لماذا أكتبُ ؟

مالك البطلي | العراق

آهٍ يَا فيلِكسْ

أنتَ تكتُبُ لأنّكَ خَائفْ

أنَا أيْضاً

أكتُبُ لأنّنيْ مُحاطٌ بِالخوفِ والذُّعرْ

أكتُبُ لِأُسكِتَ نُواحَ الثُّكالَى فِي حنْجرَتِي

أكتُبُ لأنّ لَا ألمَ يُضاهِي ألَميْ ولَا شَريكَ لهُ

أكتُبُ حتّى لَايضعُونِي فِي أرْشيفِ الذّكريَات

أكتُبُ لِئلّا أُنسَى لِئلّا أُهجَرُ لِئلّا أكبُر

أكتُبُ لأَبقَ أُراوحُ الوجُودَ فِي مَهدِ أُمّيْ

أكتُبُ لأنّي ممنُوعٌ مِن الصِياحِ فِي المنزِلِ

أكتُبُ لأَتطورَ فِي البُكاءْ

أكتُبُ لِأُزيلَ ضَبابَ وَحدتِي وأمسَحَ عنْ زِجاجِ وحْشتِي عَرقَ الآهْ

أكتُبُ لِأنّهمْ لَا يفهَمُونَني

أكتُبُ لِأُعالِجَ نفسِيْ

 أكتُبُ لِأَنجُو مِن المهْزلةْ

أكتُبُ لِجرحِي المُباحْ كلَيلةِ عُرسْ

أكتُبُ لِأُمارسَ الرّكضَ خَلفِي حِينَما أفِرُّ مِنّيْ

أكتُبُ  لِأنّي لَا أُجيدُ العِناقْ

أكتُبُ لأنّكَ لاشرِيكَ لَكَ حتّى بِيْ

أكتُبُ حتّى أُبلِّلَ شفتَيّ اليَابِستَينْ

أكتُبُ لِأُرمّمَ تَجاعِيدَ وجْهِيْ

أكتُبُ كَي أُطفِئَ هذِهِ الرّوحَ المَعطُوبةْ

أكتُبُ لِأرَ كَيفَ يمُرَّ مَوكِبَ جِنازتِيْ

أكتُبُ للِمسَافاتِ البَعيدَةِ التِي تسحَلُنِي

 مَثلَ مِعطفٍ ميّتْ

أكتُبُ مِن قِلةِ حِيلتِيْ ولِأَنّني أُريدُك، أُريدُك ، أُريدُكْ

أكتُبُ لِأنَّ أصابِعيْ مُوحِشةٌ

أكتُبُ لأنّنِي لَا أستَطِيعُ أنْ ألِمسَك

أكتُبُ كَي أتَمرّن عَلى لفْظِ اسْمك دُونَ إرتِجافَة 

أكتُبُ لِأبحَثَ عَن عُشبِ الخُلودْ

أكتُبُ كَي تُزقزِقَ البَلابِلُ المَيّتةُ فَوقَ غُصنِ طُفولتِيْ

أكتُبُ لأنّ الشِّعرَ فضِيحَةُ رُوحِيَ الحَزينَةْ

أكتُبُ حتّى أُكفِّر عَن ذُنوبِيْ

أكتُبُ لأنّهُم غَلقُوا البَابَ عَلى إصبَعِ قلبِيَ الأخْرَسْ

أكتُبُ لأُجفّفَ

دُموعَ الرِفاق الّتِي تَسيلُ مِن عَينِي

أكتُب لِلشّهداءْ ، للحَزانَى لِأُولئِكَ

الّذينَ يُطفِئونَ فِي ظُلمةِ أحْزانِهمْ

لِأولئِكَ الّذينَ فَشلُوا فِي الحُبْ ، والشِّعرْ الّذينَ يتَلكّؤُون عِندَما يقُولونَ كلِمةَ أُحِبُّك

 لِأولَئِكَ المَجانِينِ المُشرّدينْ ،المُضطَهدِينَ العَجزةْ

لِلأُمًهاتِ اللّواتِي فقَدنَ فلَذّاتِ أكبَادِهنّ فِي سَاحاتِ الحُروبْ

أكتُبُ لِأُلملِم َأشلَاءَ ساعِي البَريدِ

الذِي أُستُشهِدَ بقُنبلَةِ رُوحيةٍ فِي سَاحَةِ التّحريْر

أكتُبُ لأُغلقَ صُنبُورَ الدُّموعِ الّذيْ ينزِفُ مِن فَراغاتِ أصَابِعِنا

أكتُبُ لأنّي لَا أملِكُ ثمنَ تذْكرةْ

أكتُبُ لأُسافِر دونّ تَذاكِرْ

أكتُبَ حتّى أُواسِي أوّلَ حُزنٍ لِيْ

أَولُ غُربَة

أَولُ قُبلَةٍ مُغَمَسةٍ بالدموع ،أَولُ علبَة سَجائر

سَرَقتُها مِن جَدي ..!

أَولُ أُغنيةٍ

أَولُ اتِّكاءٍ على بُحّةِ ” داخل حسن “

أَولُ قَصيدةٍ لَم تَكْتَمِل بَعد وسرقوها منّي

أَول غُرفةٍ بارِدةٍ بلا ضَوء

أَولُ ضعفٍ بِلا تَوَقّف

أَولُ نَبضةِ قَلَق ، أَولُ ارتِعاشةِ خَوف

أَولُ ضحكةٍ مُزَيَّفةٍ ،أَولُ رَهبةٍ  ،أَولُ سَهرٍ أُحَلِقُ بهًِ في السَماء الباهتة

، أَولُ مَوعدٍ وَقَعت بهِ على وَجهِي

أَولُ لِقاءٍ بلا عَودة

أَول مَوتٍ بِبطء

أَولُ وَداعٍ دونَما مُصافَحة

أَولُ اشتياقٍ مُر

أَولُ ضَياعٍ

أَولُ مَلَلٍ ، أَولُ تَعَبٍ ، أَولُ تَفكيرٍ

أَولُ كَأسٍ لي على ضفاف دجلة

أَولُ تَيهٍ

أَولُ مَهزَلةٍ

أَولُ غيرةٍ أَولُ خَيالٍ مُضحكٍ

أَولُ خَوفٍ

أَولُ تَوَترٍ

أكتُبُ كي لا أَفلتُ منّي دُفعةً واحِدَةً

أكتُبُ لكَي لَا أقفِز مِن النَافِذةْ

أكتُبُ لأنًنيْ عِراقيٌّ

وَحيدٌ فارِغ بِلا رُوحٍ بِلا دُموعٍ بِلا أصْدقَاءَ بلا عائلة بِلا لَونٍ بِلا وَطنٍ لَا أنَا ولَا هِيّ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى