واحد أصلي وعلى سبب واحد على الأقل. فأرجو أن تراجع هذه التسمية.

خامسا: مستفعلاتن ونازك الملائكة والبحر الموفور  

تقول حضرتك:  “وأحيي الأديبة والشاعرة ثناء على ما طرحته من فكرة عن البناء الوتدي في التفعيلي والذي يمكن أيضا اعتماده في الشعر العمودي كما هو بيت الفراهيدي أعلاه.

واعتمادها (مفاعلن) كخلية شعرية في التفعيلي إضافة جديدة للشعر التفعيلي كما فعلت الشاعرة الكبيرة نازك الملائكة من إضافة (مستفعلاتن) للشعر الحر وأسمته (الموفور) ونظمت عليه تفعيليا لكن كان قد سبقها الشاعر الكبيرالرصافي بالنظم عليه عموديا كما أوضحت سابقا في مقال لي قبل فترة.

ولا أريد أن أتدخل في الحوارات الجارية حول الموضوع لأنني لست طرفا فيها , لكن أحببت أن أعبر عن وجهة نظري والتي تدعم رؤيتي عن بناء الشعر العربي والذي يمكن أن يكون على أسباب أو على أوتاد لأن أصل تفعيلات الشعر العربي كما أوضحت سببية ولا أوتاد فيها فكلها تعود إلى فعْلن , مفعولن , مفعولاتن ويمكن التحرر من أي قيود أخرى كما أثبتته الأديبة ثناء ببناء قصيدة تفعيلية وفق ما أطلقت عليه تسمية (الوتدية) والتي يمكن أن أسميها أيضا سببية اعتمدت على أسباب سليمة وأسباب مزاحفة وفق منهجية هندسية التزمت بها رغم ما أثير عن القفلات وأصل مفاعلن أو متفعلن, ومازال الحوار مستمرا, وتبقى النتيجة واحدة رغم اختلاف التسميات”.

تعقيبي

1-أعود وأكرر أستاذي الكريم : أنا لم أعتمد مفاعلن كوحدة بناء للإيقاع وأنما اعتمدت الوتد المجموع فقط .

2- إيقاع ما سمَّته نازك الملائكة بالبحر الموفور ( مستفعلاتن مستفعلاتن )، ليس إيقاعا جديدا . بل هو إيقاع البحر المنسرح نفسه مع حذف وتد من آخر الشطر ( منسرح أحذ بالقياس إلى البحر الكامل الأحذ) . ومستفعلاتن الأولى ما هي إلا حاصل الجمع بين مستفعلن مع السبب الأول (مف ) من (مفعولات) ومستفعلاتن الثانية ما هي إلا حاصل الجمع  بين ما تبَقَّى من مفعولات (عولاتُ) و(مستف) بعد حذف علن منها ، في المنسرح.

لذلك فإنا ممن يعتقدون بأن نازك الملائكة لم تضف بحرا جديدا ، وممن يعتقدون أنه لا عِبرة تستفاد من جمع أجزاء التفعيلات المتجاورة وإطلاق اسم تفعيلة جديدة عليها.

مع احترامي وتقديري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى