ومضات الصاحب الباهرة في حضرة المتميزين والجبابرة (27)

محمد زحايكة | فلسطين

الشيخ د. عكرمة صبري

 طاقة جبارة من الصمود وقدرة على البقاء والاستمرار والتأثير

بدأ نجم الشيخ د. عكرمة صبري في السطوع والتألق بعد خطابه في رحاب المسجد الأقصى المبارك أمام ” الرئيس المؤمن ” محمد أنور السادات الذي جاء للصلاة في الأقصى أثر زيارته الى الكيان الصهيوني عام 1977 تلك المبادرة والزيارة الساداتية وملابساتها المعقدة وتداعياتها الخطيرة على المنطقة حيث كانت بداية انفراط عقد ما يسمى بالتضامن والامن القومي العربي ، حيث دخلنا من بعدها في مرحلة التيه والضياع الذي بات يتعمق شيئا فشيئا ويحيل الأمة العربية الى صفر ع الشمال او صفر حافظ منزلة فحسب.. والقادم من البلاوي أعظم..؟؟
كان خطاب الشيخ عكرمة ، خطيب المسجد الأقصى حينها ، قويا ومؤثرا ووضع النقاط على الحروف، ولام السادات بطريقة ذكية ومبطنة لانه جاء الى القدس تحت راية العدو وسلاحه المشهر ضد الأمة العربية كافة ، ولم يأت فاتحا ومحررا ، كما كانت نفوس ملايين العرب والمسلمين تهفو وتتوق لمثل تلك اللحظة التاريخية .. ؟؟ خطاب مصاغ بلغة شاعرية وكلمات رنانة تثير العواطف بدون مخاتلة او مواربة ، بحيث اوصلت الرسالة كما يجب أن تكون .
وفي وقت لاحق ، صدف ان جاء الشيخ عكرمة صبري لتقديم محاضرة في نادي جبل المكبر في بداية الثمانينات على ما يظن الصاحب ، ولا يدري الصاحب ، لماذا ما زال عالقا في ذهنه ما تطرق اليه من كلام بخصوص ما يثيره العامة من لغط حول الشخصيات العامة اذا ما أقدمت على انشاء اي مشروع او بناء منزل فخم في حين ان بياع فلافل بسيط يمكنه ان يشيد بيتا معتبرا دون أن يتعرض لأي لغط او ” قيل وقال ” ..؟؟ ومغزى الكلام ان العيون تكون مفتوحة على الشخصية العامة التي تصبح هدفا للنقد بحق وبغير وجه حق..؟؟ وربما للأسف، هذه طبيعة الأشياء..؟؟
ومن خلال عمل الصاحب كمراسل صحفي متجول خاصة لجريدة الفجر المقدسية ولاحقا لمحطات تلفزة عربية واجنبية على مدار عقود من الزمن ، كانت له الكثير من اللقاءات مع د. الشيخ عكرمة صبري ، الذي كان يرحب برجال الصحافة والاعلام سواء في مكتبه في ساحات الأقصى عندما كان يشغل منصب المفتي العام أو غيرها من المسميات والمناصب الدينية الرفيعة ، او في منزله ويتحدث بصراحته المعهودة ولكن بذكاء وحنكة الإنسان الخبير الملم بدهاليز والاعيب السياسة رغم انه رجل وعالم دين وليس سياسيا بالمعنى المتعارف عليه .
ويتصف الشيخ عكرمة بعلاقة ممتازة مع رجال الإعلام والصحافة ويعاملهم بود واحترام وطيبة ويقدر جهودهم في كشف وفضح ممارسات الاحتلال وتنوير الرأي العام ليكون على علم واطلاع بما يحاك ضد قضيتنا وشعبنا الفلسطيني من مؤامرات لا تنتهي . وهو يحمل في قلبه عشقا خاصا للمسجد الأقصى المبارك الذي بات جزء من كيانه الروحي ، لا يبرح التفكير به وكيف السبيل إلى تحريره وتخليصه من قيود الأسر حيث كان شاهدا على أبرز المحطات النضالية والمواجهات والمجازر التي اعقبت محاولات تدنيس هذا المكان الأكثر قدسية في فلسطين والعالم الإسلامي ، مما حدا بسلطات الاحتلال الى اعتقاله وتوقيفه عشرات المرات ومنعه من دخول مسجده المحبوب والتضييق عليه حتى اليوم رغم تقدمه في السن .
ويذكر الصاحب مرة ، ان الشيخ د. عكرمة لم يشأ ان يعتذر عن موعد اجراء مقابلة تلفزيونية معه على مطل جبل الزيتون رغم وضعه الصحي وقتها ، وما ان أنهينا المقابلة معه حتى شعر باعياء شديد ، مما حدا بالطاقم التلفزيوني إلى نقله لمستشفى المقاصد القريب . وهذا دليل على احترامه لمواعيده وتقديره لرجال الصحافة والاعلام الذين يعتبرهم حراس الحقيقة والعيون الساهرة على مصالح الشعب .
وعلى الصعيد الشخصي يتحلى د. عكرمة صبري بصفات التواضع والقلب الكبير والصدر الواسع مع الجميع وينسج علاقات دافئة حتى مع المخالفين له في الرأي ويبني جسورا من الثقة والاحترام المتبادل مع رجال الدين المسيحي حيث يشدد دائما على الوحدة الوطنية واحترام عقائد الآخرين . كما يظهر فارسا وعلما مقدسيا لامعا ، من خلال علاقاته الدولية المتشعبة مع رجال الفكر وعلماء الإسلام وشخصيات رسمية دولية واقليمية في مختلف دول العالم وكما نلمس ذلك في عديد كتبه الفكرية التي تنشر الفكر الواعي المستنير وكذلك في مجلة هدى الإسلام التي استقطبت خيرة الكتاب والمثقفين وعلماء الدين والشريعة .
الدكتور الشيخ عكرمة صبري مثال رجل الدين والعالم المسلم الذي ينغمس في هموم مجتمعه ولا يهدأ في مواظبته على التفاعل مع المؤسسات والشارع لشحذ الهمم وتقديم كل مساعدة ممكنة وإرشاد معنوي وفكري يلامس مشاكل واحتياجات المواطنين ، فهو كالدينمو المتحرك يشغل الناس بعطائه المتواصل ، ويتقدم الصفوف دفاعا عن مقدسات القدس وفلسطين وأهلها رغم صعوبة الظروف وقلة الامكانيات.. فلا يعرف اليأس او القنوط ويرى الضوء في نهاية النفق مهما ادلهمت الخطوب وساد الظلام الحالك .
الشيخ عكرمة شخصية فريدة واسعة التأثير .. من طراز خاص ونور متوهج للحق الفلسطيني الذي سوف ينتصر مهما طال الزمان . فكل الاحترام والتقدير لهذه الشخصية المقدسية المؤثرة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى