مواجع الأطلال

مختار اسماعيل بكير | مصر 

همّي هناك بأرض الله يكتملُ
جُرحي عنيدٌ فهل يحنو ويندملُ ؟

///

ما بين ماضٍ عريقٍ راح منكسراً
ووهمِ آتٍ غريبٍ رحتُ أنشغل

///

وفوق أطلال مَنْ راحوا ومَنْ عبروا
أهرقتُ دمعاً غزيراً فيكَ يا طلل

///

ورحتُ أجمع أشتاتاً مبعثرة
وكلما طلَّتِ الشطآنُ لا أصلُ

///

في كل شبرٍ لنا ذكرى تُودِّعُنا
ودمعُ أرضٍ أتتْ بالجُرحِ تكتحل

///

في كل شامٍ لنا عرقٌ نُقَطِّعه
ونشرب الذل في أكواب من قَتَلوا

///

وفي العراق يطل الوجه منكسراً
يكسوه همٌ عميقٌ راح ينسدل

///

آهٍ عليكِ بلادي لا يُحرِّكُنا
فيكِ الشريف ولم يُقْبَلْ له عمل

///

ضاعت مفاتيح هذا المجد وانكسرت
كل المرايا وأعيانا بها الوَجَلُ

///

كل الذين تربوا في عباءتها
غاروا عليها فلم يُتْركْ لها مَهَلُ

///

فيا نسيم الصبا إنْ جئتَ من حلبٍ
فاترك لها دعوةً في الليل تبتهل

///

واترك لبغداد ماءً في الفرات جرى
فانها من لهيب الحقد تشتعل

///

واقصص حكايا من الأقصى تُذَكِّرُنا
إن ما نسينا ويبقى ذلك الأمل

///

هذي جراحي وأوجاعي ألملمها
وأسكب الهمَّ أنهاراً وأغتسل

///

أروح والروح في أوحالنا قبعت
ومدمع العين قد حارت به المقل

///

ضاعت بيوتٌ أطلَّت من على جبلٍ
والآن يقتُلنا في دورنا جبلُ

///

مبتورةٌ كل احلامي ممزقةٌ
ولا يكاد لهيب الدم ينفعل

///

كنا قديما إذا ضلت مقاصدنا
يأتي من الشام ما تُهْدَى به السبل

///

وإنْ تناثر دمعُ الطفل في حلب ٍ
تجري الكنانةُ في وصلٍ وتتصل

///

وإن هوت في حجاز الله مأذنةٌ
رُجَّتْ لها الأرض تحميها وتحتمل

///

وإن دنا فوق أرض النيل من عطشٍ
هبَّ الفراتُ، أتى بالخير يمتثل

///

تنبيك صنعاءُ أنَّ الخير صِنعتُها
يمشي بها في دروب الأرض يرتحل

///

كنا قديماً نصلي في مساجدنا
صفَّاً إلى الله لا يغفو وينفصل

///

والآن تغرقُ عن عمدٍ سفينَتَنا
وجاء يرتع مَنْ باعوا ومن قَبِلوا

///

أتسجنون صلاةً في حناجرنا
وتُوقعون بنا في سرب مَنْ وحلوا؟

///

تُعلُِمون خضوعاً في مدارسنا
وتنشرون صفوفاً خلف من جهلوا

///

وتجهلون بنا عمداً وفي سفهٍ
وتقتلون صباحاً ساقه أمل

///

وتنصبون عزاء الشمس لو أفَلَتْ
وتلعنون رجالاً كلهم أفلوا

///

يا شمس يا قبلة الأحرار فاتنتي
مَنْ ذا أغار عليكِ؟؟؟! كلهم فعلوا

///

يا شمس إن لنا في القدس أغنيةً
ولَّتْ قديماً وكل الأهل قد جفلوا

///

مَنْ ذا يعيرُكِ عيناً ترقبين بها
ونبضةً من صميم القلب تتصل

///

كان الرجال قديماً درع أمتنا
لكنهم عجباً عن دينهم عدلوا

///

شيطانهم قد بدا في كل نائبةٍ
يا ليتهم عن طريق الشرك قد غفلوا

///

شبابنا ألبسوه الوهم ليس لهم
إلا المياعة في طياتها دخلوا

///

وأوهموهم بأن العقل في دمهم
يا ليتهم قبل هذا الجهل قد عقلوا

///

وأقنعوهم بأن الخير في غدهم
وأنهم من سماء الله قد هطلوا

///

باعوا الفرات وباعوا النيل إذْ لبسوا
ثوب الهوان الذي في وجهه الوحل

///

وأشعلوا من لهيب الكفر أغنيةً
كيف ارتقت في السما تعلو وتنتقل؟!

///

يقودنا في المدى كأس وغانيةٌ
ويمتطي ظهرنا في جوفه ثِقلُ

///

يا ليل إن لنا في صبحنا أملاً
فهل تجود علينا أيها الأمل؟

///

إنَّا أضعنا وضعنا مثلما رسموا
وأسقطونا من الوصل الذي فصلوا

///

وعاجلوا القلب بالطعنات قاتلةً
يا خيبةً رقصت ، فينا وتحتفل

///

في كل شاردةٍ كانوا وواردةٍ
كالنار توقد في الأحلام ، تشتعل

///

لبستُ ثوب الأسى حتى هرمت به
ونازعتني المنايا وارتقى الوجل

///

وما بأرضي سوى قومٍ بلا هممٍ
تبّاً لهم من كؤوس الخمر قد ثملوا

///

تركوا هناك بأرض العُرْب أفئدةً
غطاءها الريح والأوجاع والزلل

///

لم يحملوا من لهيب الثلج أغطيةً
لكنهم من صقيعٍ قاتلٍ حملوا

///

ديارنا كالقصور الشامخات بدت
ودورهم نحو شط الستر لا تصل

///

يا أمةً دَفَنتْ في الوحل هامتها
وأهلُها من دروب الحق قد نصلوا

///

أستغفر الله منكم ، من حماقتكم
من شاعرٍ غافلٍ ينسى ويرتجل

///

أستغفر الله ممن باع في سفهٍ
كل الدماء التي سالت لها المقل

///

يا مُنزلَ الغيثَ ، غوثٌ منك يشملنا
وعفوكَ القصدُ والمقصودُ والأمل

///

فاشمل عبادك يا ذا الجود مغفرة
ثم اهدهم دربهم إنْ تاهت السبل

///

إنّا دعوناك باسم القدس في خجلٍ
وباسم كل بلاد شانها الخجل

///

أن ترفع الهم عن بغدادَ عن حلبٍ
عن العروبةِ مَنْ حَلَّتْ بها العِللُ

///

وأن يعود رداءُ الكبرياء لنا
وأن تَرُدَّ لهذا البيت مَن رحلوا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى