تذكرةُ سَفَر

جميلة شحادة | فلسطين

 

عِشرونَ قِطارًا، مرُّوا في مَحَطَّتي

لمْ يتوقَّفْ واحدٌ مِنهمْ ليُقِلَّني

لمْ يَلْحظْ واحدٌ مِنهمْ حَقيبَتي في يَدِي

لمْ يَعبأْ واحدٌ منهمْ لتَذكَرةِ سَفَرِي.

أمسَكتُها بِيَدِي،

نَقشتُ رقمَها في دَمِي

حَرِصتُ عليْها مِنْ قطَّاعِ الطُّرقِ

ومِنْ هَرْجِ العابرينَ، وصُراخِ الباعَةِ

عِشرونَ قِطارًا، مرُّوا في مَحَطَّتي

لمْ يتوقَّفْ واحدٌ مِنهمْ ليُقِلَّني.

كُنتُ شفَّافةٌ، كَنسيمِ الصَّباحِ،

ينعشُ الروحَ،

يُبهجُها،

لكنْ لا يُمسَكُ باليَدِ

على الرصيفِ جلستُ في مقعدِي

أنتظرُ القطارَ القادمِ،

وأحمِلُ تذكرَتي في يَدِي.

أينَ تسافرُ يا تُرى القطاراتُ؟

سألتُ بعدَ جهلٍ، حِكمتي.

الى أينَ في المساء تَذهبُ؟

الى ساحاتِ الحربِ؟

أم الى حدائق القُرنفُلِ؟

مَنْ هُم ركابُ القطاراتِ؟

مَنْ هُم الهاربونَ مِنَ المُدُنِ؟

جنودٌ يغازلونَ سِلاحهَم الأبكَمِ؟

أمْ عُشّاقُ الضوْءِ والوردِ والقمَرِ؟

تَذكَرَتي ما زالتْ في يَدِي.

أصبحتْ قديمَه.

أصبحتْ فَهيمَه.

وكلّما زدْتُ إحْكامَ قَبْضَتي

عليْها صَرختْ بي:

أيّتُها البلهاءُ قَتلْتِني.

ألا تُدركينَ،

أنَّ شِدَّةَ الضغْطِ،

تُودِي الى الهَلَكِ؟

دَعْكِ مِنَ الانتظارِ،

حرَّريني وتَحَرّري.

غادري المحطةَ المَنْسِيةَ

واعبُري العَتمةَ

الى مساحة الضوءِ.

هناك؛ سيغزل الضوءُ لكِ،

حكايةَ عِشْقٍ،

مِنْ حُقولِ الزَّنبقِ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى