أدباء اليوم السابع يناقشون “الطاؤوس الحزين”

القدس | خاص

ناقشت ندوة اليوم السابع الثقافية الأسبوعية عبر تقنية “زوم” قصة “الطاؤوس الحزين” للكاتبة نزهة أبو غوش، صدرت القصة عام 2020 عن “دار الهدى للطباعة والنشر كريم 2001-م.ض” في كفر قرع في المثلث الفلسطيني. وتقع القصّة التي تزيّنها رسومات منار نعيرات في 22 صفحة من الحجم المتوسّط، ورسوماتها مفروزة الألوان وكلماتها مشكولة.

افتتحت الأمسية ديمة جمعة السمان فقالت:

في كل يوم نسمع عن حقوق يتم انتهاكها: سرقات، قتل، انتهاك حرمات، تخريب ممتلكات شخصية وعامة.. الخ من الأمور التي تدبّ الفزع في نفوس المواطنين وتشعرهم بعدم الأمان في بلادهم. يتمّ هذا دون الالتفات إلى أن هناك قانون سيقول كلمته بحق الجناة.. وكأنّها غابة.. لا ضبط ولا ربط.. كل يفعل ما يشاء.. أفرادها لا يعترفون بقانون ولا بحقوق.. نهجهم: (حارة كل مين إيدُه إلُه).. يسلبون حقوق الآخرين، ويستهجنون ويستنكرون إن تمّت محاسبتهم.

وتأتي قصة الأطفال للأديبة نزهة أبو غوش (الطّاووس الحزين) في الوقت المناسب.. لتقول للطّفل أنّه لا يمكن تحقيق الأمن والأمان، والرّاحة والاستقرار لدى المجتمعات دون قانون ثابت يحكم بين أفراده.. وتقول له أيضا، أن حرّية المرء تنتهي حيث تبدأ حرّيّة الآخرين.

والجدير بالذّكر أن الكاتبة تقوم بدورها الإنسانيّ قبل الأدبيّ.. إذ أن قصّة الطّاووس الحزين تأتي ضمن سلسلة من القصص الموجّهة للأطفال، التي تؤكد من خلالها على ضرورة احترام القانون والالتزام به.. مع العلم أن الكاتبة تنهي كل قصة من قصص هذه السلسلة: بجملة: (يحيا، يحيا، يحيا القانون).

قصّة الطّاووس الحزين كتبت على لسان الحيوانات الأليفة.. بأسلوب ناعم محبّب للطفل.

تتناول القصّة حدثا مؤسفا حصل مع الطّاووس (طاوو)، إذ أنّ بعضا من ريشاته علقت بين ألواح خشبات المقعد في الحديقة العامّة، نتيجة تخريب الخروف (كبشو) للمقعد دون شعوره بأيّ مسؤولية تجاه ذلك.. فذهب ضحيّة ذلك (طاوو)، وفقد بعض ريشاته التي يفتخر بها وتشعره بجماله وعنفوانه، فتحوّل إثر ذلك من الطاووس السّعيد إلى الحزين.

وقد تعاونت الحيوانات الأليفة معه كثيرا.. وحاولت أن تساعده على إخراج ريشاته من التّشققات بحذر شديد.. ليخرجوا بأقل الأضرار الممكنة، ولا يتسببون بإيذاء الطّاووس.

صورة جميلة للتعاون بين الحيوانات الأليفة.. وهذه رسالة أيضا للطفل مفادها ضرورة التعاون مع الآخرين في الأزمات، لنخفف من مصابهم.

ولم يكتف الخروف (كبشو) بتخريب المقعد، بل تسبب أيضا بخراب جهاز المشي في الحديقة، فلما ذهبت النّعامة لتلعب عليه وجدته مكسورا.

قرّرت جميع الحيوانات إعلام مجلس الحديقة عمّا جرى.. وعلموا من الهدهد أن الجاني هو كبشو الخروف، فتم استدعاؤه. اعتذر كبشو وأعلمهم أنه فعل هذا دون قصد، ولم يكن يخطط للتخريب، إلا أنّ كلّ مخالفة لها العقاب المناسب مدوّنة في سجلّ القوانين.

اجتمعت الحيوانات كي تسمع الحكم من رئيسة مجلس الحديقة (الزرافة).. وهي بمثابة قاضي المحكمة.

وكم كانت لفتة جميلة من الكاتبة أن يكون على طاولة الزرافة – أثناء الحكم على كبشو_ مزهرية مزينة بريشات الطاووس الجميلة، التي فقدها نتيجة حادثة المقعد.. فقد سعد (طاوو) بها كثيرا.. وبذلك يتم تذكير الطفل بحجم الخطأ الذي ارتكبه ( كبشو).

قصة جميلة وناعمة وهادفة مزيّنة بصور متقنة ومقنعة للطّفل بريشة الفنانة منار الهرم.

بانتظار القصص القادمة من سلسلة احترام القانون لطفلنا الحبيب.. فما أحوجه لهذه الرّسائل، خاصة في ظل الظروف التي نعيشها.

وقالت رفيقة عثمان:

  قصّة “الطّاووس الحزين” للكاتبة نزهة أبو غوش، تعتبر القصّة الرّابعة ضمن سلسلة “الحيوانات الصديقة في الحديقة” وتهدف هذه السّلسلة بتعريف الأطفال على ضرورة وجود القانون في حياتنا؛ لإكساب الأطفال مهارات وسلوكيّات حياتيّة سليمة، في منهج الحياة الاجتماعيّة، وغرسها في نفوسهم منذ نعومة أظفارهم. في هذه السّلسلة، لعبت الحيوانات أدوارًا مختلفة، وتصدّرت الزّرافة دور القضاء (القاضية) في جميع السّلسلة.

  في قصّة “الطاووس الحزين” كان الطّاووس هو البطل في القصّة، ووُصف بالحزين؛ بسبب نتف ثلاث ريشات من ريشاته، عندما جلس على مِقعد في الحديقة، وكان هذا المِقعد مكسورًا؛ نتيجة العبث في المُمتلكات العامّة ممّا أدى إلى نتف الريشات الثّلاث. 

  هدفت هذه القصّة  إكساب الأطفال مفاهيم أساسيّة نحو المحافظة على البيئة، والحفاظ على المُمتلكات العامة في البيئة المحيطة، وأنّ من يُخالف القانون، يلقَ عقابًا مناسِبًا تُقرّره لجنة التحكيم برئاسة الزرافة؛ من الجدير بالذّكر أنّ الكاتبة نزهة أبو غوش لم تُحدّد نوع العقاب للمخالفات في كل قصّة من السّلسلة؛ لتترك المجال مفتوحًا أمام المرّبين والأطفال لاختيار نوع العقاب معًا بالتشاور والتحاور والتعاون مع الأطفال؛ للوصول لعقاب يتناسب مع الحدث. هنا أجد هدفًا تربويًّا ساميًا، تقصده الكاتبة في تنمية القدرة على التّفكير الحُر والتحليل العلمي عند الاطفال واليافعين، وتطوير القدرة على المشاركة في اتّخاذ القرارات، والرفع من نسبة الثّقة بالنفس لديهم.

  إنّ نشر ثقافة الوعي نحو الحفاظ على المُمتلكات العامّة، له أهميّة كُبرى خاصّةً في مجتمعنا العربي، للأسف هنالك إهمال بالاهتمام بالملكيّات العامّة، كما يُمكن ملاحظتها في الحدائق العامّة والمُتنزّهات، وما يظهر فيها من مُخلّفات الطّعام والأوراق والأكياس (البلاستسكيّة) أو بقايا النار المُشتعلة دون الاهتمام في النتائج المُترّتبة عليها؛ كما وجود العبوات الزّجاجيّة المُلقاة في الشوارع وغيرها من النفايات. أجد بالضرورة المُلحّة لإدخال هذه الثقافة على حياة الأبناء منذ الطفولة المُبكّرة؛ وغرسها في نفوسهم والتعامل مع الممتلكات العامّة كما لو كان المكان هو بيته الخاص به. إنّ غرس هذه القيمة التربويّة، تتطوّر مع الأطفال حتّى يصبحوا بالغين، ومن ثمّ يساهما في الحفاظ والحرص على الممتلكات العامّة، كما تبدو في بعض الدول المُتحضّرة.

  امتازت رواية اليافعين “الطّاووس الحزين” بالتعبير عن العواطف وخاصّةً عاطفة الحُزن وتعاطف أصدقاؤه الحيوانات معه، كما ظهر الطّاووس في الحديقة العامّة عندما شبكت ريشاته بين خشبات المقعد ولم يستطع أن يُحرّكها؛ كذلك اهتمّت الكاتبة بمعالجة هذا الشّعور (الفُقدان) بطريقة تربوية، أدّت إلى الشّعور بالرضى الطّاووس، وذلك بوضع الرّيشات الثّلاث في المزهريّة الماثلة أمام الزّرافة (القاضية). بالإضافة للشعور بالسّعادة لوجود القانون والإنصاف وتجنّب العُنف. إنّ تعاطف الأطفال مع الحدث، يتيح لهم التنفيس عن مشاعرهم المكبوتة، والحديث عن مواقف الحزن التي مرّوا بها.

 من المُلاحظ بأنّ الكاتبة ، اهتمّت باختيار العناوين لكافّة سلسلة القصص السّابقة أيضًا بالتّعبير عن المشاعر؛ مثل: الدّجاجة المذعورة، والخروف الغضبان، والبطّة المُستاءة وأخيرًا الطّاووس الحزين.

  بودّي أن أنوّه، بالنسبة لاختيار الكاتبة لدور القاضية والحكم، له دلالة جميلة ورمز لمنح الأنثى دورًا فعّالًا ومهمًّا في الحياة؛ لتكون قدوةً للفتيات والاقتداء بها مستقبلًا.

  استخدمت الكاتبة اللّغة العربية الفُصحى، والسهلة بطريقة قريبة إلى نفوس الأطفال، والتلاعب اللغوي في المعاني، كما ورد صفحة 15 حول مفهوم المُمتلكات العامّة ” سأل دُغفل والده: هل حنفيّة المياه بالخرطوم في الحديقة ممتلكات عامّة؟ أجاب الفيل: طبعًا، لكن خرطومك هو مُلكٌ خاص بك.  ضحك الجميع”. هنا كان استخدام الاشتراك الفظي وباختلاف المعنى، ضمن السّياق الذي وُجدت فيها الكلمة. يرى بعض الاختصاصيين اللّغوين مثل: الخليل وسيبويه والأصمعي وغيرهم ، “أنّ المُشترك اللّفظي ظاهرة تزيد اللّغة ثراءً وجمالا وأناقةً” إنّ استخدام بعض المُفردات الجديدة على القاموس اللّغوي للطّفل، تثري من قدراته اللّغوية والارتقاء بقدراته في مجال تحسين التنوّر القرائي، ومن ثمّ القراءة وفهم المقروء في جيل مبكّر.

 اتّسمت لغة القصّة، باحتوائها على المفاهيم الأساسيّة التعليميّة، والتي يتوجّب على الأطفال إتقانها قبل الانتقال الى صفوف الرّوضة كتمهيد لفهم العمليّات الحسابيّة المُجرّدة؛ مثل: الأحجام ، طويل قصير – كثير – قريب – مرّة مرّتان  – ثلاثة – عالٍ – مفاهيم الألوان: الأبيض والاحمر- وسط – سريع. 

  احتوت القصّة على 22 صفحة، من الورق السّميك، والغلاف مُقوّى. صمّمت الرسومات على الغلاف وصفحات القصّة، الفنّانة منار الهرم؛ حيث أتقنت إبراز التعابير المختلفة على وجوه الحيوانات والطّيور، بألوان حيويّة وجذّابة لعيون الأطفال.

وقالت هدى عثمان أبو غوش:

في هذه القصّة، تحاول الأديبة نزهة أن تثير قضيّة أهميّة الحفاظ على الممتلكات العامّة وعدم تخريبها،وتبيّن مدى الأثر السلبي الناتج عن السلوك والتصرف الأحمق من خلال شخصية الطّاووس الحزين الّذي تمّ نزع ثلاث ريشات من ريشاته بسبب الخروف كبش الّذي حكّ قرنيه بالمقعد الخشبي،وكسر جزءا منه،وقد حاولت الأديبة معالجة المشكلة من خلال سجّل قوانين الحيوانات الصديقة،وقد جعلت النهاية مفتوحة بالنسبة للعقاب.

اختارت الكاتبة أنسنة الحيوانات كما في سائر سلسلة قصصها في الحديقة من أجل جذب الطفل للاستمتاع والفائدة من خلال أُسلوبها السلس السّهل،ومن أهداف القصّة،هو العناية بالممتلكات العامّة،التعاون يجلب الأمن،الصديق وقت الضيق،الاعتراف بالذنب،اللجوء للقانون.وتساهم القصّة في إثراء عقل الطفل بالمعلومات حول صفات بعض الحيوانات،كالطاووس والنّعامة.

استخدمت الأديبة أُسلوب التّكرار كثيرا، سواء في الأفعال أو الجمل القصيرة.

كرّرت الفعل فَرشَ من أجل تصوير جمال الطّاووس.”عندما فرش ريشاته ونفضها،ثمَّ فرشها مرة أُخرى،اندهشت كلّ حيوانات الحديقة”. تمّ تكرار جملة”في الحال”ثلاث مرات،وتكرار الأفعال التاليةّ: قرّر،رأى،رأس(تم ذكره أربع مرات)،والظرف فوق،من أجل تفعيل حواس الطفل لتحركات الشخصيات.

نلاحظ من خلال قراءة القصّة، أنّ الفعل رأى كان يتأرجح بين المسافات بصورة إبداعية، فمرة جاء من مسافة بُعد “من فوق شجرة الحديقة رأى الهدهد”، ومرة من مسافة قرب”رأى الطّاووس ريشاته الّتي فقدها،موضوعة في مزهرية جميلة فوق طاولة الزرافة” ممّا يمكن الطفل أن يكتسب مفاهيم المسافات.

كان الصوت في القصّة يتأرجح بدرجات متفاوتة،ما بين الهدوء.حيث الهمس،الصوت العالي،صوت النداء،صوت البكاء،وهنا يمكن للطفل أن يتعلّم ماهيّة درجات الصوت. “همست الدّعسوقة في أُذن الأرنب وقالت بأعلى صوتها”، “يستنجد بأعلى صوته”، “سمعت صوت صديقها الطّاووس ينادي”،”وبكى كثيرا.

ظهرت معاني السّرعة في الأفعال التالية بصورة متقاربة(أسرع،هُرع،لحق) وذلك من أجل إبراز الحدث المؤلم الّذي وقع للطّاووس.

أحسنت الأديبة في جعل بعض حيوانات الحديقة يهرعون كلّ بمفرده وبالتتابع،من أجل أن يحسن الطفل التّعرف على أسماء الحيوانات، ذُكر في القصّة كلمة وعكسها،المثنى،حروف الجر.ممّا يثري معلومات الطفل بمساعدة الأهل أو المدرسة.

جاءت الرّسومات الجميلة للفنّانة المبدعة منار الهرم، متطابقة مع نصّ القصّة.

وقال عبد الله دعيس:

الطاووس الحزين قصة للأطفال ضمن سلسلة (الحيوانات الصديقة في الحديقة) للكاتبة نزهة أبو غوش. 

تخلق الكاتبة في هذه السلسلة عالما خياليّا لحديقة تعيش فيها الحيوانات المختلفة، الكبيرة والصغيرة، القويّة والضّعيفة، ويسود هذه الحديقة السلام والوئام، ويحتكم الجميع إلى القانون ويرضخون له إن أساء أحدهم، ويسارع المسيء إلى الاعتراف بذنبه والاعتذار عمّا بدر عنه.

لا شكّ أنّ هذا الخيال يليق بالطفل، الذي يستهويه عالم الحيوان ويأخذه إلى رحلة عقلية ونفسيّة مثيرة وممتعة، يتعلّم منها، دون أن ينفر من أسلوب التّلقين والإملاء والعقاب الذي يسلكه الراشدون في تربيتهم للطفل، وكثير ما تكون نتائجه غير مرضية. وتتطرّق الكاتبة في كلّ قصّة من هذه القصص إلى قضيّة تربويّة أساسيّة، وتصل بالطفل إلى قناعة أنّ السلوك الخاطئ طريق وعر لا يجوز سلوكه، وأنّ المشاكل تحلّ عن طريق التّعاون والعمل الجماعي والاحتكام إلى القانون. 

الموضوع الأساسي في هذه القصّة هو الحفاظ على الممتلكات العامّة، وعدم التّستّر على الذي يقوم بتخريبها، والاحتكام إلى القانون لحلّ المشكلات، ومنها الاعتداء على الممتلكات العامّة.

في هذه القصّة، والقصص السابقة في السلسلة، تعرّف الكاتبة الأطفال بكثير من المعلومات التي تتعلّق بالحيوانات وسلوكها، وتُدخل بعض المفردات والمصطلحات الجديدة المناسبة لعمر الطفل. فكل قصة يكون بطلها حيوان مختلف ويشعر بشعور مختلف: الخروف الغضبان، البطة المستاءة، الدجاجة المذعورة، الطاووس الحزين، فنلاحظ أن الكاتبة تدخل مصطلحا جديدا يتعلّق بالمشاعر مع كلّ قصة جديدة. وتدخل الكاتبة المصطلحات الجديدة ضمن سياق القصّة المشوّق، مثل مصطلح (الممتلكات العامّة).

وفي هذه القصّة تبدع الرّسامة في رسم الحيوانات بأحجام مناسبة ومتناسقة، وتحاول الكاتبة أن تدخل مفاهيم تتعلق بالحجم: فالدعسوقة تصف الطاووس أنّه عملاق، والنعامة رجلاها طويلتان وسريعة، وصغير الفيل هو الدغفل.

وتختار الهدهد ليبلغ الزرافة أنّ الكبش هو الذي خرّب المقعد وآلة الركض، وهو اختيار موفّق يتناص مع قصّة سليمان عليه السلام والهدهد، وحيث أنّ الهدهد يطير ويمكن أن يرى من علوّ، والهدهد جميل لطيف، وهذه صفة حسنة للذي يبلّغ بما يرى، ويتحمّل المسؤوليّة ولا يكتم الأمور السيّئة التي تضرّ بالجميع، فهناك فرق بين الوشاية والاتهام بالباطل وبين أن يقول الشّخص كلمة الحقّ دون خوف ولا وجل، وهذه قيمة أخرى ضروريّة للأطفال.

ولا تخلو القصة من روح الفكاهة، حيث تقول الفيلة الكبيرة لصغيرها خرطوم المياه من الممتلكات العامّة أمّا خرطومك فهو من الممتلكات الخاصّة، وفي هذا تعليم وفكاهة وليس فيه استهزاء إذ أن الخرطوم هو جزء من الفيل لا ينبغي أن يخجل منه.

ومن القيم التربوية الجميلة في هذه السلسلة أنّ المعتدي دائما ما يخجل من فعلته ويسارع إلى الاعتذار عنها ويرضخ لحكم القانون. 

ولا تذكر الكاتبة العقوبة التي يفرضها القانون في نهاية القصّة وتترك نهايتها مفتوحة ليتخيّل الطفل العقوبة المناسبة، فليس الهدف من العقوبة في القانون الانتقام من المعتدي، بل منعه  من تكرار اعتدائه وردع النّاس عن القيام بما يسيء للآخرين.

لقد تضمّنت المناهج الفلسطينية لسنوات طويلة مادة الدراسات المدنيّة للأطفال، واعتمد كثير من المعلمين فيها على أسلوب التلقين وكانت عبئا إضافيا على كاهل الطالب، أمّا النتيجة فلم تكن مرضية فلم يكن هناك تحوّل سلوكيّ نحو الأفضل للطلبة الذين درسوها. إن أسلوب القصّة هو من الأساليب النّاجعة في التربيّة ولا شكّ أنّها ستؤتي أكلها.

. كتبت دولت الجنيدي/ أبو ميزر

. الاديبة نزهة ابو غوش هي أمّ وجدّة، تكتب في مواضيع مختلفة عما يجول في خاطرها وما تختزنه في ذاكرتها ،وتستخلص العبر من احداثها، فتخطّه بأسلوب سهل رائع يشجع على القراءة، وخاصة الكتب التي تكتبها للأطفال وآخرها،  كتاب قصة “الطاووس الحزين” الذي كتب بخط كبير واضح، وبرسومات جميلة ملوّنة بألوان زاهية، بريشة الرسّامة:  منار نعيرات، وبأسلوب هادف، تربوي، تثقيفي، تعليمي للأطفال بأسلوب  يحبّونه عن طريق قصص الحيوانات والطيور،  فيتعلّمون مما يشاهدونه. ويستخلصون النتائج  يتعلم الأطفال من هذه القصة أنّ الحياة الاجتماعية جميلة، اذا التزموا بالأخلاق، والمبادئ؛

 والقوانين. التي تحكم المجتمع وتحافظ على الحقوق، وأنّ الصّداقة والمحبّة شيء جميل ومهم، كصداقة الطاووس طاو والنعامةِ زينة الرياضة شيء جيد وضروري وهام للجميع.                                                          

 يتعلم الأطفال من خلال قصّة الكاتبة أبو غوش، حبّ المساعدة  لمن يحتاجها. كهبّة الحيوانات الأليفة لمساعدة الطاووس. ويتعلمون ايضا، أنّ الاعتراف بالذّنب أفضل من كتمانه، مثلما اعترف الخاروف (كبشو) بتخريب المنشآت العامة، كما ويتعلّم الأطفال من خلال قصّة “الطّاووس الحزين” مفهوم العدالة. كما حدث مع  القاضية -الزرافة الجميلة -التي حكمت بالعدل حسب قوانين الحديقة وأعطت كل ذي حق حقه.

    يتعلم الأطفال أنّ الاشياء الصغيرة التي نقدمها للغير تسعدهم وتبدل حزنهم فرحا، مثل وضع ريشات الطاووس التي ُنتفت في مزهريّة جميلة على طاولة أمام الزرافة؛ كما ويتعلمون انه يجب المحافظة على الممتلكات العامّة؛ لأنّها ملك للجميع.

  لا تَخْلُ هذه القصة من النكات التي يحبّها الاطفال، فعندما قال الفيل للدغفل ان خرطوم المياه هو ممتلكات عامّة، بينما خرطومك هو ملك خاصّ بك.
وقالت هيا سيّد أحمد:

الطاووس الحزين، قصة أطفال لأديبتنا المبدعة نزهة ابو غوش. الرسومات للرائعة منار نعيرات.

 ما يجذبني دوماً في قصص كاتبتنا نزهة، هو أنّها تعلّم الأطفال، الحكمة، والنظام على ألسنة الحيوانات، فكاتبتنا نزهة اخذتنا الى نزهة حيث البراءة والعدالة والحيوانات الجميلة.

تأخذنا القصة الى التعاون والمساعدة وعدالة القانون والحفاظ على المملكات العامة، فعندما جلسَ الطاووس، طاو على المعقد الخشبي وشبكت ريشاته، صرخ بأعلى صوته: للمساعدة، فتجمّعت كلّ الحيوانات لإنقاذه ، هنُا تحثُ الكاتبة الأطفال على المساعدة، ومن ثم تشجعنا على الحفاظ على الممتلكات العامة، وتنوّه الاطفال على الفرق بين الممتلكات العامّة والخاصة، ثم بيّنت في القصة ان الخروف (كبشو) ودون قصد منه أنّه خرّب المقعد الخشبيّ، ورغم انه لم يقصد فعلته يقول: “انا اسف” 

تشجّع الكاتبة الأطفال على الادب والاعتذار

في النّهاية تهتف الحيوانات: “يحيا… يحيا… يحيا القانون. 

اعتدنا على هذه النهاية من كاتبتنا نزهة، وهي تحث على القانون، وليس هناك أعدل من القانون فليحيا القانون.

جميل السلحوت
جميل السلحوت عضو الهيئة الاستشارية / فلسطين

وكتب جميل السلحوت:

الكاتبة نزهة أبو غوش كتابة معروفة، وصدر لها حتّى الآن حوالي عشرين كتابا تراوحت بين القصّة القصيرة والرّواية وقصّة الأطفال، وهي لا تزال في أوج عطائها.

ويلاحظ في قصّة الأطفال هذه “الطّاؤوس الحزين” أنّها امتداد لمشروع الكاتبة الذي يهدف إلى غرس سيادة القانون واحترام الأملاك العامّة في ذهن الأطفال، من خلال شخوص قصصها الخياليّة عن عالم الحيوانات والطّيور؛ لأنّها تلقى القبول والإستحسان من قبل الأطفال.

ففي هذه القصّة التي سُردت بأسلوب انسيابيّ لا ينقصه عنصر التّشويق، شاهدنا أنّ الطاؤوس -ذلك الطّائر الجميل- يتعثّر بمقعد في الملعب الرّياضيّ، ولم يستطع سحب ريشه من المقعد المعطوب إلا بمساعدة بعض الطّيور الأخرى، وبعد أن خسر ثلاث ريشات من ريشه الجميل، ممّا أصابه بالحزن على فقدانها.

وهذا استدعى عقد جلسة لمجلس الحديقة العامّة للتّحقيق بما حدث للطّاؤوس، ولتحديد من قام بالتّخريب في بعض الموجودات كالمقعد الخشبيّ والآلة الرّياضيّة، ليشهد الهدهد بأنّه رأى الكبش يحكّ قرنيه بهما، وكسر أجزاء منهما جرّاء ذلك. فيعترف الكبش بفعلته ويعتذر قائلا: ” أنا آسف لأنّني تسبّبت بتخريب الممتلكات العامّة بدون قصد منّي وبدون تخطيط”ص20. بعد أن سمع ما قرأته الزّرافة في دفتر القوانين:” كلّ من يتسبّب بتخريب الممتلكات العامّة عامدا متعمّدا سيلقى العقاب المناسب.”ص20. ففرح الطّاؤوس لأنّ الإعتداء عليه لم يبق ضدّ مجهول، وأنّ هناك قانونا يحكم الجميع، وهتف مع الآخرين :”يحيا، يحيا، يحيا القانون.”ص22.

والقارئ للقصّة سيجد فيها قيما تربويّة وتعليميّة منها:

– احترام الممتلكات العامّة، وهي “كلّ شيء يخدم الجميع وليس الفرد الواحد فقط، وهو ملك للجميع.”ص 15.

-إسعاف المصابين يكون بمعرفة ودراية ودون عنف، وقد رأينا في القصّة ص8 كيف أنّ الطيّور خلّصت ريشات الطّاؤوس العالقة بالمقعد بحذر شديد؛ كي لا تؤذيه.

– الحثّ على التّعاون بين النّاس، وضرورة مساعدة المصابين ومن هم بحاجة إلى المساعدة.

– ضرورة وجود قوانين تحافظ على العلاقات بين النّاس، وضرورة وجود مسؤولين أكفياء لتطبيق القانون على الجميع.

الرّوسومات والإخراج:

الرّسومات التي خطّتها ريشة منار نعيرات جميلة ومتوافقة مع النّص، والمونتاج والإخراج رائعان، مع التأكيد بأن لا داعي لكتابة كلمة “تأليف” أمام اسم الكاتبة على الغلاف الأوّل ولا على الصّفحة الأولى.

ملاحظة: ورد على الصفحة الأولى للقصّة:الرّسومات: منار الهرم وورد على الصّفحة الأخيرة: الرّسومات: منار نعيرات. فأيّهما الصّحيح؟ وهل “الهرم” و”نعيرات” نفس الإسم؟ أم أنّ أحدهما اسم عائلة الأهل والثّاني اسم عائلة الزّوج؟ وفي كلتا الحالتين لِمَ لم يوحّد هذا الإسم في الصفحتين الأولى والأخيرة؟

-وردت كلمة “بدون” مرّتين في الصّفحة 20، وهذا خطأ فالصّحيح هو دون، بلا حرف الباء، لأنّه لا يدخل على كلمة “دون” من حروف الجّرّ سوى “من”. ولمن سيتساءل حول مقالتي التي أكتبها منذ سنين طويلة تحت عنوان “بدون مؤاخذة” فهو خطأ مقصود؛ لأنّ النّاس ينتبهون للخطأ في العنوان أكثر من انتباههم للصّحيح.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى