الحماية الاجتماعية وتكافؤ الفرص

علي الكناني | كاتب وإعلامي – العراق

تعتبر أغلب دول العالم والمنظمات المعنية، الحماية الاجتماعية، حقاً من حقوق الإنسان. وتنص المادة 22 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان “لكل شخص، بصفته عضوا في المجتمع، الحق في الحماية الاجتماعية، وفي أن تُوفر له الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والتربوية، التي لا غنى عنها لكرامته ونموه”.
وفي متابعة سريعة لتجارب الدول في هذا المجال، نجد أن هناك نسباً متفاوتة من المجتمع في كل دولة تتمتع بهذه الحقوق، لكن هذه النسبة تزداد في العراق بشكل مطرد، في وقت تسعى حكومات دول العالم الى تقليصها من خلال برامج وسياسات تنموية، تعمل على توظيف الإمكانات البشرية، وتحويلها إلى قوى منتجة.
وبحسب آخر تصريح لوزير العمل، فإن هناك أكثر من مليون و400 ألف شخص مستفيد من إعانات الحماية الاجتماعية، وإذا علمنا أن معدل العائلة العراقية يتراوح بين (5-6) أفراد، فإن مجموع عدد المستفيدين من هذه الإعانات يصل إلى سبعة ملايين وربما أكثر، وهو ما يشكل نحو واحد إلى خمسة من سكان العراق، مع وجود عدد مقارب من طلبات الشمول التي تعجز الوزارة عن تلبيتها.
شمول هذا العدد من المستفيدين –في نظر السلطة- مؤشر إيجابي يعكس مدى الاهتمام بشريحة الفقراء، ومساعدتهم، لكنه في المعايير العلمية يدلل على وجود تخبط في إدارة هذا الملف، فالمنطق يقول إنه كلما ازدادت الحاجة إلى الإعانات فهذا مؤشر على فشل السلطة في تحقيق العدالة الاجتماعية، وتوفير فرص متكافئة، مثلما نص عليه الدستور في المادة (16) بقوله: ” تكافؤ الفرص حق مكفول لجميع العراقيين”.
وفي ظل استشراء الفساد، والمحاصصة، والمحسوبية في الحصول على وظيفة عامة أو دخل ثابت، يزداد عدد المستفيدين من الحماية الاجتماعية، مع غياب تطبيق القوانين التي تضمن حقوق المواطن في العمل، ومراعاة قواعد العدالة الاجتماعية.
وفي أفضل الأحوال، يتوجب على مصادر القرار مراجعة السياسة المتبعة في إدارة نظام الحماية الاجتماعية، والعمل على تطبيق ما جاء في الدستور لضمان حقوق المواطنين، وإيجاد تشريعات وآليات واضحة تضمن العدالة الاجتماعية، في بلد ينعم بالثروات ويتوافر على مقومات تحقيق الرفاهية لشعب عانى الويلات من جراء السياسات الخاطئة على مر عقود، وما رافقتها من حروب ودمار وفاقة، بدل تحويل شريحة واسعة إلى عناصر غير منتجة تعتاش على إعانات ومساعدات لا تغطي إلا النزر اليسير من متطلبات الحياة واحتياجاتها الأساسية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى