ورقة ملونة ( قصة قصيرة )

محمد حسين | كاتب فلسطيني – دمشق

صباح يشرب تعبها المترامي على رخام الليل، يحمل حقائبها المثقلة بالحنين الدافق من رحم الحكايات، يفتح بابها المغلق بحجارة الزمن المكفهر، يداهم براعمها العطشى من شدة الوقت المشبع بالوقت .

حارس المسافات يرشق وجهه  بنسمات هذا الصباح المختلف، يغدو فوق رصيفه المبلل بالعرق، يضع نظاراته  السوداء ليرى الأقدام العارية بشكل آخر، يجلس فوق كرسيه الحديدي القديم يغازل ما تيسر له من عطر المدينة، بقايا الريح تعبث بصفحات جريدته  تحمل ما تبقى من أوراق تركها عامل النظافة خلفه ، ورقة ملونة تقترب منه يحاول قراءة بعض كلماتها لكنه يعجز عن ذلك فهو يجيد قراءة الخطوط السوداء في الجرائد الصفراء والنعوات المعلقة على الجدران وفواتير الماء والكهرباء والهاتف، تقدم الحارس نحو الورقة حدق بها لم يرَ سوى ألوان قوس قزح، تراجع إلى مكانه حدث نفسه؛ يبدو أن عيناي لم تعتادا على هذه الألوان من قبل، انتابه نوع من الحيرة تناول لفافة تبغ ملأ رئتيه بدخانها أطلق زفرة نحو تلك الورقة تراجعت إلى الخلف وما لبثت أن استقرت أمامه،

ردت التحية عليه …

 أنا رسالة فقدت العنوان في زحمة العناوين التي مزقها الزمن…

 مشيت فوق نصال النفاق حتى تشققت قدماي،

لي موعد مع حلم انتشلني من حفرة الضباب ذات مساء.

أنا حارس المسافات أجمع قطرات الحنين وانثرها على وجه لم يغادر ظلي…

أنت…. أجل أنا…

تعال معي فما زال هناك متسع من الوقت لأشياء لم نقلها بعد….

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى