لامية الغضب أطول قصيدة في العصر الحديث (المقطع 32)

عبد الصمد الصغير | تطوان – المغرب

مَتى يَقومُ مِنْ ذُكْرانِنا الرَّجُلُ 

من البيت 801 إلى البيت 850 

أَيْقَظْتَ في الْقَلْبِ آهاتِ الْحَياةِ سُدىً
يَـمْـضي إلَـى كَــفَـنٍ عَـبْـدٌ بِـهِ رَحِـلُ

أَوْدَعْتُ في الْقَلْبِ أَسْرارَ الرِّجالِ فَلَمْ
يَـعُـدْ هُـنـاكَ الَّـذي يَـرى وَ يَـعْـتَدِلُ

تَمْـشي بِإِذْنِ الَأَنـا غِـرّاً فَمُـنْبَطِـحاً
تَمْضي بِها حَيْثُ مَفْعولٌ سَيُفْتَعَـلُ

وَلَمْ تَزَلْ تَنْصُرُ الْقُدْسَ الَّتي ظُلِمَت
مِنْ أُولِ قُـرْبِـكَ ظُلْمـاً ما لَـهُ عِـلَـلُ

يَهْوي الْمَقامُ وَقَدْ أَضْناهُ سُخْطُ أَبٍ
بِالْـكـادِ يَعْرِفُ رَأْسـاً وَضْعُـهُ سَفِـلُ

يَبْدو اللَّئيمُ وَقَدْ أَعْـلاهُ عَـضُّ يَدٍ
لِلَّـهِ يُـنْـكِـرُ فَـضْـلاٌ رَبُّـهُ الْــوَكِــلُ

رَمَيْتَنـا في وِعـاءِ غَيْـرِنا قِـطَعـاً
سَحَبْتَنا مِنْ مَقامٍ بِكُلِّ ما يَشْتَمِلُ

لَـقَـدْ دَنــا عــالِـمٌ بِـنـا لِيَـتْـرُكَنـا
كَمـا نَبـاتٌ وَ زَرْعٌ فـاتَـهُ الْهَـطَـلُ

لا يَسْتَحي كَذِباً وَ لا يَرى حَرَجاً
فـي أَيِّ أُنْـثى لَهـا لُـعـابُـهُ يَـسِـلُ

لا لَـنْ أَراهُ سِـوى نَــذْلاً بِـلا قِيَـمٍ
وَ لَنْ يَكونَ سِوى وَرْماً سَيُأْتَصَـلُ

مَهْما يَكُـنْ صامِتاً فَالْوَقْتُ يُعْـلِنُهُ
وَ إِنْ يَكُنْ نـاطِقـاً فَدَعْـهُ يَشْتَكِـلُ

أَمـا كَـفى جَهْـلُ كُـلِّ الْهاتِفيـنَ لَـهُ
تِـلْقـاءَ ذِئْـبٍ سِواهُ عِنْـدَكَ الْحَمَـلُ

أَلا تَـراهُ انْـدِحــاراً وَ انْـبِـلاجَ غَـدٍ
فَـسـادَ ذَوْقٍ أَصيـلٍ جَــرَّهُ السَّفِـلُ

فَـلا يَـراني بِغَـيْرِ الْخَـوْفِ خافِقُـهُ
يَقـولُ : هٰـذا الْأَذى لا بُـدَّ يُعْـتَـقَـلُ

أَسْكَنْتُ بِالْقَلْبِ أَوْجاعَ الشُّعوبِ وَقَدْ
قامَتْ وَقَدْ هَتَـفَتْ شِعْـراً بِهِ الْهَلَـلُ

أُعْطي لِحَرْفي ضَميرَهُ وَإِنْ وَقفُوا
لَهُ وَ إِنْ مَسَّهُـمْ مَكْـرٌ و إِنْ خَذَلُـوا

وَ لَمْ أَكَدْ أَذْكُرُ الْعَـهْدَ الَّذي حَفِظُوا
حَتّى أَتَى يَمْضَغُ الْحَرْفَ الَّذِي فَتَلُوا

وَ لَمْ أَزَلْ أَرْقُبُ الْوَقْتَ الَّذِي نَهَبُوا
وَ لَمْ أَزَلْ أَلْعَنُ الْحُبَّ الَّذِي بَخِلُـوا

لَـوْ أَنَّ أَفْـئِــدَةَ الْأَفْـكــارِ نــابِـضَـةٌ
أَبْقَتْ عَـلى قَدْرِنـا يَعْـلُو وَ لا يَـزِلُ

وَضَعْتَ في النّاسِ ذَوْقاً مالَهُ خُلُقٌ
سَـعْيـاً لِمَـفْسَـدَةٍ تَـدْعـو فَـتَعْتَقِـلُ

اِغْـتَـرَّنـا راحِـلٌ يَـفْـنـى بِـلا أَثَــرٍ
وَ اسْتَوْلَنا ساحِرٌ في يُمْنِهِ الشِّمَـلُ

فَـاسْـتاءَنا زَمَـنٌ إِذْ سـاءَ مُـسْرِفُـهُ
وَ انْتابَني شـاعِرٌ مُسْتَـأْسِدٌ نَصِـلُ

وَ اخْـتـارَنِي قَـدَرٌ جَـرى لِأُنْـشِـدَنا
مَدْحاً هِجاءً وَ أَنْفاساً هِيَ الطِّـوَلُ

عَلِّمْ ضَميرَكَ أَنَّ النَّفْسَ حينَ طَغَتْ
أَعْـمَتْ سَنـا وَ تَجَلَّتْ فيـكَ تَمْتَـثِلُ

طَوِّعْ لِسـانَكَ وَ اشْحَذْ كُـلَّ دافِـقَةٍ
وَارْكَبْ بُحُوراً بِها نَشْدو وَنَسْتَجِلُ

أَتَجْعَـلُ الْقِـرْدَ فيلاً طـائِراً لِعُـلاً ؟!
آلاؤُهُ مِـنْ قِـنــاعٍ فـيـهِ تَـحْـتَـوِلُ

صَبَّ الْفُـؤادُ بِشَـوْقٍ لا حُـدودَ لَـهُ
وَ ضاقَ صَدْري هَوىً يَبْدو فَيَأْتَفِلُ

رَمى لِـقَـلْبي بِأَشْـواقي وَ ظُلْمِهِـمُ
لَمَّـا تَـفَـرَّقَ فـيـهِ الْخِـلُّ وَ النَّـجِـلُ

أَما وَ قَدْ عـادَ لي صَـوْتٌ كَـما كَبِدٌ
يَنْشَـقُّ مِنْـهُ مَصيـرُ الْـوِلْدِ يَسْتَئِـلُ

أَنـا وَ مَن حَـمَـلَتْ أُمِّي عَلى وَهَـنٍ
إِذا دَهانـا الـرَّدى نُبْـلي وَ نَحْـتَمِـلُ

إنّي أراكَ بِـتِلْـكَ النَّـفْـسِ مُنْـشَغِـلاً
دَعْني حَريصاً عَسانِي فيكَ أَنْدَمِلُ

قَدْ هَزَّ قَلْبي قِيـاسٌ صـارَ مُنْـقَلِـباً
وَ كَيْلُ كُـرْهٍ بَـدَا لِلـضَّعْـفِ يَمْتَثِـلُ

جَمَعْتُ أَحْزانَ مَنْ شَبُّوا ومَنْ هَرِمُوا
أَفْنَيْتُ عُمْري خَفيفاً لَيْسَ بي ثِقَلُ

في كُلِّ دَمْعٍ سَلا نَـفْسِي تُـوبِّخُني
عَلى الَّـذي بَـدَا فينـا ساقِطـاً يَئِـلُ

صـارَتْ مَقــاليدُ عِلْـمِنا لَدى عِـوَجٍ
عَكْسَ السَّجـايا وَ سَـدّاً لِلَّذي يَهِـلُ

كُـلُّ الـدَّواهي تَبَـدَّتْ مِنْ بَـذاءَتِـها
أَخْفَوْا دَليلاً وَ هُمْ بُرْهـانُ مَنْ يَفِـلُ

أَيا عِنـانَ السَّمـا قَدْ ضِقْتُ مُنْتَظِـراً
أَطْلِـقْ هُـنا ما بِـهِ نَصْـفو وَ نَعْتَـدِلُ

أَطْفِئْ لِنَيْرونَ نـاراً وَ انْدَلِـقْ مَطَـراً
عَلَّ الْهَوى بِالْأَذى يَخْبُـو وَ يَعْتَطِـلُ

أَمِّـي تَـراني دُمـوعـاً لا أُكَـفْـكِـفُـها
فَتَـذْرِفُ الدَّمْـعَ يَنْـبوعـاً سَيَـقْتَحِـلُ

تَـراكَ وَ اللّــهُ فـي أَوْصـالِـهــا مَـثِـلٌ
تَنُـوحُ وَ الْـوِلْـدُ في أَحْـزانِـها شَـغِـلُ

تاهَتْ عُيونٌ أَطَلَّتْ مِنْ هَوىً وَ رُؤى
بِالْـكـادِ تَنْـظُـرُنـا فـي الْقـاعِ نَـأْتَـفِـلُ

ضاعَتْ سَماءٌ وَ في أَرْضٍ تَرى عَجَباً
وَ الْـتَـفَّ حَــبْـلٌ عَـلَـيْنـا فَـتْلُـهُ خَبَـلُ

مَـوْقـودَةٌ نـارُ أَحْـشـائي … مُـمَـزَّقَـةٌ
وَ مـا يَـزالُ الْأَذى يُـذْكي فَـأَشْـتَـعِـلُ

صِـرْنـا ظِـلالاً وَ قَـدْ ضَلَّـتْ بَصـائِرُنـا
طَـريـقَـهـا قَـبَـلَ سَــيْـرٍ بـاطِـلٍ يَـئِـلُ

يَمْضي مِنَ الرُّوحِ ما قَدْ كُنْتُ حافِظَهُ
يَأْتي مِنَ الـرّأْسِ ما تُمْـحى بِهِ الأُصُـلُ

يَمْضي مِنَ الشَّـرْقِ تـاريـخٌ وَ خـارِطَةٌ
يَـأْتي مِـنَ الْغَـرْبِ مـا تَلْهـو بِـهِ الْعِيَـلُ

لَقَـدْ تَغَـرَّبَ شَـرْقُ الْأَرْضِ فيـكَ هَـوى
تُـلْـقي الْمَـلامَـةَ في أَصْـلٍ وَ تَحْـتَـوِلُ

وَ قَـدْ بَـدَتْ في مَسـارِ الْحُـبِّ بـارِقَـةٌ
عـاشَتْ بِهـا الْأَرْضُ تُـؤْيهـا فَـتَـجْتَـمِلُ

صُبْـحٌ سَـيُشْـرِقُ فـي عَـيْنٍ إِذا نَظَـرَتْ
جَـمْـعـاً لِشَـمْـلٍ بِـرَبْـعٍ يَـبْـكِـهِ الـطَّلَـلُ

عُودُوا إِلى الْحُبِّ وَ اتْرُكُوا الْأَذى عَطِلاً
رُدُّوا حَـيـاةً لِإِنْــسٍ كـــادَ يَـنْـفَــصِـلُ

يـتـبـع ……..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى